كيف سيرد الإيرانيون على عاصفة الحزم ؟

المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت
لعل أبرز متغير أفرزته حملة (عاصفة الحزم) الخليجية العربية الإسلامية هي وقعها المفاجئ والمربك على النظام الإيراني الذي فوجئ لحد الارتباك ثم التراجع والانكماش بتبلور تحالف عربي دولي سريع جدا لمعالجة الحالة الشاذة في اليمن أولا، ولتعديل الأوضاع الاستراتيجية للعالم العربي بعد الثقوب الخطيرة في منظومة الأمن القومي التي تهاطلت على المنطقة منذ سقوط العراق تحت جنازير الاحتلال عام 2003، وما أدى ذلك لفراغ إقليمي كبير ولتحول خطير في موازين القوى برزت معه من جديد خطة تصدير الثورة الإيرانية، بعد أن سقطت عواصم عربية تاريخية في أوحال ذلك المشروع الإيراني الطموح والذي كان رغم تمدده يحمل معه بذور فنائه وتلاشيه!، فعاصمتي الخلافة بغداد ودمشق اللتان تعانيان اليوم من سطوة إيرانية قوية، ومن هيمنة لأتباع المشروع الإيراني عليهما لن تظلا أبد الدهر في حالة سكون وخنوع ورضي بما حصل ويحصل!، بل إن المتغيرات الداخلية في كل من العراق والشام ستوجهان الضربة القاضية للمشروع الإيراني القديم / الجديد الذي سيذهب مع الريح!
لا شك أن (عاصفة الحزم) التي دكت معاقل الحوثيين ورسمت خطوطا حمراء على الأرض العربية في جزيرة العرب لها ما بعدها من النتائج المباشرة وغير المباشرة، كما أنها جاءت لتكون الرد الأول والمفصلي على العبثية الإيرانية وعلى أوهام القوة المبالغ بها والتي صورت لصانع القرار الإيراني بأن العالم العربي والشرق منه بالذات قد استسلم تماما ونهائيا للعربدة الإيرانية؟ لذلك كان للتحرك السعودي الخليجي وقع الصاعقة على قادة إيران المنهمكين بمفاوضات ملفهم النووي ومحاولاتهم الإفلات من قيود الحصار الدولي فإذا بجزيرة العرب تشتعل نارا تحت أقدامهم جنوبا فيما كان العراق المشتعل شمالا يمثل بوابة استنزاف رهيبة وحاسمة للجهد العسكري الإيراني الذي جعل قادة الحرس الثوري يهربون من محيط مدينة (تكريت) خوفا من استهدافهم، ليعيدون ترتيب المواقع بعد التقاط الأنفاس وليمهدون لخطط إجهاضية بديلة لن يحققوا منها أية جدوى أو فائدة، فانتصارات المعارضة السورية في بصرى الشام ومواجهتهم المباشرة هناك للآلة العسكرية الإيرانية ومن ثَمَّ هزيمتها يمثل نقلة تعبوية مهمة في مستوى إدارة الصراع في الملف السوري سرعان ما عبر عن نفسه من خلال سقوط إدلب بيد المعارضة وهو تطور ميداني مهم جعل النظام السوري وحلفائه في الزاوية تماما، في عاصفة الحزم تميزت المواقف وردود الأفعال وتوضحت بالكامل أطراف التحالف الإيراني في المنطقة، فحكومة العراق التي تقودها الميليشيات الطائفية لم تخف تحيزها للموقف الإيراني وكانت في قمة شرم الشيخ ومن خلال المواقف البائسة لوزير خارجيتها إبراهيم الجعفري بمثابة حصان طروادة إيراني متقدم في العمق العربي!!، ففي النهاية الإناء ينضح بما فيه؟، فالرجل اعترض على عاصفة الحزم كما أعترض على تشكيل القوة العربية المشتركة؟ فلماذا حضر إذن؟ وكيف لايخجل من وجود الحرس الثوري في بلاده بينما يعترض على القوات العربية؟..
الإيرانيون بعد تلقيهم واستيعابهم لصدمة ضربة عاصفة الحزم بلغ الاستنزاف الشديد منهم مبلغه، ولم تعد لديهم خيارات كثيرة في التعامل مع الموقف سوى عبر لغة التهديدات اللفظية وهي مستمرة منذ سنوات، وسوى ذلك الخيار البائس وهو تفعيل الخلايا الإيرانية الساكنة في الشرق العربي وفي بعض دول الخليج العربي تحديدا وعبر إشعال الشارع البحريني، والاستعانة بالميليشيات الطائفية العراقية لتهديد السعودية والكويت إلى حد ما والقيام بأعمال شغب حدودية لن تكون لها أية قيمة ميدانية، ولكن الخطر الأكبر يتمثل في محاولة الرد بالعمق السعودي من خلال الصواريخ الباليستية الإيرانية التي يمتلكها الحوثيون، وبكل تأكيد لن يبتلع النظام الإيراني بسهولة ما حصل ويحصل، وسيرد بطريقة أو بأخرى ولربما في مكان وزمان غير متوقعين أبداً ولربما يلجأون لخلط الأوراق الإقليمية من جديد من خلال تسخين جبهة الجنوب اللبناني وهو احتمال ضعيف إلا أنه ممكن!!، وفي جميع الأحوال فإن الشرق العربي بعد عاصفة الحزم لن يعود أبداً كما كان قبلها... لقد بدأ النظام الإيراني بقطف ثمار مغامراته الطموحة.!!