ضحاياها مدنيون.. كيف تواجه “الخوذ البيضاء” نزيف مخلفات الحرب بإدلب؟

قتل شخصان وأصيب آخر، مساء أمس الثلاثاء، جراء انفجار لغم أرضي على أطراف بلدة “كنصفرة” في منطقة “جبل الزاوية”، جنوبي إدلب.

وقالت فرق “الدفاع المدني السوري”، إنّ “الضحايا تعرّضوا للإصابة خلال عملهم في قطاف التين، تزامناً مع قصف مدفعي من قوات الأسد”.

وتستمر مخلفات الحرب في حصاد أرواح مدنيين في ريفي إدلب وحلب، إذ تعتبر الحادثة هي الثانية هذا الأسبوع، بعد مقتل شخص بانفجار لغم مماثل على أطراف بلدة النيرب شرقي إدلب.

ووثقت فرق “الخوذ البيضاء”، منذ مطلع العام الجاري حتى 17 أغسطس/آب الجاري، حوالي 16 انفجاراً بمخلفات الحرب سواء ألغام أو ذخائر غير منفجرة.

وبحسب إحصائية أدلت بها الفرق لـ”السورية.نت”، فإنّ الانفجارات أسفرت عن مقتل 11 شخصاً، بينهم 5 أطفال، وإصابة 18 آخرين بينهم 14 طفلاً وسيدة، في منطقة شمالي غربي سورية.

انتشار في عموم سورية

محمد سامي المحمد، وهو منسق برنامج الذخائر غير المنفجرة (uxo) في مؤسسة “الدفاع المدني السوري”، يقول لـ”السورية.نت”، إنّ “مخلفات الحرب تنتشر في عموم مناطق سورية التي باتت ساحة حرب لتجريب واختبار الأسلحة الروسية، فحجم الترسانة العسكرية الهائل التي تم قصف المدنيين بها كبير جداً، وانتشرت مخلفات الحرب في المدن والقرى وفي الأحياء السكنية وفي الأراضي الزراعية”.

ويلفت المحمد في حديثه، إلى أنّ “خطر مخلفات الحرب لا يقتصر على ما تخلفه من ضحايا فقط، فلها آثار أخرى، إذ تمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وتشكل خطراً على حياتهم، وتمنع الصناعيين من العمل في بعض الورشات التي طالها القصف، كما تؤثر تلك المخلفات على عودة السكان لمنازلهم ولاسيما في المناطق التي تعرضت للقصف بشكل مكثف”.

ومن الملاحظ أنّ الحادثتين المسجّلتين في ريف إدلب، خلال الأسبوع الجاري، تعودان لمزارعين يعملون في قطاف مواسمهم من “التين”.

وتشكّل مخلفات الحرب تحدياً أمام الأهالي العائدين من مناطق نزوحهم، خلال موسم “التين” وباقي المحاصيل الشجرية، بغرض قطاف محصولهم، إلى جانب طموحهم في الإقامة.

ويعلّق المحمد حول هذا الموضوع: “الأهالي قد يقتربون بشكل كبير من خطوط التماس لجني محاصيلهم، والتي لا يمكن لفرقنا الوصول لها كونها مناطق مكشوفة على قوات الأسد”.

“قنابل موقوتة” في إدلب..مخلفات القصف تهدد استقرار السكّان وتحرمهم أرزاقهم

أما في منطقة شمالي غربي سورية، يوضح محدّثنا أنها “تكثر في منطقة سهل الغاب، وقرب مدينة جسر الشغور والمناطق الشرقية لمدينة إدلب (سرمين – بنش – تفتناز)، وجنوبي إدلب في جبل الزاوية، وريف حلب الغربي، ومنطقة الباب وعفرين في ريف حلب”.

ويضيف: “يعتبر جبل الزاوية خلال هذه الفترة من أكثر المناطق التي تشهد انفجارات لمخلفات الحرب لعدة أسباب، أهمها أن المنطقة تعرضت لقصف مكثف منذ عام 2019 حتى بداية عام 2020 وبوتيرة أخفض حتى الآن، ويوم أمس تعرضت المنطقة لقصف بصواريخ تحمل قنابل عنقودية وبحسب الأمم المتحدة فإنّ نحو 40% من القنابل العنقودية لا تنفجر وتتحول لقنابل موقوتة”.

فريق متخصص يواجه المخلفات

تواجه فرق الدفاع المدني، عبر فريق متخصص، منذ العام 2016، مختلف الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب، وتمكنت خلال هذه السنوات من إزالة حوالي 21 ألف ذخيرة عنقودية فقط، بينما الألغام ليست من مهمّة الفرق، على حدّ قولها.

يشرح المحمد في تتمة حديثه لـ”السورية.نت”، عن آلية عمل فريق الـ(UXO)، التي تكون على ثلاث مراحل متداخلة، أوّلها عمليات المسح عبر 6 فرق، توسم المناطق الملوثة بالذخائر تمهيداً لإزالتها.

ونفّذ متطوعو “الخوذ البيضاء”، حوالي 781 عملية مسح غير التقني، وتم تحديد 260 منطقة ملوثة بالذخائر،  وبعد تحديد المناطق الملوثة ترسم الخرائط وترسل لفرق الإزالة، لتعمل بدورها للتخلص من كل ذخيرة بشكل منفرد دون نقلها من مكانها، بحسب المحمّد.

وتأتي بعد المسح، عملية الإزالة وهي المرحلة الأخيرة والأخطر، إذ كلّفت 4 ضحايا من فرق الدفاع المدني منذ بدء نشاطها في إزالة الذخائر غير المنفجرة.

ويتابع المحمد حولها: “بعد الوصول للمنطقة الموسومة تجري عملية بحث في المكان الملوث بشكل دقيق، وتتم عملية إتلاف الذخائر (كل ذخيرة على حدى) بحرفية عالية ومهنية، من قبل الفرق التي تحرص على إتلافها بشكل كامل، ونفّذت فرقنا حوالي 449 عملية إزالة، تم خلالها التخلّص من 524 ذخيرة متنوعة”.

ويبلغ عدد فرق الإزالة 6 فرق متوزعة في شمال غربي سورية، تخلصت من أكثر من 23 ألف ذخيرة متنوعة، من بينها أكثر من 21 ألف قنبلة عنقودية.

ووثقت الفرق، استخدام نظام الأسد وروسيا 60 نوعاً من الذخائر المتنوّعة، بينها 11 نوعاً من القنابل المحرّمة دولياً.

ولا تغفل فرق (UXO)، الجانب التوعوي، إذ نفّذت حوالي 1000 حملة توعية منذ بداية العام الحالي، بلغ عدد المستفيدين منها، أكثر من 20 ألف مدني، نسبة 90% منهم أطفال.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا