في ثلاث مناطق نفوذ.. كيف يُواجَه فايرس “كورونا” في سورية؟

يتخوف السوريون من “فايروس” كورونا، الذي بات هاجساً وكابوساً لا ترسم حدود لانتشاره، ولا تقتصر الإصابة به بدولة دون غيرها، وما يميزهم أنهم متشظون في ثلاث مناطق نفوذ على خريطة سورية كاملة، بين مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة وأخرى تتبع لنظام الأسد و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وبينما يستمر عداد الوفيات والإصابات بالفايروس في العالم، تغيب سورية عن أية إحصائيات، والتي تعتبر خالية من أية إصابات، بحسب رواية نظام الأسد الرسمية، وأطراف النفوذ في الشمال السوري والشمال الشرقي.

وبحسب حصيلة وثقتها وكالة “فرانس برس” بناء على مصادر رسمية، حتى الساعة 17.00 بتوقيت غرينيتش من يوم أمس الجمعة، فإن 5347 شخصاً على الأقل أصيبوا بفايروس “كورونا” منذ ظهوره، في كانون الأول الماضي.

وأوضحت الوكالة أنه تم تسجيل أكثر من 140.720 إصابة في 124 بلداً ومنطقة منذ ظهور الوباء، مشيرةً إلى أن الرقم “لا يعكس الواقع بشكل مثالي، إذ تعتمد بعض الدول سياسة فحص ومعايير إحصاء محدودة نوعاً ما”.

ومنذ الإحصاء الأخير حتى الساعة 17.00 بتوقيت غرينتش من يوم الخميس، سجلت 422 وفاة و9265 إصابة جديدة في العالم، والدول التي سجلت أكبر عدد وفيات خلال الساعات الـ24 الماضية هي إيطاليا (250) وإيران (85) وإسبانيا (36).

إجراءات متزامنة

على نحو متتالٍ، تتخذ مزيد من الدول إجراءات عزل، وتجمد أنشطتها، كإغلاق المدارس والحدود والأماكن العامة وفرض قيود على التنقل وإلغاء مناسبات رياضية أو ثقافية، للتصدي لانتشار فايروس “كورونا”، الذي تسبب حتى الآن بوفاة أكثر من 5 آلاف شخص حول العالم.

ولم تكن سورية بمعزل عن الإجراءات المذكورة سابقاً، والتي جاءت في وقت متأخر، خاصةً بعد تسجيل مئات الحالات في جاراتها من الدول، وخاصةً في العراق والأردن ولبنان، والذي يشهد تزايداً في أعداد الإصابات يوماً بعد يوم.

نظام الأسد “يكذب”؟

يُصرّ نظام الأسد على عدم وجود أي اصابة في مناطق سيطرته، وهو ما تروج له وسائل إعلامه الرسمية، والتي تركّز على رواية واحدة، تنفي من خلالها أية معلومات تثبت وجود إصابات، وتقول إن الإصابات وإن كشف عنها ترتبط بـ”التهاب رئوي” أو ما يسمى طبياً بـ”فايروس ذات الرئة”.

وكان “المرصد السوري لحقوق الإنسان” قد نقل عن مصادر طبية قولها، إن فايروس “كورونا” انتشر بشكلٍ رئيسي في محافظات دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص، وأن هناك إصابات كثيرة تم تسجيلها بالفايروس، بعضها قد فارق الحياة، والآخر وضع بـ”الحجر الصحي”.

وبحسب ما قال مصدر طبي من “مديرية صحة حمص” لـ”السورية.نت” فإن الأخيرة كانت قد شرعت، منذ مطلع شباط الماضي، ببناء مراكز لـ”الحجر الصحي” في مدينة تدمر في الريف الشرقي.

وأضاف المصدر الطبي أن بناء مراكز “الحجر الطبي” تزامن معه تعميم يوضح أن الاستجابة الطبية لفايروس “كورونا” ستكون مقتصرة على نقل المصابين إلى مراكز الحجر الطبي فقط، دون إجراءات أي تدخلات طبية في مراحل الإصابة الأولى.

وفي خطوة متأخرة جاءت بعد أشهر من إجراءات اتخذتها دول العالم، أعلن نظام الأسد تعليق الدوام في الجامعات والمدارس والمعاهد التقانية العامة والخاصة لدى كافة الوزارات، ابتداءً من اليوم، وقرر اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعقيم وحدات السكن الجامعي.

وبحسب ما ذكرت وكالة أنباء نظام الأسد (سانا)، أمس، فإن حكومة الأسد قررت تخفيض حجم العاملين في مؤسسات القطاع العام الإداري إلى حدود 40 ٪،  وفق نظام المناوبات.

كما تعمل، وفق الوكالة، على تجهيز مراكز الحجر الصحي بمعدل مركزين في كل محافظة، بالإضافة إلى تجهيز طلاب السنة الأخيرة والدراسات العليا في كافة اختصاصات الطب البشري للانخراط في المشافي، حينما يتم الإعلان عن الحاجة إليهم لتعزيز الكوادر الطبية فيها، وتهيئة المشافي في الجامعات الخاصة.

ما سبق كان قد مهد له إعلان نظام الأسد تعليق الرحلات والزيارات إلى دول الجوار ما عدا لبنان، بالإضافة إلى المعابر البرية، والتي ماتزال تشهد نشاطاً للمسافرين، وخاصة البوكمال، الذي يعبر من خلاله مئات الحجاج الإيرانيين والعراقيين، القاصدين مرقد السيدة زينب.

في الشمال.. “الصحة العالمية” تنسّق

إلى الشمال السوري، حيث تسيطر فصائل المعارضة السورية، اتخذت أيضاً المؤسسات الطبية فيها إجراءات للحد من انتشار فايرس “كورونا”، والذي يهدد أكثر من ثلاثة ملايين مدني، بحسب ما قالت “منظمة الصحة العالمية”، مشيرةً إلى أن معدل انتشاره في شمال سوريا “مرتفع جداً”.

الإجراءات التي تعمل عليها المؤسسات الطبية في الشمال السوري، تجري بالتنسيق مع “منظمة الصحة العالمية”، والتي بدأت بتدريب كوادر طبية في العاصمة التركية أنقرة، من أجل تشخيص الفايروس، في حال الاشتباه به.

وبحسب ما قال مصدر طبي لـ”السورية.نت” تعمل “الصحة العالمية” على إنشاء مختبرات خاصة لتشخيص “كورونا” في الشمال السوري، في كل من محافظة إدلب، وفي مراكز طبية على الحدود السورية- التركية.

وكان المتحدث باسم “الصحة العالمية”، هيدين هالدورسون قد أكد، في الأيام الماضية، أن منظمة الصحة العالمية مضطرة لمساعدة المتضررين عبر الحدود، لأنها غير قادرة على تقديم الخدمات من الأراضي التي يسيطر عليها نظام الأسد.

وقال إن عمليات “تدريب العاملين في المجال الصحي تتم بالتوازي مع تجهيز مختبرات في كل من إدلب وأنقرة لتشخيص الفيروس بشكل آمن”.

وبالتزامن مع ما سبق كانت مديريات التربية في مناطق ريف حلب الشمالي قد علقت العملية التعليمية في المدارس تفادياً لانتشار “كورونا”، وأجّلت موعد الاختبار المعياري لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية، الذي كان من المقرر أن يجري في 16 من آذار، إلى موعد سيتم تحديده لاحقاً.

في حين أغلق “الجيش الوطني” معبر أبو الزندين أمام الوافدين من مناطق نظام الأسد، حتى نهاية الشهر الجاري، بالإضافة إلى معبر “عون الدادات” الواصل مع مناطق “قسد”، وهي خطوات ترافقت مع تعلق حركة العبور من قبل تركيا، عبر المعابر الواصلة مع سورية، في كل من “باب الهوى” و”باب السلامة”.

“تدابير وقائية” في الشرق

في إجراءات لم تختلف عما شهدته مناطق سيطرة نظام الأسد وفصائل المعارضة، تحركت “الإدارة الذاتية” شمال شرق سورية أيضاً، واتخذت “تدابير وقائية” للحد من انتشار “كورونا” في المناطق التي تديرها.

ونشرت قراراً عبر معرفاتها الرسمية، اليوم السبت، ألغت فيه كافة التجمعات في مناطق سيطرتها، وعطّلت المدارس والمعاهد والجامعات، اعتباراً من اليوم وحتى إشعار آخر.

وجاء في قرارها: “يمنع دخول أي شخص عبر كافة المعابر التابعة للإدارة الذاتية، باستثناء سكان مناطق شمال وشرق سورية، ويخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع موعداً لإدخالهم”.

وفيما يخص معبر “سيمالكا” الواصل بين مناطق “الإدارة الذاتية” وكردستان العراق، أشارت في قرارها إلى أنه سيبقى مغلقاً حتى إشعار آخر، باستثناء عبور الحالات الطبية الطارئة.

Posted by ‎الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا‎ on Saturday, March 14, 2020

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا