ترامب وانتخابات 2020

إلى الآن لم يعلن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن لكنها مسألة وقت قبل أن يعلن ذلك، فتقدمه في العديد من الولايات التي ما زالت الأصوات تحصى فيها كولايات جورجيا وبنسلفانيا وأريزونا يبدو واضحا مع تقدمه في كل مرة تعلن فيها أرقام جديدة.

لم يتمكن الحزب الديمقراطي من تحقيق موجة زرقاء كما يقال عبر السيطرة على البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ، في الحقيقة هم في طريقهم للسيطرة على البيت الأبيض والحفاظ على مجلس النواب فقط رغم أنهم خسروا مقاعد فيه لكنهم حافظوا على الأغلبية ولم يتمكنوا من السيطرة على مجلس الشيوخ الذي حافظ الجمهوريون على الأغلبية فيه وهو ما اعتبر نكسة كبيرة داخل الحزب الذي كانت توقعاته عالية لجهة تحقيق نصر حاسم يشمل المؤسسات الثلاث.

بنفس الوقت كان فوز بايدن صعبا بسبب تقارب النتائج للغاية في الكثير من الولايات التي فاز فيها بايدن وهو ما يظهر ويدل على شعبية الرئيس ترامب داخل قواعد الحزب الجمهوري فقد حصل على أكثر من 69 مليون صوت على المستوى الوطني أو الشعبي وهو ما يفتح التساؤلات حول مستقبله السياسي ومستقبل الحزب الجمهوري بعده إذا ما أصر على البقاء داخل المشهد السياسي ورشح نفسه مجددا للانتخابات في عام 2024 ولذلك اعتبر بايدن أن شعار حملته الانتخابية نضال من أجل استعادة روح أميركا بعدما دمرتها أربع سنوات من حكم ترامب. لكن على ما يبدو فإن كثيرا من الأميركيين ينظرون إلى ترامب وأدائه بطريقة مختلفة للغاية.

فقد شكل فوز دونالد ترامب مفاجأة صاعقة للكثير من الأميركيين في انتخابات عام 2016 والآن تتكرر المفاجأة الثانية بعد حصوله على هذا العدد الكبير جدا من الأصوات بما يعتبر موافقة على سلوكه وسياساته التي ربما تبقى مع الحزب الجمهوري لفترة طويلة وهو ما كذب أيضا كل استطلاعات الرأي الوطنية (على مستوى الولايات المتحدة) أو تلك المحلية التي جرت في ما يسمى الولايات المتأرجحة كولايات فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وسكنسن وغيرها والتي تنبأت بفوز بايدن بفارق مريح في كل هذه الولايات.

يلعب ترامب الآن على التخويف بقضية تزوير الانتخابات وهو ما لم يفعله رئيس سابق من قبل، فالرئيس يجب أن يدافع عن نزاهة الانتخابات في أقدم ديمقراطية في العالم، كما أن النظام الانتخابي وفق أصوات المجمع الانتخابي وفق كل ولاية، وهو ما مكن ترامب من الفوز في عام 2016 لكن المشاركة الكبيرة من الديمقراطيين والمستقلين هي من ستمكن بايدن من الفوز الذي يعتبر الرئيس الأكثر حصولا على الأصوات في تاريخ الولايات المتحدة بأكثر من 72 مليون صوت إلى الآن.

تظهر الخريطة الانتخابية أن ترامب في عام 2016 حصل 62 مليون صوت وفاز في الانتخابات بينما حصل على 69 مليوناً في انتخابات 2020 بينما خسر في الانتخابات بسبب المشاركة الكبيرة جدا من قبل الديمقراطيين والمستقلين وحتى الجمهوريين الذي صوتوا ضد ترامب، وتبدو الخريطة ذاتها اليوم في عام 2020 حيث كان هناك تصويت عالٍ لترامب في المقاطعات الريفية ولم يكن هناك كثافة بالتصويت مقابلة للمقاطعات المدينية التي صوتت بقوة لم يسبق لها مثيل لبايدن بالإضافة إلى أصوات الأقليات وخاصة السود مما رجح فوز الولايات المتأرجحة لبايدن على حساب ترامب خاصة في ولايات أريزونا ووسكنسن.

خسر ترامب كثيرا بسبب سوء إدارته للتعامل مع جائحة الكورونا وما أعقبه من انهيار اقتصادي تاريخي، لكن قاعدته توسعت بدل أن تضيق كما يظهر من حجم المصوتين له وهو ما يطرح سؤالا حول الثقافة السياسية الأميركية التي انتخبت ترامب في عام 2016 وأعادت التجديد له بأصوات أكبر في عام 2020.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا