تعيينات بايدن الشرق الأوسطية.. مفاوضات ومقايضات إقليمية

دخلت الإدارة الأميركية الجديدة الأسبوع الجاري أسماء بارزة ستساهم في تحريك العجلة الدبلوماسية في الشرق الأوسط وفتح باب المقايضات، في محاولة لتدوير زوايا وإيجاد حلول وإبرام (أو العودة) لصفقات تحمي المصالح الأميركية في المنطقة.

يوم الثلاثاء صادق الكونغرس على ترشيح أنتوني بلينكن للخارجية، قبل أن يتم تعيين شخصيات في الوزارة وانتظار انتقال آخرين لها من البيت الأبيض. أبرز هذه التعيينات وفحواها الإقليمي هي:

– روبرت مالي: تعيين مالي مبعوثا لإيران ينتظر الإعلان رسميا عنه اليوم، وهو رسالة للقيادة الإيرانية بأن إدارة جو بايدن جدية بالمفاوضات والتي ستتخطى هذه المرة الإطار النووي وستشمل اليمن التي تعتبر أولوية لمالي بعد أن زارها والتقى الحوثيين في 2019، ومن ثم حذر على صفحات واشنطن بوست من إدراجهم منظمة إرهابية، وهو ما فعلته إدارة دونالد ترامب في أسبوعها الأخير في الحكم.

تعيين مالي لا يمكن قراءته وكأنه صانع السياسة الأميركية الجديدة حيال إيران خصوصا في إدارة فيها عمالقة المفاوضين في الشأن الإيراني، مثل جون كيري وويندي شيرمان وجايك سليفان وبريت ماغورك وبلينكن نفسه. كل من هؤلاء فاوض الجانب الايراني سواء في العراق أو فيينا أو مسقط. ورتبة المبعوث التي لا تحتاج لموافقة الكونغرس تضع مالي في موقع أدنى تراتبية من هؤلاء. كما أن التعيين هو غمزة لليسار الأميركي والمرشح السابق بيرني ساندرز، الذي كان مالي مستشارا له.

مع ذلك يعكس تعيين مالي نية أميركية للمضي بمفاوضات إقليمية مع إيران تشمل اليمن والملف النووي وأمن الخليج. فإدارة بايدن وجهت عدة رسائل لشركائها وخصومها الاقليميين تؤكد هذا الاتجاه، كانت أولا بالالتزام بأمن الخليج وتنفيذ طلعات لمقاتلات الـB-52، ثم الإعلان عن مراجعة صفقات أسلحة للسعودية والإمارات العربية المتحدة، وللضغط على الشركاء الإقليميين للقبول بمفاوضات وتنازلات حول اليمن.

– تعيينات مكتب الشرق الأدنى: هذا الأسبوع أيضا تم الإعلان عن تعيين كل من هادي عمر ودان بنعايم وآش كاسيلبيري-هيرنانديز في رتبة نائب مساعد لمسؤول الشرق الأدنى في الخارجية.

عمر سيتولى الملف الفلسطيني-الإسرائيلي وبنعايم الملف الخليجي وهيرنانديز ستكون مستشارة خاصة، فيما انتقل تيموثي ليندركينغ لتولي الملف العراقي.

تعيين عمر، وهو عمل مع جون كيري سابقا على المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية، يأتي يومين بعد إعلان إدارة بايدن عن نيتها الإفراج عن المساعدات للفلسطينيين وقد يساعد في إعادة تحريك هذا المسار، رغم التعقيدات الكبيرة على الأرض التي تستبعد حصول اختراق قريب.

لم تعين إدارة بايدن بعد مساعدا لشؤون الشرق الأدنى، وهو منصب يتولاه اليوم ديفيد شنكر وسيخرج منه خلال أسابيع. الأسماء المتداولة بينها سفراء سابقين في المنطقة ومسؤولين عملوا في ادارة أوباما، إنما لم يتم حسم المرشح بعد.

في أي إدارة ديمقراطية تقليديا، يحظى البيت الأبيض بنفوذ أكبر في صنع السياسة الخارجية وهو ما كان أيام باراك أوباما ومرجح اليوم. هذه يعني أن منسق الشرق الأوسط ماغورك سيكون له دور أكبر من المعتاد في الشؤون الاقليمية وخصوصا سوريا والعراق. هناك حديث في واشنطن عن إمكانية تعيين جيفري فيلتمان مبعوثا لسوريا، ما قد يضخ بعض الزخم في العملية السياسية مع استعصاء أي حل قريب.

– تعيينات وزارة الدفاع وأبرزهم كولين كال كوكيل لوزير الدفاع ومسؤولين مثل ماليسا دالتون ومارا كارلين في مكتب السياسة الاستراتيجية، يعكس استمرارية في النهج الدفاعي لناحية الالتزامات الأميركية إقليميا والتعاون الاستخباراتي.

هذه الأسماء الأولية من إدارة بايدن توحي بانطلاقة مغايرة للدبلوماسية الأميركية عن تلك التي رافقت إدارة ترامب، وتذهب نحو نهج المفاوضات والمقايضات لإتمام اتفاقات إقليمية من دون تغيير معالم الوجود الأميركي العسكري في المنطقة.

المصدر الحرة


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا