ماذا حدث في سورية 2021؟ ماذا سيحدث في 2022؟

 (نُشر هذا المقال لأول مرة في 28ديسمبر/كانون الأول 2021. على موقع FİKİR TURU باللغة التركية)
– ترجمهُ لـ”السورية.نت”: نادر الخليل، زميل  في “مركز عمران للدرسات الاستراتيجية”

ما الذي حدث في سورية حتى رجحت كفة المفاوضات على كفة المواجهات؟. ما هو نوع الخلاف الذي يسببه مستقبل سورية داخل “وحدات حماية الشعب”؟ وأي طرف فيه أقرب لأي دولة ولماذا؟ ما هي نقاط التحول المحتملة في العام 2022؟

كانت شهدت سورية حالة من الهدوء على مدى العامين الماضيين، حتى يمكن القول إنها كانت هادئة للغاية قياساً لبلد كان في حالة حرب “أهلية” منذ 10 سنوات. وهذا الهدوء يُسقط سورية من جدول “الاجندات” في الشرق الأوسط الذي طالما كان مسرحاً للتطورات المذهلة.

أتمنى أن تستقر الأمور في سورية بشكل كامل، لكن دعونا نترك وراءنا ما كان يحدث على مدى السنوات العشر الماضية ولننسى “أجندات” البلد الذي نتحدث عنه مع الصراعات الداخلية والتغيير الديموغرافي والأزمات الإنسانية. أعتقد أنه حتى نشهد الاستقرار المنشود سيتعين علينا الانتظار لفترة أطول قليلاً. على الأقل إذا فهمنا الديناميكيات الداخلية للهدوء النسبي في عام 2021، ربما يمكننا التنبؤ بمدة استمرار هذا الهدوء مستقبلاً.

الذكرى العاشرة للحرب “الأهلية”

قبل كل شيء، اريد ان اوضح ما يلي؛ في هذه المقالة، لن اسرد معلومات وبيانات حساسة مثل مواقع “بلدة-قرية”، أو تفاصيل “نهر- جبل”، أو عدد الهجمات، أو من هي الجهات الفاعلة في المحادثات ومن يتمركز فيها، بل عوضاً عن ذلك، سيتم تقديم مخطط عام بطريقة يمكن فيها فهم الديناميكيات الأساسية دون الانزلاق في التفاصيل.

كان العام 2021 العاشر للحرب “الأهلية” في سورية، حيث شهد الصراع في سورية الكثير من التقلبات، فحالة الصراع فيها  كحال أيّة حرب “أهلية” طويلة الأمد. فمثلاً لم تشهد الحرب الاهلية في لبنان نفس الشدة خلال سنواتها الـ 15 التي استمرت فيها. وايضاً بينما كانت هناك فترات من الفوضى في العراق منذ عام 2003، ومن ثم مع ظهور “داعش” والحرب الأهلية الطائفية، كانت هناك أحيانًا فترات من الاستقرار النسبي في العراق. وبالتالي، لا تدع فترة الهدوء النسبي التي مرت بسرعة خلال العامين 2018 – 2019 في سورية، تجعلك تعتقد أن الحرب الأهلية فيها قد انتهت.

 تسأل لماذا؟

لنحدد الامر ببساطة، قبل 10 سنوات، بدأت الحرب “الأهلية” مع تمرد مجموعات متفرقة بلا قيادة وذات أهداف مختلفة، ضد “حكومة” قمعية كانت تسيطر على السلطة المركزية بتحالفها مع الأقليات، وبمساهمة العائلات الثرية ويدعمها هيكل أمني شديد الصلابة.

وكانت شهدت السنوات الأربعة الأولى من الحرب “الاهلية” خسارة مستمرة للنظام وتقدماً واضحاً للجماعات المناهضة له بعد تلقيها دعماً خارجياً. ولكن، مع التدخل الروسي المباشر في خريف عام 2015، انقلب الامر رأساً على عقب، وبدأت مرحلة استعادة “الحكومة المركزية” للأماكن التي فقدتها واحدة تلو الاخرة نتيجة للدعم الخارجي الذي تلقته، واستمر الأمر الى ان اكتملت هذه العملية في الأشهر الأولى من العام 2020 تقريباً.

ولكن الآن، أصبحت تكلفة أية عملية عسكرية كبيرة جداً مقارنة بالمساحة التي سيتم السيطرة عليها؛ حيث بات واضحاً انه من غير الممكن تنفيذ أي عمليات عسكرية جديدة في سورية دون مساومة واتفاق متبادل. لهذا السبب، يبدو أن التحركات العسكرية طويلة الامد والمدمرة التي جعلت سورية تبقى على جدول الأعمال  في السابق، إلى ان حلت محلها استراتيجية “تدمير غير مباشرة” ولكنها مستمرة. وعليه، بينما نعتقد أنه لا يوجد تطور كبير في سورية، فإنه في واقع الامر، عند النظر بتمعن يمكن ملاحظة أننا لا نزال نشهد استمراراً لبعض نقاط التحول المهمة.

نزاعات عام 2021

حتى لو أردنا الحديث عن اهم عشرة أحداث في العام الماضي، فإن هذه المقالة لن تكفي ذلك، لذا لم اوُرد أي تسلسل زمني.

ربما لم تكن هناك عملية عسكرية كبيرة خلال العام، إلا ان الخط الشمالي للبلاد شهد استمراراً لمعظم الاشتباكات الكبيرة والصغيرة. كما يمكننا تصنيف النزاعات “الصراعات” كما يلي:

 الصراعات بين تحالف “النظام-روسيا” وجماعات المعارضة المسلحة؛ والتوترات بين جماعات المعارضة المسلحة نفسها؛ والاشتباكات بين “ميليشيات النظام” و( حزب العمال الكردستاني- وحدات حماية الشعب)؛ وهجمات (حزب العمال الكردستاني – وحدات حماية الشعب) على المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المدعومة من تركيا، والعمليات ضد “داعش”.

لتسهيل دراسة التصنيف السابق نبدأ من النهاية.

شهدت الأيام الأولى من العام 2021 هجوماً شنه “حراس الدين” وهو “ذراع القاعدة” في سورية على روسيا، هذا الهجوم، لم يتكرر، ووقع قرب الرقة في مكان لم تتوقعه روسيا ابداً. وايضاً، شهد شهر كانون الثاني فترة اكتسبت فيها العمليات الروسية زخماً ضد “داعش” في سورية، لكنها بقيت كحالها في العام السابق مستمرة دون أية نتائج كـ “لعبة القط والفأر”، بين “روسيا والأسد” و”داعش” في صحراء دير الزور عام2021.

خلال العام شهدنا ايضاً استمرار سلسلة من الصراعات الأخرى غير الحاسمة على مستويات مختلفة، كانت بين الميليشيات التابعة “للنظام” و”وحدات حماية الشعب”، فبدءاً من كانون الثاني وقع عدد كبير من النزاعات المسلحة “ثلاث مرات على الأقل”، وبعض هذه النزاعات كانت خفيفة. كانت الديناميكية الرئيسية وراء هذه الصراعات محاولة “الميليشيات الموالية” لدمشق أن يكون لها رأي في المناطق التي كانوا فيها، والتي توقعت أن يستعيد النظام القوة فيها مرة أخرى وانه يمكن أن يعود إلى محافظتي الرقة والحسكة.

 في الواقع، قام “النظام” في الأشهر اللاحقة من العام وبدعم من روسيا بتوسيع نطاق نفوذه تدريجياً في شمال شرق سورية. وعملياً، وصل جنود “روسيا والنظام” في تشرين الثاني الماضي إلى نقطة إجراء مناورات عسكرية في المنطقة الواقعة بين شمال الرقة وغرب الحسكة.

كما أنه على مدار العام فقد عشرات المدنيين أرواحهم في هجمات بمركبات مفخخة وصواريخ على تجمعات مدنية مزدحمة في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”، نتيجة لاستمرار العمليات الإرهابية لـ” حزب العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب”.

وإذا نظرنا إلى “وحدات حماية الشعب” والدول التي تدعمها، فإن “وحدات حماية الشعب لا تشكل تهديدًا لتركيا”. ومع ذلك، فإن الأعمال الدموية ضد القوات المسلحة التركية والسكان المدنيين تقوم بها مجموعات لا تخفي ولائها لـ”وحدات حماية الشعب الكردية”. من الواضح أن هذه الهجمات ليس لها عواقب استراتيجية. ورغم ذلك، تواصل المنظمة الإرهابية مهاجمتها عند كل فرصة تتاح لها.

أيضاً لا يمكن التغاضي عن التوترات بين “المنشقين المسلحين”، وتزداد أهمية هذه التوترات، التي تحدث مثلاً في مناطق “غصن الزيتون” و”درع الفرات” في الغالب في إطار مسائل النظام العام.

 كما أن “هيئة تحرير الشام” في إدلب تدخلت كثيراً في الديناميكيات الداخلية للجماعات التابعة للجيش الوطني السوري، من أجل ترسيخ هيمنتها المطلقة في إدلب. ورغم ان التغييرات لم تكن كبيرة داخل هذه المجموعات، لكن  لا يصعب القول بأن هذه الجماعات التي تهدر طاقتها في التعامل مع بعضها البعض تزداد ضعفاً كل يوم في مواجهتها ضد “النظام”.

ماذا حدث في ادلب؟

بالطبع إدلب. في منطقة المخيمات الضخمة هذه، حيث تتجه أنظار الجميع، ظهرت توقعات لعدة مرات خلال عام 2021 “بأنه هناك عملية عسكرية أو ربما ستقع عملية ما هناك”. فبدءاً من شهر آب وصولاً لأيلول وحتى تشرين الاول، قامت روسيا بقصف إدلب بشكل مكثف للغاية؛ فكانت إمكانية عملية عسكرية جديدة قد وصلت حد ّ”حافة الهاوية” لتبدأ.
بالطبع هذا هو الجانب المكشوف والمرئي للوضع في إدلب، ولكن أيضاً هناك ما هو غير مرئي.

واصلت الولايات المتحدة الاميركية قصف مقاتلي “القاعدة” في إدلب على مدار العام، بمساعدة مجموعة معارضة محلية داعمة “غير معروفة”.

 كما جعل “النظام” منطقة الطريق السريع “M4” غير صالحة للسكن، بتأثير استخدامه المدافع الموجهة بالليزر والمدمرة التي حصل عليها من الروس.

لا تقدم في المفاوضات الدولية، لكن المفاوضات الداخلية تلفت الانتباه

 ليس من الصواب عند النظر إلى سورية أن نرى الأحداث العسكرية فقط، اذ حدثت تطورات مهمة رئيسية في كافة المجالات “الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية” في العام 2021.

وطالما لم تحسم الحرب “الأهلية” بانتصار كامل وحاسم لـ” لحكومة المركزية”، فإن إمكانية إنهاء الصراع في سورية غير واردة إلا عبر المفاوضات السياسية. ورغم ذلك، استمرت المياه جارية عبر قنوات المفاوضات الدولية في عام 2021.

داخلياً، هناك تغيير كبير يحدث في المفاوضات. وبدأ التصدع يظهر من الداخل في حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي طالما ظل تحت جناح الولايات المتحدة علناً منذ 2014.

تصّدع حزب “الاتحاد الديمقراطي” بما يخص مستقبل سورية

لنضع التفاصيل جانباً، الصورة التقريبية هي كالتالي: كوادر حزب “العمال الكردستاني” السابقة المقربين من “قنديل” داخل “حزب الاتحاد الديمقراطي” عازمون على الاقتراب من روسيا والاندماج في النظام. يبدو هدفهم المهم هو إيجاد مساحة لهم للعيش في ظل حكم ذاتي أضيق. على الرغم من أن هذه الرؤية أضيق من رؤية الجيل الجديد لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي”،  إلا أنها ذات أهمية حيوية للجناح الذي يبحث عن مُضيف جديد خاصةً مع تقلص مساحة المعيشة في شمال العراق.

في حين نجد الجناح الذي يسعى للحصول على الشرعية الدولية من خلال توسيع علاقاته مع الولايات المتحدة إلى أوروبا، لا يبدو عليه أنه سيقبل بأي شيء أقل من الفيدرالية. بعبارة أخرى، في سياق المفاوضات بين “دمشق” و”حزب الاتحاد الديمقراطي”، هناك 5 ممثلين على الطاولة وهي: “دمشق، موسكو، واشنطن، وجناحي حزب الاتحاد الديمقراطي – حزب العمال الكردستاني”.

حتى الآن، هذه العملية السياسية، التي تتم يشكل سري، ولا يتم الكشف عن محتواها بشكل كامل للصحافة، وغالباً ما يتم إنكارها، ما زالت لم تحقق أية نتائج ملموسة، ولم تنعكس على طاولة المفاوضات الدولية. والسبب الأهم لذلك هو أن تركيا لا تقبل بأي شكل من الأشكال وجود “حزب الاتحاد الديمقراطي” على الطاولة.

 ومع ذلك، فإن المفاوضات الدولية تتقدم بخطى بطيئة لدرجة أن- وبصراحة- حقيقة المحادثات السرية التي لا تُنشر على الملأ ليست مشكلة كبيرة لأي شخص، على الأقل في الوقت الحالي. يبدو أن روسيا والنظام ما زالا في عجلة من أمرهم للجلوس على الطاولة. لأن الوقت تحول إلى أداة لصالحهم. والطريقة لفهم ذلك هي إلقاء نظرة على العملية الدبلوماسية الثانية المهمة في العام 2021.

عملية دبلوماسية مهمة لـ” النظام السوري”

كان هناك تغييرات كبيرة في عدد ونوعية ضيوف دمشق في العام 2021. لكن في البداية، لنستذكر بأنه، كانت جميع المعابر الحدودية مع جيران سورية مغلقة. لكن في هذا العام، فُتحت الأبواب مع “العراق ولبنان والأردن”. وعملياً، بدأ التخطيط لرحلات جوية مباشر من الأردن إلى دمشق.

كما انه تُظهر الزيارات رفيعة المستوى اهتماماً متزايداً بدمشق. فقبل ثلاث سنوات، كانت قررت الإمارات العربية المتحدة والبحرين إعادة فتح سفارتيهما في دمشق. وفي العام الماضي زار رئيس المخابرات المصرية دمشق. ضِف الى ذلك، زيارة كل من رئيس المخابرات السعودية، ورئيس مجلس الأمن القومي العراقي، ووزير الخارجية الإماراتي في هذا العام.

 من جهة أخرى، أعلنت الجزائر دعمها لتحسين العلاقات بين العالم العربي و”نظام الأسد”، رغم أنها لم ترسل مسؤولاً رفيع المستوى الى دمشق. أولئك الذين لديهم ذاكرة قوية سيتذكرون؛ أنه بعد مرور عشر سنوات على غزو “صدام حسين” للكويت، كانت هناك حديث ودعوات عن عودة العراق إلى جامعة الدول العربية. وفي سورية انتهى العام العاشر من الحرب “الأهلية” فليس من المستغرب أن يتم التعبير عن نفس التوقعات بقوة أكبر.

من سيكتسب الشرعية؟

إذا أردنا تلخيص ما حدث في سورية عام 2021 في جملة واحدة، أعتقد أن التعريف الأكثر دقة سيكون: “بينما تم استبدال النزاعات العسكرية واسعة النطاق بصدامات صغيرة ولكن مستمرة، حدث التغيير الحقيقي على الساحة السياسية والدبلوماسية”. و” العملية التالية مرتبطة بنقطة من سيكتسب الشرعية”.

لهذا السبب تحاول “هيئة تحرير الشام” في الشمال الغربي و”حزب الاتحاد الديمقراطي” في الشمال الشرقي فتح ذراعيها أمام المجتمع الدولي، كما أن محاولة دمشق العودة إلى المجتمع الدولي من خلال جامعة الدول العربية أمر مهم أيضاً. لكن الأمر لم ينته بعد. حتى أن التفكير في إمكانية انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من سورية، وإن لم يكن كما حدث في أفغانستان، كان كافياً لتحريك الحجارة بسرعة في سورية. حان الوقت الآن لمناقشة التوازنات السياسية في فترة ما بعد الحرب “الأهلية”، وليس الأجندات العسكرية المكثفة للحرب الأهلية. هذه هي الديناميكية الأساسية التي تنتظرنا في عام 2022.

ماذا يمكن أن يحدث في العام 2022؟

الآن لننتقل إلى مسألة ما سيحدث.

من السهل القول، إن العمليات غير الحاسمة ضد “داعش” ستستمر. وعلى أي حال، لا تعتبر قضية “داعش” في سوريا قضية تكتيكية، ناهيك عن كونها قضية استراتيجية، فهي مجرد هواية تشغيلية.

كما أنه ستستمر الأعمال “الإرهابية” التي يقوم بها حزب “العمال الكردستاني/ وحدات حماية الشعب”، والصراعات الداخلية للمنظومة العسكرية، والتوتر في درعا سيتصاعد من حين لآخر. بالطبع، كل من هذه المشاكل مهمة، لكنها ليست أشياء من شأنها أن  تحدث تغيراً للمسار في سورية.

لكن هناك أيضًا جزء صعب

توقعي الأول بانه سيتم اتخاذ خطوة كبيرة نحو عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية. فإذا حضرت” دمشق” القمة التي ستعقد في الجزائر في آذار من العام 2022، سيؤدي ذلك لخلخة الكثير من التوازنات. ولكن بطبيعة الحال، لن تؤدي خطوة دبلوماسية واحدة إلى تحويل “دمشق” إلى لاعب “شرعي” في الساحة الدولية. ومع ذلك، فإنه يؤدي إلى كسر مقاومة قوية في طريقها لتحقيق ذلك. فمع الدعم الذي تتلقاه، على ما يبدو، من هنا، يمكن للإدارة السورية أن تَشرُع في دبلوماسية وسلسلة مفاوضات دولية، حيث سيتم قبولها كممثل رئيسي من قبل محاوريها؛ وبعد ذلك لن تكون “جنيف” العنوان، بل مكان خاضع لسيطرة روسيا.

سيكون هناك تطوران سيحدثهما الدعم الدبلوماسي المحتمل لدمشق. التطور الأول سيتمثل بعملية عسكرية في إدلب. بعد فترة وقف إطلاق النار الطويلة، تنتظر إدلب فترة صعبة عام 2022. فلا تستهينوا بالبيان الروسي الأخير بأن تركيا وعدت بالانسحاب من إدلب. وكانت تركيا اصدرت رداً على هذا البيان، حددت شروطها الخاصة للانسحاب. وقالت فيه إنها ستنسحب من إدلب بشرط “دستور متفق عليه ونظام انتخابي حر وحكومة شرعية وأن تتخذ هذه الحكومة الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الاراضي التركية”. ومع ذلك، فإن الانسحاب وإعادة الانتشار مفهومان مختلفان.

في واقع الأمر، شهد الوجود التركي في إدلب تغيراً كبيراً خلال عامي 2020 و2021. وسيكون من الطموح أن أقول كيف؛ لكن إدلب ستكون المركز الأول الذي ستستفيد فيه دمشق من الدعم الذي ستحصل عليه على الساحة الدولية.

يمكن أن يحدث التطور الثاني في إطار العلاقات بين “دمشق” و”حزب الاتحاد الديمقراطي”. قد يتوصل النظام لاتفاقات مع دول المنطقة والتي ألمح لها منذ مدة، فإذا تمت هذه الاتفاقات ستجعل حزب الاتحاد الديمقراطي في وضع صعب. كما أن الاتفاق بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام سيخلق مشاكل للأخير مع الولايات المتحدة. وكذلك توجد مشاكل مع الجهات الفاعلة المتبقية من أجل الحفاظ على الدعم من الولايات المتحدة. لذلك باعتقادي أن النتيجة المباشرة لهذا النوع من التطورات هي الانقسام على نطاق صغير. وعليه، فإن الاحتمال الأرجح هو أن تستغل دمشق الخلافات داخل حزب الاتحاد الديمقراطي” وتتقدم في مناطق صغيرة يصعب ابتلاعها. يبدو أن السيطرة على مناطق كبيرة وصغيرة في منبج أو شمال الرقة دون إطلاق رصاصة، وازمات محلية تلوح في الافق وبدعم من روسيا.

يمكننا ان نفهم، ان عام 2022 لن يكون العام الذي تنتهي فيه الحرب “الأهلية” في سورية. ورغم ذلك، ينتظرنا عام سيشهد نشاطاً أكثر مقارنةً بالعامين الماضيين، سواء في مجال السياسة والدبلوماسية أو في المجال العسكري.

المصدر السورية.نت fikirturu


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا