لجنة توثيق جرائم الحرب بسورية تحقق في مضايا

قال باولو بنهيرو رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة والذي يوثق جرائم الحرب في سورية أمس: "في إطار تحقيقاتنا تجري اللجنة اتصالات مباشرة مع السكان الذين يعيشون في مضايا حالياً".
وأضاف: "إن سكان بلدة مضايا بريف دمشق أبلغوا محققين تابعين للمنظمة الدولية بأن الضعفاء بالبلدة المحرومين من الغذاء والدواء- في انتهاك للقانون الدولي- يكابدون الجوع ويواجهون الموت."
وتابع في رده على بريد إلكتروني مع "رويترز": "قدموا معلومات تفصيلية عن نقص الغذاء والمياه والأطباء الأكفاء والأدوية. أدى ذلك إلى حالات من سوء التغذية الحاد والوفيات بين الجماعات الضعيفة في البلدة".
وجلبت قافلة معونة يوم الاثنين أول إمدادات غذائية وطبية للإغاثة منذ ثلاثة أشهر إلى بلدة مضايا الواقعة في غرب سورية حيث تحاصر قوات الحكومة 40 ألف شخص فيما يقول أطباء محليون إن بعض السكان قضوا نحبهم جوعاً.
لكن بنهيرو قال إن فريقه لا يزال "يشعر بقلق بالغ" بشأن الوضع الإنساني هناك.
وكانت تحقيقات الأمم المتحدة التي يقوم بها خبراء مستقلون قد نددت منذ زمن طويل باستخدام التجويع كسلاح في الحرب السورية ولدى اللجنة قائمة مشفوعة بالمستندات بالمشتبه في كونهم مجرمي حرب وأسماء وحدات من النظام والمعارضة كليهما محفوظة في خزانة تابعة للأمم المتحدة في جنيف.
وقال بنهيرو أمس: "أساليب الحصار تستهدف بطبيعتها السكان المدنيين من خلال تعريضهم للتجويع وحرمانهم من الخدمات الأساسية والأدوية".
وبيّن "مثل هذه الأساليب يحرمها القانون الإنساني الدولي في زمن الحرب وتمثل انتهاكاً لالتزامات الحقوق الأساسية للإنسان فيما يتعلق بحقه في الطعام والصحة الملائمين وحقه في الحياة ناهيك عن الواجب الخاص بالرعاية الواجبة للأطفال".
وأوضح بنهيرو إن قوات المعارضة تحاصر أيضاً قريتي الفوعة وكفريا اللتين تسيطر عليهما قوات النظام بمحافظة إدلب حيث سلمت الأمم المتحدة إمدادات يوم الاثنين. وأضاف إن مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" يحاصرون مناطق تسيطر عليها قوات النظام في دير الزور.
وتحدث عمال إغاثة وصلوا إلى مضايا عن ظروف "مفجعة" يكابدها سكان يعانون الهزال والجوع ويحتاج المئات منهم إلى رعاية طبية خاصة.
من جهته قال بافل كريزيك المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر "إنه أمر مفجع في الواقع أن ترى أوضاع الناس. منذ برهة اقتربت مني فتاة صغيرة وكان سؤالها الأول هل جلبتم طعاماً؟.. نحن جوعى للغاية".
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها طلبت من حكومة النظام السماح بإرسال عيادات متنقلة وفرق طبية إلى مضايا لتقييم حجم سوء التغذية مع إجلاء الحالات الأسوأ.
ونقلت اليزابيث هوف ممثلة منظمة الصحة العالمية في دمشق التي رافقت قافلة الإغاثة داخل مضايا عن طبيب محلي قوله إن عدداً يتراوح بين 300 و400 شخص في حاجة ماسة للرعاية الطبية.
وقالت هوف بالتليفون من دمشق حيث تقيم "إنني منزعجة في واقع الأمر".
وأضافت "تجمع الناس في سوق. يمكنك أن ترى أن معظمهم يعاني من سوء التغذية ويتضورون جوعاً. إنهم جلد على عظم وقد بلغ منهم الإجهاد مبلغاً وهم في حالة كرب شديد. لا يمكن أن تلمح أي ابتسامة على الوجوه. غابت الابتسامة لدى وصول القافلة. قال لي أطفال تحدثت إليهم إنهم غير قادرين حتى على مجرد اللعب".
وندد دبلوماسيون غربيون باستخدام الغذاء كسلاح في الحرب فيما اتهمت سامانتا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة حكومة بشار الأسد باللجوء إلى "التكتيكات المثيرة للاشمئزاز التي يستخدمها النظام السوري الآن ضد شعبه والتي تخير السكان بين التجويع أو الاستسلام."
وقال ماثيو ريكروفت مندوب بريطانيا بالأمم المتحدة "تعمد عرقلة إمدادات الإغاثة ووصولها يرقى إلى كونه انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي".
وأوضح خبراء قانونيون أن تلك يمكن تفسيرها على أنها إما جريمة حرب وإما جريمة في حق الإنسانية أو كليهما.
لكن ثمة احتمالات ضئيلة في أن تعرض القضية عما قريب على محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب في لاهاي لأن سورية ليست عضواً بالمحكمة كما أن قيام مجلس الأمن الدولي بإحالة هذه القضية إلى المحكمة يتعين عليه أن يتغلب على إحجام روسيا.
وقد تؤدي صعوبة توصيل المعونات إلى مضايا ومناطق محاصرة أخرى إلى عرقلة جهود ترمي إلى إجراء محادثات سلام جديدة بشأن الحرب التي تدور رحاها في سورية منذ خمس سنوات وهي المحادثات التي من المقرر أن تعقد تحت إشراف الأمم المتحدة في جنيف في 25 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وتدعو خارطة طريق أعدتها الأمم المتحدة بشأن المحادثات الطرفين إلى السماح لوكالات الإغاثة بالوصول دون معوقات إلى كل المناطق في أرجاء سورية لا سيما المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها.
وأبلغ تجمع للمعارضة الأمم المتحدة أن هذا يجب أن يحدث قبل بدء المحادثات فيما يعزز التلميحات إلى أن الوضع الإنساني قد يجعل هدف إجراء المحادثات في 25 يناير/ كانون الثاني صعباً.
وكانت مفاوضات الدخول إلى مضايا وكفريا والفوعة مطولة وشاقة، وتقول الأمم المتحدة إنه يوجد حالياً نحو 15 منطقة محاصرة في سورية يعيش فيها قرابة 450 ألف شخص.
وبيّنت هوف أن منظمة الصحة العالمية تنوي العودة إلى مضايا يوم الخميس ضمن قافلة للأمم المتحدة تحمل مزيداً من الإمدادات الطبية والغذائية.
وأوضحت ديبة فخر المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً أنها تخطط لعمليات توزيع إمدادات جديدة يوم الخميس. وتشمل المساعدات أغطية وأدوية فضلاً عن الطعام.
اقرأ أيضاً: "دي ميستورا" في جنيف اليوم لعقد لقاءات حول الحل السياسي بسورية
تعليقات