تقرير: تدخّل “خفي” لرجل دين شيعي منع حرباً في العراق

تحت عنوان “كيف أوقف رجل دين يبلغ من العمر 92 عاماً انزلاق العراق مرة أخرى إلى الحرب”، نشرت وكالة “رويترز” تقريراً كشفت خلاله “خفايا” متعلقة بالأحداث الأخيرة والاضطرابات التي شهدتها الشوارع العراقية مؤخراً.

التقرير، الذي نشرته الوكالة السبت الماضي، تحدث عن موقف “خفي” لرجل الدين العراقي الشيعي، علي السيستاني، والذي كان سبباً بوقف الاضطرابات ومنع انهيار العراق إلى حرب جديدة، حسبما نقلت الوكالة عن مسؤولين حكوميين ومطلعين شيعة.

موقف “حاسم” من وراء الكواليس

رغم أن السيستاني، الذي يعتبر من أكثر رجال الدين نفوذاً في العراق، لم يصدر أي موقف علني حيال الأحداث الأخيرة، قالت “رويترز” إنها تحدثت مع حوالي 20 مسؤولاً من الحكومة العراقية و”حركة الصدر” والفصائل الموالية لإيران، وأشاروا جميعهم إلى تدخل حاسم من قبل السيستاني، لكن من وراء الكواليس.

وبحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، فإن مقتدى الصدر زعيم “التيار الصدري”، يعرف أنه في حال لم يوقف الاضطربات في الشارع العراقي، فإن السيستاني سيخرج للعلن بموقف مندد.

وبعث السيستاني (92 عاماً) برسالة إلى الصدر مفادها أنه إذا لم يوقف العنف، فسيضطر السيستاني إلى إصدار بيان يدعو إلى وقف القتال، وهذا من شأنه أن يجعل الصدر يبدو ضعيفاً وكأنه تسبب في إراقة الدماء في العراق، بحسب مسؤول في الحكومة العراقية.

ولم تؤكد ثلاث شخصيات شيعية، مقرها النجف ومقربة من السيستاني، أن مكتب السيستاني بعث برسالة صريحة إلى الصدر، لكنهم قالوا إنه كان من الواضح للصدر أن السيستاني سيتحدث قريباً ما لم يوقف الصدر الاضطرابات.

فيما قال مسؤول موالٍ لإيران في المنطقة إنه لولا مكتب السيستاني لما عقد “مقتدى الصدر مؤتمره الصحفي” لوقف القتال.

وبحسب “رويترز” فإن تدخل السيستاني “ربما أدى إلى تفادي إراقة الدماء على نطاق أوسع في الوقت الحالي، لكنه لا يحل مشكلة الحفاظ على الهدوء في بلد يوجد فيه الكثير من السلطة خارج النظام السياسي، وبأيدي رجال الدين الشيعة، بما في ذلك رجال الدين الذين تربطهم علاقات حميمة بإيران”.

أصل الاضطرابات

شهد العراق، الأسبوع الماضي، أعمال عنف واضطرابات في الشوارع أدت إلى مقتل وإصابة العشرات، بعد اندلاع اشتباكات مسلحة بين  أنصار “التيار الصدري” بقيادة مقتدى الصدر، و”الإطار التنسيقي” وهو تجمع أحزاب شيعية بقيادة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي.

وتعود تلك المواجهات إلى إعلان آية الله كاظم الحائري، وهو رجل دين عراقي شيعي يعيش في إيران منذ عقود، اعتزاله العمل الديني باعتباره مرجعاً للتيار الصدري، وإغلاق مكتبه بسبب تقدمه في السن، في خطوة “غير مسبوقة” لدى رجال الدين الشيعة.

ووجه الحائري انتقادات ضمنية لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، متهماً إياه بتفرقة الشعب العراقي وإحداث انقسامات بين الشيعة واصفاً قيادته بأنها “غير شرعية”

إلا أن الصدر رد على الحائري بتغريدة عبر “تويتر” جاء فيها: “يظن الكثيرون بمن فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم. كلا، إن ذلك بفضل ربي أولا ومن فضل والدي محمد صادق الصدر الذي لم يتخلَّ عن العراق وشعبه”.

تلك السجالات أدت إلى اشتباكات مسلحة في بغداد، بين أنصار مقتدى الصدر وفصائل مسلحة مدعومة من إيران، تصاعدت بعد اقتحام أنصار الصدر لمبنى البرلمان في نهاية يوليو/ تموز الماضي، مطالبين بحل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية جديدة.

إلا أنه في 30 أغسطس/ آب الماضي، شهدت العاصمة العراقية بغداد يوماً دامياً، بعد إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي، ما أدى لاندلاع اشتباكات في المنطقة الخضراء أدت لمقتل 30 شخصاً وإصابة 700 آخرين.

وانتهت الاضطرابات بخروج مقتدى الصدر للعلن، حيث أمهل أنصاره ساعة واحدة للانسحاب من أمام البرلمان وإلغاء اعتصامهم وإلا سيتبرأ منهم ومن التيار نفسه، واعتذر للشعب العراقي الذي اعتبره “المتضرر الوحيد مما يجري”، ما أسفر بالفعل عن انسحاب أنصاره من الشارع وانتهاء الاضطرابات.

المصدر رويترز السورية نت
قد يعجبك أيضا