“جسر القرم”..ما هو مشروع بوتين الذي اشتعل في عيد ميلاده؟

قبل أربع سنوات دشن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ما تصفه موسكو بـ”مشروع القرن”، عابراً على متن شاحنة من نوع “كاماز” الجسر الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم، والذي يعتبر الحلقة الوحيدة بين هاتين الضفتين.

ومع حلول فجر يوم السبت وبينما كان يحل عيد “ميلاد بوتين” اشتعل هذا الجسر وتدمرت أجزاء واسعة منه، إثر تفجير تضاربت الروايات حول طبيعته، وعما إذا كان من خلال شاحنة مفخخة، أو قصف من قريب أو بعيد.

وأعلنت “اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب” في بيان: “اليوم في الساعة 3:07 بتوقيت غرينتش انفجرت سيارة مفخخة على قسم الطرقات من جسر القرم، ما أدى إلى اندلاع الحريق في سبع قاطرات صهاريج على السكك الحديد كانت متوجهة إلى القرم”.

وقالت اللجنة إن الانفجار أدى إلى تضرر مسارين من طرقات الجسر، غير أن قوسه لم يتضرر. فيما أضاف المتحدث باسم الكرملين لوكالة “ريا نوفوستي” أن “بوتين أمر بتشكيل لجنة حكومية لكشف الوقائع”.

وتقود جميع المؤشرات إلى وقوف أوكرانيا خلف حادثة التفجير، والتي تخوض حرباً بدأتها روسيا ضد أراضيها، منذ شهر فبراير الماضي.

وعلى الرغم من أنها لم تتبن ذلك رسمياً، إلا أن مسؤولين فيها سبق وأن هددوا بتنفيذ ذلك، فيما أشار آخرون إلى تبني العملية بصورة غير مباشرة.

ونقلت وكالة “رويترز” عن ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني أن تفجير جسر القرم هو “البداية ويجب تدمير كل شيء غير شرعي”، وفق تعبيره ودون أن تعلن كييف حتى اللحظة مسؤوليتها رسمياً عن التفجير.

قبل ذلك بأشهر، في يونيو الماضي كشفت المخابرات العسكرية الأوكرانية عن استحواذها على وثائق فنية مفصلة حول بناء “جسر القرم”، الذي يربط شبه الجزيرة التي سيطرت عليها روسيا عام 2014 بالأراضي الروسية، مهددة بتدميره كونه أحد خطوط الإمداد الهامة لموسكو.

وذكرت أن الوثائق تحتوي على معلومات مفصلة حول التضاريس وسطح الطريق وأرصفة الجسور والهياكل المضادة للانهيارات الأرضية والمداخل والمخارج وجميع البنية التحتية للجسر، مشيرةً إلى أنه “طريقة لجلب قوات الاحتياط وعلى القوات المسلحة الأوكرانية قطعه”.

وهو ما رد عليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حينها، بقوله: “لدينا جيش مسؤول ويتم أخذ كل هذه التهديدات بعين الاعتبار، لا دخان بلا نار، وأنا مقتنع بأن كل هذه الخطط ستفشل بالكامل”.

من جانبه هدّد قائد القوات الأوكرانية دميتري مارشينكو بتدمير الجسر، في 20 من يونيو/ حزيران الماضي، مضيفًا أنه سيكون “الهدف الأول للهزيمة” بعد أن تتلقّى كييف الأسلحة التي وعدها بها الغرب لمواجهة الهجوم الروسي.

ما أهميته؟

وللجسر الواقع على مضيق “كيرتش” أهمية كبيرة على الصعيدين الاستراتيجي والسياسي، ويبلغ طوله قرابة 17 كيلومترا، ويُعد الجسر الأطول في أوروبا.

تم تشييده بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، وافتتح في شهر مايو/أيار من عام 2018 بتكلفة تزيد على 3 مليارات دولار.

وقد بني بهذه التكلفة بأوامر من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فيما استخدم بعد بداية الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وعلى الخصوص لنقل معدات عسكرية روسية للجيش الروسي الذي يقاتل في أوكرانيا، حسب وكالة “فرانس برس”.

بالنسبة لسكان القرم الروس، يعد هذا الجسر شريان الحياة إذ يربطهم بوطنهم الأم، بينما تعتبره كييف خطوة “عدائية” وغير قانونية، كون تشييده جاء بعد “الاستفتاء الصوري” الذي حصل قبل أربع سنوات، وضمّت من خلاله موسكو “القرم”.

ونظراً لأهميته الكبيرة بالنسبة لموسكو، أنشأت روسيا عام 2019 درعاً أمنياً فوقه يصعب اختراقه. كما نشرت منظومة نظام دفاع جوي قوية لحمايته.

وبموازاة ذلك بني بدعامات، عبارة عن هياكل خرسانية وفولاذية ضخمة، لا يمكن إسقاطها إلا بضربة مباشرة من رأس صاروخي حربي ضخم، حسب ما أشارت إليه وسائل إعلام روسية في وقت سابق.

ماذا بعد؟

وحتى الآن لا يعرف ماذا سيحصل في المرحلة المقبلة، لاسيما مع تردد أصوات روسية بأن تفجير الجسر بمثابة “إعلان حرب جديدة”.

وقال أوليغ موروزوف عضو مجلس الدوما الروسي، إن الجانب الأوكراني يتحدث منذ فترة بعيدة عن استهداف جسر القرم، وهذا “العمل الإرهابي ضده ليس مجرد تحد، بل إعلان حرب بلا قواعد”.

وأضاف موروزوف، الذي يمثل حزب “روسيا الموحدة” في المجلس: “يجري تنفيذ حرب إرهابية غير مقنعة ضدنا. والهجوم الإرهابي على جسر القرم الذي تم الإعلان عنه منذ فترة طويلة، لم يعد مجرد تحد، بل هو إعلان حرب بلا قواعد”.

من جهته قال ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني لوكالة “رويترز”: “إن كل شيء سرقته روسيا من أوكرانيا يجب استعادته.. ويجب طرد روسيا من كل المناطق التي احتلتها”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا