مخيم "كامد اللوز": استنشاق البلاستيك المحترق درءاً للبرد

تستمر معاناة اللاجئين السوريين في لبنان إزاء البرد القارس الذي تعرفه المنطقة شتاء وسط تجاهل العالم وتناقص المساعدات الأممية.
في مخيم "كامد اللوز" للاجئين السوريين بالبقاع شرق لبنان، لا تجد 27 عائلة سوى العبوات البلاستيكية والكرتون لإشعال مواقد النار والتي يجمعونها من التجوال في الشوارع، بعدما صار الحصول على مادة المازوت أمراً متعذراً بسبب فقر الحال.
لكن هؤلاء اللاجئين لا يدرون على الأرجح أن مكافحة البرد الذي لا تقيهم منه خيام القماش التي يعيشون فيها والغارقة في الوحل، عبر إشعال المواد الكيمائية قد يقيهم من الصقيع، لكنه يدخل الدخان السام إلى صدورهم، خصوصاً الأطفال منهم.
يقع المخيم على بعد 2 كم تقريباً من منطقة "كامد اللوز" السكنية التي تفصله عنها طريق طويلة وبعيدة بالنسبة لسكان المخيم البالغ عددهم 27 عائلة متوسط أفراد الأسرة الواحدة منها 5 أفراد، أي 150 شخصاً تقريباً، بينهم أطفال رضّع، يقطنون خيماً مشيدة من بعض الأخشاب والقماش، وغارقة بالطين والوحل والثلوج.
دفعت القلّة والفقر الشديد اللذان يعاني منهما أسر المخيم لاستبدال المازوت للتدفئة والغاز لطهو الطعام بمواد بلاستيكية كعبوات العصير وغالونات المياه البلاستيكية وكرتونات التغليف يجمعونها طوال النهار من الطواف بالشوارع صغاراً وكباراً، ويخزنوها في الخيمة ليشعلوها للتدفئة وطهي طعامهم، من دون الإلمام بتبعات هذه الغازات المنبعثة جراء حرق البلاستيك.
تقيم، أم محمود (35 عاماً) مع زوجها وأطفالها الثمانية وأكبرهم رهف (12 عاماً) وأصغرهم حمزة (عامان ونصف) وما يزال جسده الضعيف يحتاج للحليب والغذاء، في مخيم "كامد اللوز" منذ بضعة أشهر.
وقالت أم محمود إنها وزوجها يجمعان الكرتون ويقطعون أنابيب بلاستيكية سوداء كانت تستخدم لريّ المزروعات قبل إنشاء المخيم، ليستخدمانها مع الكرتون داخل المدفأة ليؤمنا استمرار اشتعالها ويضمنان الدفء لأسرتها.
وأشارت إلى أنها تحاول مراراً أن تشعلها بما توفر من حولها لتحمي أجساد صغارها من البرد والصقيع في خيمتهم.
تختلف بدائل التدفئة من خيمة لأخرى، فالبعض اعتمد بعض الأقمشة والبلاستيك لإضرام نار المدفأة، فتنبعث منها الغازات السامة والدخان الذي يملأ الخيمة، وآخرون يضعون الكرتون والبلاستيك والدخان الأسود يخنق صدور الصغار الملتفين حول المدفأة علّها تكون أحنّ بنارها على أجسادهم من صقيع العواصف.
تشكو أم شحادة (37 عاماً) وهي حامل في الشهر الثامن وأم لأربع بنات وثلاثة صبيان أكبرهم عمره 12 عاماً، من مرض أطفالها بسبب البرد القارس، موضحة أنها تحاول إشعال مدفأتها بما توفر لديها من العبوات البلاستيكية وبعض الكرتون.
من جهتها، أكدت حسنة (28 عاماً) وأم لطفلين، أنها لم تشعر وصغارها بالدفء في الأيام الأخيرة، ذلك أن كمية الوقود من البلاستيك والكرتون لديها لا تكفيها لتوقد النار في مدفأتها الباردة.
إزاء هذا الوضع، يبقى الأمل بالحصول على كمية من "المازوت" سيد الموقف في هذا المخيم، ذلك أن سكان المخيم الذين يعاني معظمهم أصلاً من وضع صحي سيء كالسعال والرشح وآلام البطن والتشنجات التي فتكت بأجساد الصغار والكبار، لا ينقصهم أمراض صدرية جراء إشعال مواد كيمائية للتدفئة.
وضربت لبنان والشرق الأوسط،، مطلع الشهر الجاري عاصفة قوية، دفعت السلطات في العديد من دول المنطقة إلى اتخاذ إجراءات وقائية، بينها تعطيل مؤسسات حكومية والطلب من المواطنين البقاء في منازلهم أو تجنب الطرقات الجبلية، كما هو الحال في لبنان حيث سميت العاصفة باسم "زينة".