قراءة في نبرة حوار "الأخوة تجمعنا"
مقالات الكاتب

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
في الثالث من يونيو/ حزيران 2014 نظّم مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ملتقى ثقافي تحت شعار "الأخوة تجمعنا" ضم عدداً من الكتاب العرب والكرد والتركمان بهدف زيادة التقارب الثقافي وتوحيد وجهات النظر واعتبار الكتاب والمثقفين النواة الحقيقية لصناعة أي قرار موضوعي يأتي أكله ثماراً يافعة، وقد بدأ الملتقى بثلاث أوراق حوارية عربية وكردية وتركمانية.
اتسم الطابع العام بدعوة حقيقية للتمسك بالأرضية التي تجمع الناس المتعايشين عبر التاريخ، والالتفاف حول النقاط المشتركة التي ظلت ناتئة في بيداء علاقات الناس برغم كل محاولات صقلها.
• الورقة العربية ألقاها الدكتور مازن هاشم استهلت بالأسف والحسرة من دعوة الأخ لأخيه إلى الحوار، وﺣﺎوﻟﺖ أن ﺗﻌﻴﺪ ﻗﻀﻴﺔ ﻏﻴﺎب اﻟـــﺤـــﻮار إﻟـــﻰ ﺟـــﺬورﻫـــﺎ، وتؤكد على حتمية الحقوق التي فرضها الله تعالى للناس جميعاً دون منة.
نورد نصها هنا:
"ألا إنها لمن مفارقات الدهر أن يُدعى المرء إلى حوار أخيه. فلقد أظلّتنا نحن جميعاً ثقافةُ حضارةٍ عظيمةٍ نظرتْ إلى الناس نظرة سواسيةٍ بالجذر الإنساني ونبذت التعالي والفخر، وجعلت العمل الصالح المصلِح أساس التفاضل... إلى أن ابتعدنا عن بوصلتنا التاريخية وتسرّبت إلى مياهنا إديولوجيات فاسدة، فنضبَ الضرع وعطِشَ الزرع ونبتت الشجيرات الخبيثة تفرّق بين أطياف المجتمع وتوغر الصدور وتنفخ في كِبْر النفوس وتدعو إلى جاهلياتِ التعصّب.
لم أختر لنفسي في أي بقعة من بقاع الأرض أُولد، ولكني أحب ما ولِدّت فيه، وهل من الأدب ألا أُجلّ ما اختاره خالقي لي! وإنّ من طبائع النفوس أن يحبّ المرء الجوّ الذي ترعرع فيه وأن يجدَ فيه دفأً وسكينة. وكما أنّ الأسرة هي المحضن الأول للأفراد، فإنّ العشير الذي ينتمي إليه المرء هو المحضن الواسع الذي يلمّ جمع الأسر. والأسرة تزرع في أفرادها الخلق الرفيع وترعى حاجاتهم الأساسية، أطفالاً أكانوا أم شيوخاً ضعافاً بعد كهولةٍ وقوةِ شبابٍ. وفي كنَف الحيّ والقرية والبلدة تتخاطب الأسر وجموع الأفراد وتتفاعل وتتلوّن أنشطتها لينشأ مجتمعٌ كبيرٌ له قيمُه وثقافته وعاداته ولغته.
وهكذا يتشكّل التنوّع البشريّ مجذّراً في بعدين اثنين. البُعد الأول هو التأقلم مع البيئة المادية (الصلبة) للحياة التي تفتّقت فيها التجربةُ المخصوصة للقوم على نحو مهارات عيشٍ وتفاعلٍ مع الموارد المتوافرة الضرورية لقيام الحياة والتي تعِد بالرغد والأمان. والبُعد الثاني هو الثقافة التي تمثّل المفاتيح الرمزية (الشيفرة) التي تنظّم حياة هؤلاء القوم. فالتقاليد الشعبية والعادات والأعراف كلها وسائل (ناعمة) هي ضرورية أيضاً في حياة البشر، حيث تعمل على إفصاح القيم العليا للمجتمع وعلى وضع ضوابط تحمي هذه القيم وتشجّع على تمثّلها والتزام مقتضياتها. ويتوّج هذا كلّه لغةٌ هي مفتاح سرّ الثقافة ومخزن تحصيلها والسجلّ المعنويّ لتاريخ الأمة.
وكما أن للأسرة ذكرياتٌ يتناقلها الأولاد عن فضل الأجداد والجدّات، وعن جهادهم وما لقوه في هذه الدنيا من عنتٍ وما قاموا به من كدحٍ وما أصابهم من رغدٍ وما ضمهم من فرحٍ وسرور... كما أنّ هذا طبيعيٌ بحقّ أصغر وحدةٍ في المجتمع، هو أيضاً صحيحٌ في الجماعة الكبيرة قبيلةً أو شعباً.
أقف بين يديكم لألقي كلمة عربي وأنا أتخاطب مع نفسي في محاولة تشخيص معنى انتماءي هذا... معنى عربيّتي. وابتداءً أعترف بأنه انتماء غير اختياري لم يكن لي في تحصيله كسب، ولذا ليس لي حقٌ في التباهي به، إذ كيف يتباهى المرء فيما لم يكدَّ به ويتعب.
ولكني أحبّ اللغة العربية، وأشعر نفسي عربياً بهذا المعنى... وإني لأطرب للشعر العربي، كما تكتحل عيناي بقراءة المنثور الرصين الذي تفنّن فيه كاتبه في تطويع الرمز للمعنى وفي إغناء المعنى بمتناثر الحروف.
وزادني شعوراً بهويتي انتشار شائعاتٍ عن ثقافتي التي وقعتُ في حبّها. فزاد تعلّقي بسُمرتها، وطفقت أهيم في جبالها وأوديتها، وأجوب صحاريها وبحارها، فوجدت ساكني هذه البقاع من ألوانٍ مختلفة ومللٍ متنوعة وعاداتٍ متفاوتة، جمعتهم لغةٌ وحضارةٌ، وتاريخٌ ومعاناة.
ولقد سافرتُ وارتحلتُ وتعلّمتُ لغة قومٍ آخرين، لا يجمعهم مع منبتي القومي شيءٌ غير الأخوّة في الإنسانية. وكان تذوّقي للغة غيري مفتاحاً لفهم ثقافتهم وفضاء مخيالهم، فخفّف ذلك غربتي وأضاف بعد طول مكثٍ طبقةً جديدة في تكويني. ثم أدركت وشعرت أنّ الهويات هي طبقات موجٍ متداخلة، لا تنفي واحدةٌ الأخرى.
أعود لأقول، إنه لمن الغريب أن يُدعى الأشقاء إلى التعارف. غير أنّ سياساتٍ ظالمةٍ وإديولوجيات قوميةٍ فاسدةٍ ملأت العقول وأوغرت الصدور وقدحت الشكوك وأدخلتنا حجراً مظلمة. وها نحن نوقد مصباحاً صغيراً فنرى وجوهاً قد افتقدناه طويلاً، وما أن نُبسَت أولى الكلمات حتى أدركنا من منطق اللسان وملامح الوجه أنه هو الأخ والأخت الذي حالت بيننا وبين التواصل معهما الظروف... فإذا بهذا اللقاء المفاجئ يدفعنا بقوة إلى مراجعة ذكرياتنا في جوٍ من الثقة والتفاؤل، فتلاقحت الأفكار وتعانقت المشاعر وتوجهت الأبصار نحو مستقبلنا المشترك، سقفاً نبنيه معاً.
أبارك لنفسي المشاركة في هذا اللقاء الكريم... وأقف هنا مسروراً بمأدبةٍ ثقافيةٍ مليئةٍ باللطائف. إنّ الثقافات مُلكٌ للبشرية، ليس لأي إنسان حقٌ في هدمها أو تهميشها. وإنّ من أكبر الطغيان أن يُعتدى على هوية الإنسان وثقافته التي يستنشق هواءها. وإذا كان الاعتداء على مال المرء وملكه يحيله فقيراً، فإنّ الاعتداء الثقافي يحيل بيئة الناس إلى قفرٍ لا ينبت فيه زرع.
وإنه لا معنى للحرية إذا كان المرء لا يستطيع أن يتكلمَ لغته ويحتفلَ بثقافته. وإذا كانت الحدود القانونية توضع لتحميَ الحقوق، فإنها لن تنفع ما لم يقترنْ معها، بل يسبقْها، تفاهمٌ ثقافي وعزمٌ على احترام الآخر وتصميمٌ على مؤاخاته. وإذا كان الكردي والتركماني في مدينتي التي نشأت فيها هو صديقي الذي جمعني معه ماءٌ وإدامٌ، فلِمَ لا يكون هذا بيني وبين أخي في الشمال أيضاً؟
وإنّ على السلك السياسي أن يخدم النسق المعيشي للشعوب، لا أن تعتديَ بيروقراطيات الحداثة ودهاليز مكاتبها على الثقافة والدّين والهوية. وإنه لا بدّ للنظام الإداري أن يكون مرآةً للتنوع الثقافي، يزيده تألقاً ولا يحشره في زوايا ضيقة.
تمرّ بلدنا التي ترعرعنا فيها، سورية، في محنة تاريخية قلّ أن تشابهها محنة في تاريخ الشعوب. وإنّ مسيرة المستقبل ليست سهلةً وتتطلب نضوجاً غير اعتيادي. وليس عندنا وقت للهو أو للحساسيات أو للتعصّب... وليس لنا خيارٌ إلا أن نعيش معاً بسلامٍ أو نسقط معاً في درك الشقاء. والطريق أمامنا غير معبدة، طريقٌ وعرةٌ، ولكننا سوف نذلّلها بجهودٍ جبارة بعد أن انكشف الغطاء وعمّت الحكمة وتصافت الصدور... جهودٍ تتكاتف فيه قدراتُ المجتمعات الثقافية والقوميات المختلفة في مسيرة واثقة لا يثنيها عن إقامة العدل شيء.
وأرجو أن يكون هذا الملتقى فاتحة خير، لأنه حين تتلاقى الأرواح أولاً وتتعارف سرعان ما تتراصّ السواعد في صفوفٍ ليس فيها ثغرات، فيصبح الجسد الواحد قادراً على النجاح في العمل المشترك. وكلّي أمل بمستقبل كردي تركماني عربي مُشرق، والسلام عليكم ورحمة الله".
• أﻣﺎ اﻟﻮرﻗﺔ اﻟﻜﺮدﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ الكاتب والمخرج اﳌﺴﺮﺣﻲ اﻟﻜﺮدي اﻟــــﺴــــﻮري أﺣـــﻤـــﺪ إﺳــﻤــﺎﻋــﻴــﻞ ﻓــﻘــﺪ ﻋـــﺒـّــﺮت ﻋـــﻦ اﻹرث اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﻠﻘﻤﻊ اﻟــﺬي ﻣﺎرﺳﺘﻪ ﺳﻠﻄﺔ اﻟﻨﻈﺎم ﺿﺪ اﻟــﻘــﻮﻣــﻴــﺎت ﻏــﻴــﺮ اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ، والرغبة الملحة في الالتقاء الثقافي وأن يلعب المثقف العربي والكردي دوره التاريخي في هذه المرحلة الراهنة.
والكلمة كما وردت:
"ليس الحوار من أجل التفاهم والتواصل بين الأفراد والجماعات بالجديد في تاريخ البشر، فمنذ بدء الخليقة والإنسان في حوار مستمر لم يقتصر على بني جلدته بل تعداه إلى كل الكائنات المرئية وغير المرئية، الجامدة والحية.
فقد عني فلاسفة الإغريق بالحوار وأفردوا له مكانة لائقة في كتاباتهم، كحوارات سقراط ومحاورات أفلاطون. ناهيك عما قدمه المسرح الإغريقي في هذا المجال، ففتح باب الحوار حتى مع الآلهة، ولقد كان معيناً وزاد للحضارة الغربية التي انطلقت من جديد في عصر النهضة.
وبالعودة إلى تراث المنطقة وتاريخها سنجد أن السومريين كانوا من أوائل من لجأ إلى الحوار، وذلك في شكل قصائد شعرية، كالحوار بين السيد والعبد، وحوار النسر والحية، وفي عهد الخليفة العباسي المأمون تحولت المناظرات والحوارات بين الأديان المختلفة، حتى غير السماوية، والمذاهب إلى تقليد له أصوله، وذلك برعاية من الخليفة نفسه. ولم يغفل القرآن الكريم هذا الجانب بل ذكره في أكثر من موضع، كهذه الآية الكريمة التي تظهر الدعوة إلى الالتزام بآداب الحوار بشكل واضح إذ يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
ولقد برز المعتزلة في التاريخ الإسلامي كأولى المذاهب المعنية باحترام حق الاختلاف قبل غيرها من المذاهب إذ كان العقل في فكرهم هو المرجع الأول حتى في الإيمان.
وفي النصوص الدينية الإيزيدية الكردية القديمة، كالحوار بين الأرض والسماء، والحوار بين الأستاذ والتلميذ، ما يؤكد عنايتهم بهذا الجانب.
إن كل ما سبق الإشارة إليه من حوارات ومناظرات فكرية وأدبية ودينية، وما حفل به الفكر الأوربي من دراسات ونظريات بهذا الخصوص، يشكل زاداً معرفياً وفكرياً وروحياً وبوصلة يسترشد بها المثقف في استخدامه الحوار من أجل ترسيخ مبادئ العيش المشترك بين مكونات الشعب السوري.
لا شك أن مفهوم العيش المشترك مثل باقي المفاهيم، ليس واحداً لدى الجميع، فهو يختلف من جماعة لأخرى، وخاصة لدى الجماعات السياسية بمختلف توجهاتها، لأسباب يطول شرحها في هذه العجالة، إذ أن كل منها مرهون بجانب دون الآخر، كالقوة أو المصالح أو الأجندة أو حتى الثقافة والتربية الاجتماعية، تقرأه كل جماعة من زاوية معينة، ومنظور خاص بها، يتقدم فيها عنصر من عناصره المكونة على غيره، حيث يتقدم عنصر الأمان لدى جماعة على الحرية، أو يتصدر جانب التسامح على المكاشفة والنقد لدى جماعة أخرى، وأمن الوطن على الخصوصية لكل مكون، في قراءات وشعارات تطفح على السطح كلما غرقت البلاد في أزمة، لتنحسر مع نهاية الأزمة، ثم تعود المشكلة مرة أخرى، وبأسلوب جديد، وهكذا دواليك، كل ذلك لأن هذا الحوار كان آنياً، ووليد اللحظة، وبقصد إدارة أزمة، وهو قبل كل شيء سياسي بامتياز: في كل مفاصله ومفرداته، ولقد أثر ذلك كله على مصداقية حوار الساسة في الشارع السوري، وعدم جدواه، لأن السياسة كانت على الدوام، ولجملة من الأسباب، محل شك وارتياب، بل وسخرية، في ظل كل ما سبق تبقى الثقافة الحقل الذي مازال يحتفظ بمصداقيته ونزاهته، رغم حرص كثير من المثقفين على البقاء بعيداً عن قضايا ساخنة ذات بعد سياسي أشكالي على أكثر من مستوى، مثل قضية الأقليات الدينية والأثنية، والاكتفاء بدور الجناح في ملعب السياسيين.
ولقد أثبتت الأحداث والتاريخ خطأ هذا الموقف. وفداحة الثمن الذي تم دفعه.
وبالضد من كل ما سبق حدوثه يأتي دور المثقف في منح مفهوم التعايش الأخوي المشترك في الوطن بما ينسجم مع طبيعة الثقافة في بعدها الإنساني العميق والاستراتيجي.
وذلك لن يكون بلا إقرار بأن الحوار الذي سيستخدمه لن يكون آنياً ولا مرتبطاً بأجندة سياسية، وأساسه المكاشفة واحترام الرأي والرأي الآخر والاعتراف به، ويبدأ بنقد كل ما سبق حدوثه من ظلم وغبن في جرأة تليق بالمثقف، والهدف النبيل الذي يسعى لتحقيقه.
قد يكون من المفيد، والمثير للسخرية والتأمل، مراجعة موقف النظام من مسألة الأقليات، ومنها الشعب الكردي في سوريا، في زعمه اليوم أنه الحامي لها من غلو الأكثرية العربية والسنية، وحماية هذه الأكثرية ووطنها من أحلام هذه الأقليات، ومساعيها لاقتطاع جزء من أرض الوطن وإلحاقه بدولة أجنبية، التهمة التي كان يكررها النظام ضد كل كردي خاصة يرتفع صوته ضد سياسة التهميش والغبن والقهر بحق شعبه، وتسويق هذه التهمة في الشارع العربي، واعتقال صاحبه، حتى ولو كان الصوت ينادي: عاشت الأخوة العربية الكردية، كم فعل في بداية سبعينات القرن الفائت مع مجموعة من الشباب الكرد الذين رددوا هذا الشعار في حفل عام، في سياسة تهدف إلى ضرب كل ما يؤصل العيش المشترك بين كل المكونات الوطنية.
ومنذ ذلك الحين بقي رد فعل النظام هو هو، المزيد من الاعتقال، والتشويه، على دعوة الكرد للأخوة الكردية العربية، دون أن يجد الكرد من يردد صدى هذا الشعار في الشارع العربي، لا أدبياً ولا فكرياً ولا سياسياً، خلا استثناءات قليلة جاءت بشكل مهموس وفي أوقات عصيبة وبقصد إنساني أقرب إلى الشفقة منها إلى شيء آخر، وطني أو حضاري، بل أن أصوات مشبعة بثقافة التركز على الذات والتخوين تعالت في مقارنة مطالب الكرد بالمشروع الإسرائيلي، وبأن "خودي"، الذي يعني باللغة الكردية الله، قد وعد، على غرار رب الصهاينة، الكرد بوطن قومي، ولذلك لابد من الحذر من هذه الملة وعدم التعامل حتى مع الطبيب الذي ينتمي إليها لأنه سيصف السم للمريض العربي بدل الدواء الشافي.
هذا ما كتبه باحث عربي أبان انتفاضة الثاني عشر من مارس/ آذار سنة 2004، وكتابات أخرى في الصحافة السورية لكتاب سوريين وعرب، تماماً كما ظهر ذلك في كتابات عربية إثر الانتفاضة الكردية في العراق في تسعينيات القرن الفائت، تصدى لها الباحث الكردي السوري إبراهيم محمود في كتابه "صورة الأكراد عربياً" بالنقد، وقبلها ظهرت كتابات من هذا القبيل في سبعينات القرن الفائت لكتاب عرب أمثال عبد الرحمن مجيد الربيعي في قصة له بعنوان روناك، وجمال الغيطاني في "حراس البوابة الشرقية"... وكتابات أخرى متفرقة، دون أن يكتب مبدع عربي نصاً أدبياً يتناول فيه شخصية كردية أو حدثاً كردياً يُعرف القارئ العربي بشريكه ومواطنه الكردي، خلا قصة للكاتب السوري إبراهيم الخليل، وقصيدة للشاعر الكبير محمود درويش. وأخرى لمهدي الجواهري.
ومن الضرورة الإقرار بما حدث في الثاني عشر من آذار سنة 2004 في قامشلي من انتفاضة عارمة مازالت تسمى لدى الكثيرين بالفتنة، من نهب لمحلات الكرد وبيوتهم، وما يحدث الآن في مدينة الحسكة، من اقتتال دموي، ليس سوى نتاج ثقافة غير أصيلة، ترتكز على المشاعر والانفعالات ومساحات فارغة من وعي أبناء الوطن الواحد التي لم تجد من يستثمرها ويملأها سوى مروجي التعصب والعنف من ساسة وأنصاف مثقفين وأرباع متدينين، مستعلين غياب ثقافة ترتكز على مفاهيم حضارية ووطنية مختلفة عن كل ما سبقها، الآخر فيها ليس عدواً، والاختلاف ليس خلافاً، والحوار ليس جدلاً أطرافه يتخاصمون، بل أنداداً يتفاهمون.
ثقافة مبنية على أسس ومرتكزات قوية مثل قيم حقوق الإنسان، والاعتدال، والاعتراف بالآخر، وتقبله، والإقرار بالشراكة الوطنية التي تستند لحقائق تاريخية ووقائع اجتماعية وروابط مصيرية تجمع بين الشعبين اللذين يجمعهما جسد الوطن الواحد منذ تاريخ موغل في القدم، لم تستطع المآسي التي تعرض لها الكرد على يد النظام البعثي الشوفيني ومن جسد سياسته وانتهج نهجه في الشارع العربي ممن قمع الكرد بالأمس بوجه سافر وراح يكرر فعلته اليوم ضدهم وضد عموم الشعب السوري بقناع يغطي الوجه أو عصابة سوداء على الرأس.
إذا كان الحوار الذي يسعى إليه اليوم المثقفون من كل طرف بقصد التفاهم، فلا بد من الإسراع بالقول: إن التفاهم بين المكونات الوطنية، وخاصة بين الكرد والعرب، كان موجوداً منذ زمن بعيد، وهو يتجسد في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة المشتركة بينهما، بهذا الشكل أو ذاك، بدءاً بالمطبخ وعاداته، وليس انتهاءً بعلاقات المصاهرة، والجيرة، والعمل، والحقل، وإن بشكل عفوي وبسيط، والحوار الجاري بين النخب ما هو سوى تتويج لما كان موجوداً بين أبناء الوطن الواحد، والارتقاء به إلى حوار حيوي وشامل، يترفع عن الجدل العقيم بين أدعياء الثقافة الظلامية والأحادية التي يزعم كل خصم فيه أنه يمثل صوت قومه. أو المناقشة بين مثقفين هدفهم الاستعراض أو حتى التعبير عن وجهات النظر.
لقد أثبت التاريخ الحديث فشل كل المشاريع القومية، العربية منها والكردية، التي لجأت إلى حرق المراحل وإلغاء الوحدة الوطنية المبنية على أسس المشاركة الفعلية لكل أبناء الوطن الواحد في كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وبغض النظر عن الانتماء العرقي أو الديني والمذهبي، ليصبح كل توجه من هذا القبيل في هذا الزمن بالذات ضرباً من الغباء السياسي، وهروباً إلى الأمام من استحقاقات هذه المشاريع، وأسسها، من تنمية وعدالة وحقوق إنسان وشراكة وطنية في البلد الواحد.
وإذا كانت الخطوة الأولى في هذا الاتجاه تبدأ بالبحث عن المشتركات، وهي في الحقيقة أكثر من أن تحصى، حاضراً وماضياً، سجلها التاريخ لنا في معركة حطين التي وقعت في يوم الرابع من مايو/ أيار سنة 1187 بقيادة صلاح الدين الأيوبي، بجيوش كردية وعربية وتركمانية تحت راية واحدة هي الإسلام، بالعودة إلى تاريخ سابق عليه بزمن بعيد، تجسد فيما حدث سنة 612 قبل الميلاد حين تحالف الميديون والبابليون ضد عدوهما المشترك الإمبراطورية الأشورية.
وكما في الماضي، فما زال التاريخ القريب والقريب جداً يقدم لنا أمثلة لا تحصى عن الروابط والعلاقات والمصالح، زادتها المعايشة وصلات القربى والتاريخ المشترك حيوية ومتانة وأصالة، وبقيت ثابتة رغم كل ما أصابها من تصدعات بفعل فاعل، لم يكن لعمله أن يتكلل بالنجاح لولا جهل كل طرف بحقيقة الطرف الآخر وخصوصيته ومدى ارتباطه بالأرض والوطن وطبيعة هذا الارتباط وحقيقته.
ولأن الثقافة ذات الطبيعة الإنسانية في مطلقها الحضاري هي التعددية، والعقلانية، فهي المؤهلة أكثر من غيرها للعب هذا الدور، شريطة أن يكسر المثقف محارته، ويتصدى لكل القضايا الحيوية والساخنة بجرأة.
كتب بول باران يقول: "إني اقترح أنه, عندما يتعلق الأمر بموقف إزاء القضايا التي تطرحها الصيرورة التاريخية بأكملها, يجب أن نبحث عن الخط الفاصل بين العمال الفكريين وبين المثقفين؛ إن الرغبة في الكشف عن الحقيقة ليست إذن سوى أحد الشرطين ليكون الشخص مثقفا. أما الشرط الآخر فهو أن يكون شجاعا, أن يكون مستعدا للذهاب بالبحث العقلاني إلى أبعد مدى .. أن يقوم بنقد صارم لكل ما هو موجود، صرامة تحول دون تراجع النقد، لا أمام النتائج التي يقود إليها هو نفسه، ولا أمام الصراع مع السلطة أياً كانت.
أعتقد أن هذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق بل إلى تطبيق.
فهل نفعل ذلك أم نترك شعبنا ينتحر بنصال الجهل والعصبية؟".
• اﻟﻮرﻗﺔ اﻟــﺘــﺮﻛــﻤــﺎﻧــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ أعدها ﻧــﺎﺻــﺮ اﻟــﺤــﺴــﻮ، جاءت لتؤكد الامتزاج والتعانق الثقافي التركماني مع الثقافات التي تعايشت معها عبر التاريخ سواء العربية أو الكردية وأنها جزء لا يتجزأ من الإرث الحضاري الذي تفتخر به شعوب المنطقة، كما جاءت الورقة التركمانية ﻟﺘﻨﺒﺶ ﻓــــﻲ اﳌــــﺎﺿــــﻲ ﻣــــﻦ أﺟـــــﻞ وﺿـــــﻊ اﻟـــــﺤـــــﻮار ﻋـــﻠـــﻰ ﺳــﻜــﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺮاﻫﻦ واﻻﻧــﻄــﻼق ﻣﻨﻪ إﻟــﻰ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ:
"السادة الحضور، الإخوة والأخوات :
جئنا اليوم إلى هذا الملتقى الثقافي العربي الكردي التركماني الأول، الذي يعقد بعد الثورة السورية المباركة، من أجل ترسيخ كلمة ( قرداشلق- kardaslik ) أي الإخوة التي تجمعنا كتركمان وعرب وكرد، ولإعادة تمتين الجسور بعد عهود من الانقطاع القسري نتيجة سياسات البعث الشوفينية، إن الإنسان التركماني الذي عرف عبر التاريخ بتسامحه وحبه لوطنه ودينه وقدرته على الاندماج مع كل المجتمعات التي يتواجد فيها، لما يحمله من فكر ثقافي ووطني منفتح بعيدٍ عن التعصب والانغلاق على الذات، وقد وهب التركمان للحضارة العربية والإسلامية عدداً هائلاً من المفكرين والقادة والشعراء أمثال: البخاري ومسلم وابن النفيس والرازي والفارابي والظاهر بيبرس ومحمد الفاتح ونزار قباني ويوسف العظمة الذي قدم جده حسن بك تركمان العظمة من قونية واستقر في حي الميدان الدمشقي وكان آنذاك قائداً للقوات الإنكشارية الميرلية في دمشق.
إن حوار الثقافات هو مشروع حياة البشرية ومستقبلها، والمنهج الحضاري الذي يدفع الشعوب إلى أن تتعاطى مع بعضها بالأسلوب الإنساني الرفيع القائم على أساس التعارف وتبادل الأفكار لا الخصام، كما أن الحوار طريق البشرية الوحيد بل هو ضرورة حياتية في الظروف الراهنة من أجل إنقاذ سفينة سورية التي توشك أن تغرق وبالتالي نغرق معها جميعاً، ومن ثم يبغي على الجميع تتدارك هذا الأمر وتوفير الظروف المناسبة للقيام بهذا الحوار من أجل الأجيال القادمة.
ويؤمن التركمان أن الحوار الثقافي يجب أن لا يقوم على مبدأ العنف الثقافي، ويجب التأكيد دائماً على المشتركات الإنسانية والالتزام الجماعي بمقتضيات المصلحة الوطنية والاتجاه بمنحى إنتاج ثقافة حوار وطنية، تظهر المكونات الثقافية لجميع القوميات التي تتكون منها المجتمع السوري من أجل إعادة رسم مسار ثقافي توحد جميع المواطنين السوريين، من خلال قيم العدالة والحرية، ويُشعر بالتالي كل الثقافات أن ثقافتهم وعاداتهم وميراثهم الفكري لها مكانة في بناء الدولة السورية، فمن حق الثقافات الغير العربية اليوم وجود اعتراف رسمي من قبل المؤسسات الثقافية الرسمية بحق الاختلاف والتمايز التي تمتلكها هذه الثقافات ببعض جوانبها عن الثقافة العربية وأهمها اللغة والتراث الشعبي.
إن الهوية الإنسانية تتشكل أساساً بالحوار، والحوار يتطلب وجود الآخر، وهذا يعني أن الإنسان معزول في جو من الأجواء عن كافة الاتصالات يعد مشكلة كبيرة، لأن ذلك يعرضه للخطر والهلاك فالإنسان اجتماعي بطبعه ولا يمكنه إلا أن يكون كذلك.
ونتيجة لهذا فإن التركمان الذين حرموا في عهد البعث من كافة حقوقهم الثقافية والتعليمية، فقد حرمنا من إقامة المراكز والفعاليات الثقافية، وفتح الجمعيات ومراكز تعلم اللغة التركية، وكان كل من يتقدم بأي مشروع باسم التركمان للدولة للترخيص يكون مصيره الاعتقال والدخول في غياهب السجون، ورغم كل شيء مازلنا نؤمن بالحوار سبيلاً لحل كل مشاكلنا.
إننا لا نشعر بأننا بعيدين عن الثقافات الأخرى، لأننا في حالة تمازج مع هذه الثقافات ففي قرانا التركمانية يعيش التركماني جنباً إلى جنب مع أخيه الكردي والعربي، دون أن يشعره بأنه منبوذ أو أنه يختلف عنه في اللغة وبعض العادات، فالمهم لنا هو الإنسان أن يكون إنساناً بغض النظر عن لغته ودينه، هكذا تعلمنا من أجدادنا وهكذا سوف نبقى نعلم الأجيال التي تلينا، إن التركمان الذين يعتبرون أصل الترك كانوا عبر جميع مراحل التاريخ منتجي حضارة وإمبراطوريات سواء ما قبل الميلاد أو بعدها فكيف لا يكون ذلك وهم الذين أجبروا الشعوب الصينية على بناء جدار الصين العظيم الذي انتهى بناؤه في عام 204 ق.م خوفاً من الغزوات التي كانت تشنها القبائل التركمانية من الترك والمنغول ومنشوريين عليها في عهد أسرة تشين.
وتواصل الدور الحضاري للتركمان في شرق آسيا والمنطقة العربية في عهدي الدولة الأموية والعباسية نتيجة دورهم الفاعل فيها ومن ثم برز دور السلاجقة والماليك الذين هم من التركمان انتهاءً بالدولة العثمانية التي حكمت أجزاء واسعة من العالم من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب تركوا خلالها صفحات تاريخية ناصعة وخالدة لأنها كانت مليئة بالانتصارات والإنجازات العلمية وإحدى أهم المراحل التاريخية التي أنتشر فيها الدين الإسلامي بكثرة فيها في أوربا وروسيا ودول جنوب شرق آسيا، واليوم نحن أحفاد هؤلاء العظام نحاول أن نستمر بالمسيرة الحضارية تلك بعقل وقلب منفتح على الآخرين وعلى ثقافتهم، وكما كان يقول أجدادنا : لن نأخذ الصف إلى جانب الظالم أبداً بل سنكون إلى جانب المظلومين دائماً وأبداً، فهذه هي رسالة التركمان الخالدة عبر التاريخ وستستمر حتى نهاية الكون.
والحوار لكي يؤتي ثماره يتطلب دائماً وجود مجتمع تجاوز مشاكل الأمية ومشكلة سيطرة الفكر الإيديولوجي المنغلق على ذاته، وهذا يتطلب منا اليوم أن ننظر بجدية في كيفية تجاوز أخطاء المرحلة الماضية، الذي أسس للعنصرية والطائفية عبر سلسلة من الممارسات الخاطئة، الأمر المهم لنا يجب أن نتحرك في الحوار نحو نقطة مشتركة، فالقرآن كريم يقول: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64].
وبناءً على ذلك توجد كلمة مشتركة عبّر عنها القرآن الكريم، فلم يقل تعالوا إلى كلمتنا، وهذا هو الموضوع المحوري الذي كنا دائماً بالحاجة إليه وحرمنا منها طويلاً، إن بناء مجتمع قوي متماسك اجتماعياً ومؤثر فكرياً واقتصادياً لا يكون عبر فرض ثقافة نمطية تهمش الآخرين وتفقد قدرة العقل على تطوير الأدوات الفكرية لكي تناسب متطلبات التغيير الذي تشهده العالم في كل المجالات، إن الثقافة النمطية في سوريا التي أسست مبدأ هيمنة القوة وتعظيم دور المؤسسات الأمنية في الدولة وبالمقابل تحجيم دور المؤسسات التعليمية والثقافية والقضائية أنتجت أجيال من السوريين مقهورين ومنهزمين فكرياً ومن كل القوميات، ليس فقط من أبناء القومية التركمانية، هذه الثقافة التي أسست مبدأ تخوين كل من يعارضنا الرأي فأصبح الاختلاف خلافاً، وأعطى المجال للإعلام والدول الخارجية تأويل الثقافات في سوريا بما تخدم سياساتها في ظل غياب تام لدور المثقفين وللمؤسسات الثقافية لتوعية العامة لتتدارك انجراف المجتمع السوري نحو الاقتتال الطائفي والقومي وبالتالي تتشظى الجغرافيا السورية لـ "كانتونات" ودويلات متصارعة فيما بينها. إن مهمة المثقفين اليوم هي التحرك نحو إيجاد وتفعيل النقاط المشتركة بيننا وهي كثيرة فنحن نتشارك في الدين والتاريخ والجغرافيا.
فلقد أثبتت الوقائع والممارسات الميدانية السياسية خطأ التطرف في التمسك بالحبل القومي إلى حد إلغاء الآخر المتعايش مع الأنا التي تتضخم حالة مرضية تنذر بأفدح الخسائر وأبلغ الأخطار، فنجد الكثير من المفكرين والباحثين حتى يومنا هذه ونتيجة الوعي السياسي الخاطئ نجدهم متمسكون بالقومية ويتشددون في ذلك إلى درجة أنهم ينكرون وجود الآخر، لأي شعب أو أقلية أخرى بالرغم من الوجود الفعلي وينظرون إليها بدرجة من الريبة والشك علينا اليوم كمثقفين اختراق جدار التعصب القومي والتخلص من الترسبات الفكرية التي رسخها نظام البعث “الشوفيني”، وإنتاج حالة ثقافية وفكرية وسياسية تكون رداً على الظلم والقهر والتخلف والاستبداد وسياسات إنكار الآخر.
إن الوطن لا يتمزق عندما يجري الاعتراف العادل بالحقوق، بل عند استيلاء البعض على حقوق البعض الآخر، وإنكار وجودهم الوطني والقومي في الدولة الواحدة وتشويه تاريخهم ودورهم النضالي.
في النهاية نود القول: إن اللقاء الثقافي هذا والدعوة للحوار فيه يأتي كضرورة موضوعية ويتوافق مع منطق الأمور نتيجة ما آلت إليه الأمور في سوريا، بحكم العلاقة التاريخية المدعومة بالدم والدموع والعذابات للشعوب العربية والكردية والتركمانية في ظل الثورة وفي ظل مسيرة حافلة بالبطولات والانتصارات عبر التاريخ، ولنعيد سوياً تأسيس الوطنية السورية على أسس العدالة والحرية والاعتراف بجميع الحقوق الثقافية والإنسانية لكل القوميات.
إننا كتركمان نقول لجميع الإخوة من عرب وكرد إن اليد التي تمتد لنا لا نشد عليها فحسب بل نقبلها أيضاً."
من الجدير بالذكر أن الملتقى الثقافي انتهى بالتأكيد على ضرورة تمكين حلقات التواصل بين الثقافات المتنوعة والاستمرار في عقد اللقاءات الثقافية والتوجه إلى فعاليات أخرى تمس الوجدان الشعبي وتعيد للذاكرة نماذج أصيلة من الترابط الأخوي الذي جمع العرب والكرد والتركمان في محافل دوّنها التاريخ على أديم صفحات خالدة لا يمكن أن تناساها الأجيال.