حراك لافت في التصريحات.. السوريون في تركيا على لسان “موالين ومعارضين”

تصاعدت خلال الساعات الأخيرة، حدة التصريحات والمواقف الصادرة من مسؤولين ورؤساء أحزاب في تركيا، فيما يتعلق باللاجئين السوريين داخل البلاد، في ظاهرة لافتة، أثارت مخاوف سوريين، خاصة وأن جميعها لا يصب في مصلحتهم.

أبرز حلفاء أردوغان يدخل الخط

الموقف الأبرز في هذا الإطار، كان موقف رئيس “حزب الحركة القومية”، دولت باهتشلي، أهم حلفاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عندما قال، إن “هدفنا الأساسي، هو توديع اللاجئين السوريين، بعد القضاء على الظروف القاسية التي دفعتهم إلى المغادرة، والانفصال عن بلادهم”.

ودعا باهتشلي في تصريحات نشرها موقع صحيفة “حرييت“، اليوم الثلاثاء، إلى “ترحيل من يخلّون بالأمن العام والمجتمعي” داخل بلاده، ويخضعون لـ “الحماية المؤقتة” من السوريين، قائلاً: “يجب ترحيلهم على الفور خارج الحدود دون شفقة”.

كما شدد على أن اللاجئين السوريين “الذين يمكنهم الذهاب إلى بلدهم خاصة في الأعياد، غير مضطرين للعودة”، في إشارة إلى السوريين من حملة الإقامة المؤقتة، الذين تمنحهم تركيا حق زيارة بلادهم لقضاء إجازات عيدي الفطر والأضحى.

واتهم من جانب آخر، من وصفهم بـ”المحرضين”، باستخدام اللاجئين السوريين ذريعة “بهدف تضخيم الخلافات”، محذراً من أن هذا التحريض يشكل خطراً و”سيفتح الباب لنتائج كارثية”.

تصريحات باهتشلي، اعتبرها الكثير من المتابعين للشأن التركي بأنها تطور كبير، وأنها حتماً سيكون لها تداعيات، وربطوا ذلك بالانتخابات القادمة العام القادم.

المعارضة التركية تلتقي نظام الأسد

لم تمر ساعات على موقف باهتشلي “النوعي”، حتى خرج زعيم “حزب النصر” المعارض، اوميت أوزداغ، ليعلن عن لقاء سيعقد قريباً ما بين أعضاء من حزبه، وخارجية النظام السوري للتنسيق فيما يتعلق بإعادة اللاجئين.

أعقبها موقف من وزير الداخلية، سليمان صويلو، ظهر اليوم، قال فيه إن “اللاجئين سيعودون بالطبع إلى بلادهم”، مؤكداً وجود “خطط نعمل عليها من أجل هذا الأمر”، دون الإفصاح عن تفاصيلها.

كما أعلن صويلو في الوقت ذاته، عن عزم بلاده فرض قيو على السماح للسوريين من حملة هوية الحماية المؤقتة “الكمليك” فيما يتعلق بإجازة العيد.

السوريون الذين اعتادوا على التحريض ضدهم من قبل شخصيات وأحزاب تركية معارضة، باتت خشيتهم أكبر اليوم، مع انتقال حملة التصريحات إلى جهات كانت إلى وقت قريب بعيدة جداً عن هذه الحملة، بل منتقدين لأصحابها ورافضين لها، ومن أعلى المناصب في الحكومة التركية.

تصريحات صويلو اليوم لم تكن الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، وربما تشهد المزيد من التصعيد “قولاً”، مع الخشية من تحولها إلى التصعيد “فعلاً”.

وفي هذا المجال، يجب التذكير باللافتة التي علقها حزب الشعب الجمهوري المعارض، الاثنين الماضي، في مبنى الحزب بأنقرة وحملت عنوان “إما أن تقدّم جواباً أو تقدّم حساباً”.

وتضمنت اللافتة 4 أسئلة هي: “هل طلبتم من اللاجئين إثبات معلومات هويتهم الحقيقية؟ ولماذا توزعون الجنسية عليهم إلى ماذا تستعدون؟”. وأيضاً “هل تقومون بعمل مسح أمني عند منح الجنسية للاجئين؟ لماذا تسمحون بعبور غير نظامي للاجئين؟”

تسابق كبير على حديث ترحيل السوريين، بين السياسييين الأتراك مولاة ومعارضة، وهو الخطاب الذي كان ينظر إليه على أنه من باب المناكفات السياسية بعد أن كان صادراً من جهة واحدة، وهي المعارضة، وأخرى رافضة له، قبل أن تسبح الأخيرة في ذات التيار.

“خطاب كراهية” وتضخيم

رئيس دائرة الهجرة في ولاية إسطنبول التركية بيرم يالينسو، أكد على وجود تضخيم للحوادث المرتبطة باللاجئين السوريين مؤخراً، في مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى محاولات “كاذبة” لربطهم في قضايا عدة من بينها تسلمهم رواتب من الحكومة التركية، ودخول الجامعات بدون امتحان.

وضرب بالينسو مثال على تضخيم الحوادث، ما جرى مع الشاب السوري حمزة حمامي المهدد بالرحيل حالياً، بعد مشكلته مع رجل تركي هاجمه بالساطور، بعد أن حرض الناس عليه، والحادثة وقعت في منطقة باغجلار باسطنبول قبل أيام.

الخطاب الجاري اليوم، يعد الأكبر من نوعه، منذ بدء استقبال تركية للاجئين السوريين عقب الحرب التي شنها نظام الأسد وحلفائه داخل بلدهم، واستقبالها خلالها نحو 4 ملايين، ومنحتهم صفة “الحماية المؤقتة”.

وحتى أشهر خلت، كان اهتمام السوريين في هذا المجال بتصريحات ومواقف رئيس بلدية بولو التركية، تانجو أوزجان، الذي سبق وأن أصدر قرارات، منع بموجبها إيصال المساعدات لهم، ومؤخراً حرمهم من الحصول على تصاريح عمل، فضلاً عن محاولاته إصدار قرارات أخرى برفع فواتير الماء عليهم، رفع رسوم معاملات الزواج الرسمية عليهم لما يصل إلى عشرات أضعاف الرسوم التي تقرها الحكومة التركية.

إلا أن محكمة بولو أوقفت تنفيذ تلك القرارات، مشيرة إلى أن التحقيقات ضد تانجو أوزجان لا تزال مستمرة بتهمة “الكراهية والتمييز”.

كثير من اللاجئين السوريين في تركيا، وعددهم يقارب 4 مليون، لم تعد مشكلتهم مع شخصية معارضة هنا، أو رئيس بلدية هناك، بل يبدو أن قضيتهم تدحرحت إلى أبعد من ذلك بكثير، وبالتالي هم اليوم تطمئنهم تصريحات المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم أردوغان، الذي طالما تعهد بعدم إجبار السوريين على العودة إلى بلادهم.

أردوغان كان قد تعهد حتى وقت قريب، بأن “تركيا لن تلقي باللاجئين السوريين في أحضان القتلة، ما دام بالسلطة في البلاد”، لكن وجوده في السلطة اليوم أو غداً، يبدو أنه لم يعد كافياً لطمأنة السوريين، ممن يرون أن الخشية من الترحيل تقاسم أسبابها الموالاة والمعارضة، سلطة وسياسيين وأحزاب، على حد سواء.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا