في اليوم العالمي للاجئين..تحذيرات من “كارثة” إغلاق “شريان الحياة” لشمال غرب سورية

 جددت منظمات دولية ومحلية، دعواتها بضرورة تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود، محذرة من “كارثة” ستلحق بملايين السكان، فيما لو توقف تدفق شاحنات الإغاثة.

تأتي هذه الدعوات تزامناً مع اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف 20 يونيو/ حزيران من كل عام، والتي وصفت فيه مفوضية اللاجئين سورية بأنها “أكبر أزمة نزوح في العالم”، وأكدت أن “أكثر من نصف العدد الإجمالي للسوريين هم نازحين قسراً”.

ويفترض أن يصوت مجلس الأمن، قبل العاشر من الشهر المقبل، على تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى الداخل السوري، وسط تخوف من استخدام روسيا حق النقض (الفيتو).

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

منظمات وأطراف تحذر

وفي اليوم العالمي للاجئين، جددت منظمات دولية ومحلية، دعواتها بضرورة تمديد قرار إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سورية.

وقال حساب السفارة الأمريكية في سورية عبر “تويتر” إن “سورية هي أكبر أزمة لاجئين في العالم. في يوم اللاجئ العالمي، لنتذكر ملايين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إلى مساعدتنا. إنهم يعتمدون علينا لتقديم الدعم المنقذ للحياة ونحن بحاجة إلى السماح للأمم المتحدة بإيصال المساعدات إلى المحتاجين”.

كما أطلقت منظمة “أطباء بلا حدود” تحذيراً قالت فيه إنه “في حال عدم تجديد القرار، سيواجه أكثر من 4 ملايين شخص في المنطقة خطر خسارتهم للمساعدات الإنسانية والطبية التي تشتد الحاجة إليها”.

ودعت المنظمة الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى تجديد القرار وإتاحة مرور المساعدات من معابر مغلقة.

من جهتها وصفت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بربارة وودوارد، ما يحصل في سوريا بأنه “إحدى أكثر الأزمات مأسوية” في العالم.

وحذرت، في اليوم العالمي للاجئين، من إخفاق مجلس الأمن في تمديد قرار إرسال المساعدات عبر الحدود، واعتبرت أن ذلك “سيكون بمثابة حكم بالإعدام على الشعب السوري”.

أما منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، فقد قالت عبر “تويتر”، إن السوريين “تركوا وطنهم مرغمين، فرّوا من الموت والقصف والاعتقال الذي يمارسه نظام الأسد وروسيا، وقصدوا المجهول بحثاً عن بريق أمل في الحياة”.

وأكدت المنظمة أنه في اليوم العالمي للاجئين على “حق العودة الآمنة للسوريين ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه بحقهم ليعودوا إلى بلدهم الخالية من المجرمين”.

من جهته قال مدير الدفاع المدني، رائد الصالح، إنه “عندما يتكلم أحد عن اللاجئين والمهجرين في العالم، فإن السوريين هم في المقدمة دائماً، فالحرب الكارثية التي يشنها نظام الأسد وحليفه الروسي، لم تقتل وتدمر فحسب بل شردت سورية وغيرتها ديمغرافياً قبل كل شيء وهذا أمر لا يمكن لأحد الهروب منه”.

وأضاف الصالح لـ”السورية. نت”، أنه وفق إحصاءات مفوضية الأمم المتحدة فإن عدد المهجرين والنازحين واللاجئين السوريين يقدر بنحو 13 مليون إنسان أي نصف عدد سكان سورية.

واعتبر أن هذه الأرقام “مخيفة جداً وتتطلب تحركاً دولياً حقيقياً”، معرباً عن أسفه في تعامل جميع دول العالم والمجتمع الدولي والأمم المتحدة مع مسألة اللاجئين السوريين والمهجرين والنازحين كـ “استجابة وحلول مؤقتة، دون العمل بشكل حقيقي لإنهاء معاناتهم”.

كما اعتبر أن اللاجئين السوريين “باتوا اليوم سلعة للمساومة بين عدة أطراف، فيما بدأ المجتمع الدولي بالتململ منهم ونرى تراجع التمويل للمهجرين واللاجئين في دول الجوار وأثر ذلك عليهم لاسيما في ظل فيروس كورونا”.

سوريون: باب الهوى شريان الحياة

وفي شمال غرب سورية، قال حسن محمد، وهو سوريٌ فر مع عائلته من أرياف حماه قبل حوالي سنتين، ليسكن في أحد مخيمات أطمة قرب الحدود السورية-التركية، إنه يعتمد مع “كثيرين من سكان المخيمات هنا بشكل شبه كامل على المساعدات”، قائلاً لـ”السورية.نت”، إن عدم توفر ظروف استقرار يُقلّص من فرص العمل في مناطق شمال غرب سورية.

وأضاف إن “المساعدات التي تصلنا من المنظمات العاملة توفر لنا قدراً جيداً من احتياجات الحياة الأساسية”.

أما خالد عبود، من مخيم التح في إدلب، فقد اعتبر في حديثه لـ”السورية. نت” أن “عدم وصول المساعدات إلى مخيمنا والمخيمات المحيطة بالمنطقة، سيحرم آلاف العائلات من الغذاء والدواء وغيرها من المواد اللازمة للحياة”.

وأضاف الأربعيني الذي يسكن المخيم المذكور منذ ثلاث سنوات مع أسرته المكونة من ستة أشخاص، إن “الناس هنا تعتمد بشكل أساسي على المساعدات التي تصل(..)بعض العائلات لديها من يعمل بأجر يومي قليل لا يكفي لشراء مستلزمات الحياة، ولكن عائلات كثيرة أيضاً لا يوجد لها أي مورد تؤمن من خلاله حاجاتها اليومية وبالتالي فهي تعتمد بشكل كامل على المساعدات التي يتم توزيعها”.

من جهته وصف مدير “الدفاع المدني السوري” رائد الصالح الوضع في شمال غرب سورية بأنه “مأساوي”، معتبراً أنه وفي حال “إغلاق معبر باب الهوى فهذا يعني كارثة إنسانية لسكان شمال غربي سورية، والذين هم أصلاً في حاجة إلى فتح معابر أخرى”.

وحدد الصالح من مخاطر إغلاق المعبر، وهي “نهاية خطط الأمم المتحدة لتوزيع اللقاحات المضادة لكوفيد-19 لملايين السكان، ويقلل إلى حد كبير من العمليات الإنسانية الأساسية”.

كما “ستتوقف شحنات الأغذية والمساعدات الإنسانية الأخرى للأمم المتحدة فوراً، في وقت يمر فيه المدنيون بأزمة اقتصادية خانقة”.

إضافة إلى أن وضع القطاع الطبي سيكون “كارثياً”، حسب الصالح، لا سيما أنه تعرض للاستهداف المباشر من قبل النظام وروسيا مرات كثيرة، بما في ذلك خلال فترة انتشار “كورونا”.

ما الحلول؟

وفي حال رفض روسيا تمديد القرار واستخدامها لحق النقض “الفيتو”، أشار الصالح إلى وجود حلول خارج مجلس الأمن، لكنها تحتاج للكثير من العمل والتحديات.

وفيما لو فشل تمديد القرار، ستضطر المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غرب سورية، إلى العودة إلى ما قبل القرار الأممي 2165، وسيتحول التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية، توزع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإغاثية.

واعتبر الصالح أن هذه الآلية “معقدة”، ولها سلبياتها وتفرض إنشاء صندوق للتمويل الإنساني ويكون خاصا بسورية، بدلاً من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة.

وفي وقت سابق هذا الشهر، تحدث المدير التنفيذي لمنظمة “إحسان للإغاثة والتنمية”، براء صمودي، عن مصاعب في إيجاد بدائل حقيقية عن المساعدات الأممية العابرة للحدود، مشيراً إلى أن الخطة الأولية في حال تم تعطيل التفويض تتمثل بزيادة التواصل مع الداعمين الحكوميين والمنظمات الدولية للتأكد من استمرار الدعم المخصص للمحتاجين له بالوتيرة ذاتها.

وتحدث صمودي لـ”السورية نت” عن جهود وخططٍ لمواجهة التحديات التي ستنتج فيما تمت عرقلة تمديد القرار الدولي، لضمان عدم انقطاع الخدمات والمساعدات الإنسانية التي يستفيد منها مئات آلاف السكان في شمال غرب سورية.

منظمات إنسانية سورية: التحديات تتفاقم مع زيادة المحتاجين للمساعدات

وفيما أكد “وجود حاجة كبيرة ومُلحّة لمئات آلاف السكان في الشمال السوري”، فقد أشار إلى أن الخطط البديلة إذا فشل مجلس الأمن بتمديد القرار، تتمحور بضرورة تحويل التمويل المخصص للأمم المتحدة ومنحه لمؤسسات أخرى فاعلة في مجال العمل الإنساني، بحيث يكون للمنظمات المحلية صلة مع تلك المؤسسات، وبذلك يتم ضمان استمرار وصول المساعدات للمحتاجين إليها.

ورغم أن المقترحات السابقة تمثل رغبة معظم المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، في حال تم تعطيل التفويض، رأى مدير “منسقو استجابة سوريا”، خلال حديثه لـ”السورية.نت” محمد حلاج، أن هناك تحديات ومخاوف من تطبيقها.

وتتمثل تلك المخاوف باستهلاك مدة زمنية طويلة لتطبيق المقترحات، والتي قد تستغرق من ستة أشهر إلى سنة، وبالتالي حرمان مئات آلاف المدنيين من المساعدات الغذائية وتفشي أكبر لفيروس “كورونا” وعدم القدرة على ضبطه.

إلى جانب مخاوف متعلقة برفض المانحين الدوليين تحويل الأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية، خارج نطاق وكالات الأمم المتحدة إلى جهات أخرى، وبالتالي نقص التخصيص في كمية المساعدات.

وأشار حلاج إلى وجود “مخاوف من استهداف القوافل الإنسانية الداخلة إلى سورية بعد انسحاب روسيا من آلية تحييد المنشآت والقوافل الإنسانية”، خاصة في حال رُفعت يد الأمم المتحدة عن العملية الإنسانية.

وقال تقرير حديث للأمم المتحدة، إن نحو 13 مليون سوري اضطروا خلال السنوات الأخيرة للنزوح من بيوتهم، نصفهم غادر سورية، والنصف الآخر مازال نازحاً داخل البلاد، ويعتمد كثير منهم على المساعدات التي تؤمنها الوكالات والمنظمات الإنسانية.

في اليوم العالمي للاجئين..السوريون في صدارة الجنسيات اللاجئة حول العالم

وحسب تقرير صادر عن “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”، منتصف العام الماضي، فإن 3.6 مليون لاجئ سوري موجودون في تركيا، و910 آلاف و600 في لبنان، و654 ألفًا و700 في الأردن، وفي ألمانيا 572 ألفًا و800 لاجئ.

كما يتواجد أكثر من 3.4 ملايين شخص في الشمال السوري بحاجة إلى مساعدات، قيمت الأمم المتحدة حالة أكثر من 90% بأنهم بحاجة ماسة أو كارثية.

المصدر السورية. نت
قد يعجبك أيضا