خوف وشوارع خالية..سكانٌ بدمشق: هكذا تبدو حياتنا مع “كورونا”

يُطل أبو فارس من نافذة بيته وسط العاصمة دمشق، ليرى مشهداً مختلفاً عن ذلك الذي اعتاد عليه كل حياته، فاليوم لا ضجيج سيارات ولا أصوات مارة، إلتزاماً بقرارٍ صادر عن حكومة النظام، ينص على حظر التجول من الساعة 6 مساء حتى الـ 6 صباحاً، في مواجهة فيروس “كورونا” المستجد.

يرى الخمسيني، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن التزام سكان دمشق بقرار حظر التجول كان “جيداً”، منذ بدء تطبيقه، مشيراً إلى أن شوارع العاصمة أصبحت خالية فعلياً من أي حركة في أوقات الحظر، في ظل إغلاق كافة المحلات التجارية والمطاعم، باستثناء مراكز بيع المواد الغذائية والصيدليات، مردفاً: “لماذا نخرج من بيوتنا إذاً”.

“كورونا” يفاقم أزمات كبيرة أساساً

قبيل إعلانها رسمياً عن وجود إصابات بفيروس “كورونا”، اتخذت حكومة النظام، إجراءات مشددة لمكافحة انتشاره، كان آخرها، الثلاثاء الماضي، حين فرضت حظر تجول في مناطق سيطرته، من الساعة السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً.

وكثفت السلطات أمس الجمعة، خطوات الحد من الحركة، عندما أصدرت قراراً جديداً، يقضي بـ”منع تنقل المواطنين بين مراكز المحافظات وجميع المناطق والأرياف في جميع الأوقات لغير المصرح لهم اعتبارا من الساعة الثانية ظهراً من يوم الأحد 29-3-2020 وحتى إشعار آخر”.

أبو فارس، الذي يعمل سائقاً على خط بيروت- دمشق، لم يتأثر كثيراً بقرار حظر التجول، وفق ما قاله لـ “السورية نت”، مشيراً إلى أن قرار إغلاق كافة المعابر الحدودية بين لبنان وسورية، كان له الأثر الأكبر عليه، على اعتبار أن عمله توقف بشكل كامل لحين فتح المعابر.

ويضيف متحدثاً عن وضعه المعيشي: “أصبحنا نواجه أعباءً مالية كبيرة، على اعتبار أن الدخل الشهري توقف، حتى أجل غير مسمى”، مشيراً إلى أن الفيروس “اللعين” كما أسماه، زاد من معاناة السوريين في الداخل، والذي يعانون بالأساس من ظروف معيشية “سيئة للغاية”.

يعتمد أبو فارس حالياً على حوالات مالية يرسلها ابنه المقيم في ألمانيا منذ أربع سنوات، متحدثاً عن مخاوف من أن لا يتمكن ابنه، المهدد بفقدان عمله، من إرسال الحوالات، على اعتبار أن الوضع في ألمانيا “سيء” أيضاً بفعل تفشي الفيروس أيضاً.

وعلى أمل ألا يطول الحال أكثر من ذلك، يمضي أبو فارس (58 عاماً) يومه داخل المنزل، وسط دمشق، مفضلاً عدم الخروج إلا للضروة القصوى، إذ يجلب احتياجات عائلته في النهار، ثم “يرابط” داخل منزله في المساء، إلى جانب زوجته وابنتيه، حتى صباح اليوم التالي.

أما الشاب حسام (32 عاماً)، فقد أبدى ضجره من إجراءات حظر التجول، خاصة أن شركة التسويق التي يعمل لديها، منحته إجازة مدة شهر كامل، بموجب إجراءات مكافحة انتشار فيروس “كورونا”، متحدثاً عن مخاوفه من استمرار الوضع الحالي لوقت أطول.

“لا عمل في النهار ولا تجول في المساء”، يقول حسام لـ “السورية نت”، ملمحاً إلى أن ما يمنعه من الخروج من المنزل ليس خوفه من الإصابة بفيروس “كورونا”، وإنما من العقوبات التي فرضتها حكومة النظام على المخالفين لقرار حظر التجول.

إذا أعلنت وزارة الداخلية في حكومة النظام، أمس الأربعاء، توقيف 153 شخصاً لانتهاكهم إجراءات حظر التجول في المناطق الخاضعة لسيطرته، مشيرة إلى أنه ستتم إحالة الموقوفين إلى القضاء المختص.

توقيف 153 شخصاً لمخالفتهم قرار حظر التجول من خلال قيام الوحدات الشرطية بتنفيذ حظر التجول الذي أقره الفريق الحكومي…

Posted by ‎وزارة الداخلية السورية‎ on Wednesday, March 25, 2020

كما انتشرت مقاطع مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر إيقاف دورية لشخص وسط دمشق، تحت مزاعم خرقه قرار حظر التجول، حيث تم إيقافه وقيادته إلى إحدى فروع الأمن “لتسوية وضعه”، وفق ما قال المسؤول عن الدورية في الفيديو.

“كابوس” الأسعار يلاحق السوريين مجدداً

إعلان النظام رسمياً عن وجود خمس إصابات(حتى مساء الخميس) بفيروس “كورونا” ضمن الأراضي الواقعة تحت سيطرته، كان كفيلاً بقلب حياة السوريين وزيادة أوضاعهم المعيشية سوءاً، أو إذا صح التعبير “زيادة الطين بلة”، كما قال أبو فارس.

إذ إن كابوس غلاء الأسعار، الذي لاحق ويلاحق السوريين منذ سنوات، عاد مجدداً بقائمة جديدة من الأسعار المرتفعة، ارتبطت بشكل أو بآخر بهبوط الليرة السورية إلى مستوى غير مسبوق، عقب الإجراءات التي اتخذتها حكومة النظام من أجل مكافحة انتشار فيروس “كورونا”.

وسجل سعر الصرف، الخميس الماضي، 1360 ليرة سورية للدولار الواحد، و1500 ليرة لليورو الواحد، و212 لليرة التركية الواحدة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، وذلك في انهيار لم تشهده الليرة من قبل.

كل ذلك أدى بالإضافة لإقبال الناس على شراء المواد الغذائية بكثافة، إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق، وفق ما أكده الشاب حسام، وأبو فارس لـ “السورية نت”، وتحدثا عن ارتفاع أسعار اللحوم والمعلبات والخضار والفواكه بشكل يومي، وسط غياب الرقابة التموينية، خلافاً لما تعلن عنه حكومة النظام، التي أكدت تشديد الرقابة على المحلات الغذائية ومراقبة الالتزام بالإعلان الصحيح عن الأسعار.

إجراءات النظام.. خطوة نحو الوراء

رغم الإشادة بالإجراءات التي اتخذتها حكومة الأسد في مواجهة فيروس “كورونا”، خاصة حظر التجول وإغلاق جميع الفعاليات التجارية والمحلات، يبدو أن بعضاً منها لم يُجدِ في تخفيف الازدحام وطوابير الانتظار، منعاً لانتشار عدوى “كورونا” بين الناس.

فقرار الحكومة بمنع توزيع الخبز في الأفران، وإقرار آلية جديدة لتوزيعه عبر باصات متجولة في شوارع المدينة، كان خطوة نحو الوراء، وذلك عقب انتشار صورٍ لاقت انتقادات عدة، تُظهر تزاحم مجموعة من السكان والتصاقهم ببعضهم للحصول على ربطة خبز، كانت توزعها إحدى المكروباصات في مدينة صحنايا بريف دمشق.

وتداولت شبكات موالية تلك الصور، مطالبة بإيجاد آلية جديدة لتوزيع الخبز، مختلفة عن الآلية السابقة، التي لم تُظهر الفارق المطلوب في تخفيف الاكتظاظ.

يا جماعة مشان الله موضوع الخبز ..الخبز..الأفران ..المعتمدين..لازم حل..هاد المنظر حاليا بصحنايا توزيع الخبز من قبل…

Posted by ‎شبكة أخبار صحنايا Sahnaya News‎ on Wednesday, March 25, 2020

إلا أن صحيفة “الوطن” الموالية، قالت في تقرير لها، الخميس، إن محافظة دمشق بدأت بتطبيق آلية جديدة لتوزيع الخبز، حيث تم إيقاف بيع المادة إلى المواطنين بشكل مباشر من الأفران، على أن يتم  إيصال الخبز إلى المنازل عبر الفرق الحزبية ولجان الأحياء والمخاتير، وذلك بمعدل ربطة واحدة لكل عائلة بغض النظر عن عدد أفرادها بشكل مبدئي.

وكذلك تحدث الشاب حسام لـ “السورية نت” عن استمرار الازدحام في المؤسسات الاستهلاكية، المختصة ببيع المواد الغذائية، وسط إقبال السكان على تخزين بعض المواد الأساسية، خوفاً من ارتفاع أسعارها أو فقدانها في الأسواق، وفق ما قال، مشيراً إلى أن الإجراءات الحكومية لم تتمكن من منع ذلك الازدحام.

ورغم أن تأثيرات جائحة “كورونا” لم تخص سورية فقط، بل ضربت معظم دول العالم، إلا أن وقعها على السوريين في الداخل يبدو أكبر في ظل ظروف معيشية سيئة يعاني منها السوريون منذ سنوات، إلى جانب عدم جاهزية القطاع الطبي السوري، وسط مخاوف كبيرة في المرحلة المقبلة.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا