آمال برواتب ثابتة.. معلمون متطوعون بإدلب تحت غطاء رابطة وصندوق دعم

يواصل المدرّس عبد الله حمود تعليم طلابه في إحدى مدارس مدينة أرمناز شمال غربي إدلب، متحدياً ظروف التطوع منذ سبع سنوات، على أمل إيصال رسالته “السامية” بالاشتراك مع 72 معلماً متطوعاً في المدينة، اتّحدوا مؤخراً لتشكيل رابطة تضم المعلمين المتطوعين، من أجل الوقوف على احتياجاتهم ومساعدتهم.

يقول حمود، الذي يدرس مادة الرياضيات للحلقة الثانية في مدراس المدينة، إن المعلمين في أرمناز يعانون من سوء الظروف المعيشية نتيجة تدني الأجور المادية والغلاء الفاحش في الأسعار، الذي انعكس بدوره على كافة مناحي الحياة.

رابطة وصندوق.. حلول مؤقتة

ويضيف حمود في حديثه لموقع “السورية نت”، أن أغلب المعلمين المتطوعين في مدينة أرمناز هم من المهجرين، فكل معلم مسؤول عن عائلته وهو بحاجة لتلبية أدنى متطلبات المعيشة، متحدثاً في الوقت ذاته عن نقص في الغرف الصفية، بسبب ازدياد عدد سكان المدينة وظروف النزوح الحالية.

وأردف: “يوجد 8 مدارس في أرمناز تعمل بنظام الفوجين، الحلقة الأولى (الابتدائي) تتلقى الدعم من مديرية التربية بإدلب، أما الحلقة الثانية (الإعدادي) ومرحلة الثانوي، يوجد فيها 4 مدارس غير مدعومة، فضلاً عن نقص الكوادر في بعض المدارس التي يعمل معلموها بشكل تطوعي”.

ومع تأسيس رابطة للمعلمين المتطوعين، يسعى القائمون عليها  إلى توفير الدعم اللازم  للمدراس غير المدعومة من أي جهة، من خلال إنشاء صندوق، هدفه جمع التبرعات من ميسوري الحال، ومساعدة المعلمين والوقوف على احتياجاتهم، والدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام .

وتعتبر فكرة الصندوق حلاً مؤقتاً لمشكلة رواتب المعلمين، وهي نتاج جهود شعبية حرصت على استمرار تلقي الطلاب لتحصيلهم العلمي، بعد عزوف عدد من المنظمات عن تقديم الدعم للعديد من المدارس في محافظة إدلب، الأمر الذي أثر سلباً على الواقع التعليمي وتسبب بتوجه عدد من المعلمين والطلاب إلى المدارس الخاصة .

آمال برواتب ثابتة

تحدث السيد فائز الإسماعيل، مدير رابطة المعلمين المتطوعين، عن مبادرات فردية لتقديم منح مالية للمعلمين، مشيراً إلى أن متبرعاً واحداً قام مؤخراً بمنح مبلغ “300” ليرة تركية لكل معلم متطوع في أرمناز، بمبلغ مجموعه 21 ألفاً و600 ليرة تركية، فيما قام متبرع آخر بتوزيع وجبات إفطار للمعلمين بالتنسيق مع الرابطة، وسبقها توزيع مبلغ 300 ليرة كمنحة للمتطوعين في الفصل الأول من العام الدراسي الحالي.

ويضيف الإسماعيل في حديثه لموقع “السورية نت”، “أطلقنا صندوق دعم المعلم في المدينة، بمساعدة مجلس الأعيان وميسوري الحال، عبر وضع صناديق في عدة محال تجارية  معروفة في مدينة أرمناز، للتشجيع على تقديم المساعدة والمساهمة باستمرار التعليم”.

وتابع: “نهدف من هذه المبادرة مساعدة المعلم المتطوع، الذي بدوره يساهم في تحسين الواقع  التعليمي في المدينة، حيث يوجد في أرمناز 72 معلماً ومعلمة يعملون بشكل تطوعي، وغالبيتهم من المهجرين، والرابطة لن تتوقف عن العمل لحين تأمين رواتب ثابتة لهم”.

وكانت “وزارة التربية والتعليم” التابعة لـ “حكومة الإنقاذ” في إدلب، قد نشرت إحصائية حول أعداد المدارس العامة (حلقة أولى وحلقة ثانية وثانوي)، مع تبيان عدد المدارس المكفولة والتطوعية، إضافة لأعداد العاملين فيها.

وبموجب تلك الإحصائية يبلغ عدد المدارس المتطوعة في الحلقة الأولى “136” مدرسة  من أصل “471” مدرسة، فيما بلغ عددها في الحلقة الثانية المشتركة مع الحلقة الأولى “239” من أصل “473”، فضلاً عن “65” مدرسة تعليم ثانوي متطوعة من أصل “86” مدرسة.

مشاركات شعبية خجولة

لاقت فكرة الصندوق رواجاً بين الأوساط الشعبية في مدينة أرمناز، وجاءت بعد عدة محاولات وخطط من أجل إيجاد دعم مادي للمعلم المتطوع ومحاولة التشبيك مع المنظمات والهيئات الإنسانية والإغاثية، لكن دون جدوى.

وبضوء ذلك، تم تصميم وطباعة إيصالات مالية بقيمة 10 ليرات تركية وتوزيعها على عدة مراكز بالقرب من المدارس والمراكز التجارية الرئيسية، وتم الإعلان عن الخطة وأسماء المراكز عن طريق صفحات التواصل الإخبارية وأئمة المساجد في المدينة.

يرى مصطفى مسلم، رئيس مجلس أعيان مدينة أرمناز، أن هذا المبلغ “غير كافي ولا يغطي احتياج أي مدرس، لكن نأمل أن يتم التعاون بشكل أكبر من قبل الأهالي في الأشهر القادمة، وأن يتم تبني هذه الخطة في المناطق الأخرى دعماً للمعلمين، وحفاظاً على أطفالنا وحمايتهم من الانقطاع عن التعليم”.

ويضيف السيد مصطفى في حديثه لموقع “السورية نت” أن رابطة المعلمين في مدينة أرمناز تأسست برعاية من مجلس وجهاء المدينة، من أجل متابعة آلية التعليم التي تراجعت مؤخراً، حسب قوله، إلى جانب التخفيف من معاناة المعلمين عبر تقديم الدعم المادي اللازم لهم.

وأشار أن تشكيل الرابطة تم من خلال انتخاب مجلس إدارة معني بتسيير أمورها، ويضم عدة مكاتب منها: مسؤول إداري، أمين صندوق، علاقات عامة.

وحول إمكانية تلقي الدعم للمدرسين مستقبلاً، يقول السيد فائز الإسماعيل، مدير رابطة المعلمين المتطوعين: “لا يوجد في الأفق ما يدل على كفالة المنظمات أو الحكومة للمدارس المتطوعة، ولكننا موعودون بتقديم منحة مادية من قبل مجمع إدلب التربوي”.

مضيفاً: “في جميع الأحوال قارب العام الدراسي على الانتهاء وننتظر العام المقبل، على أمل أن يتحسن الواقع التعليمي في أرمناز والشمال السوري عموماً”.

مخاوف على العملية التعليمية

تسود مخاوف من تراجع سويّة العملية التعليمية في محافظة إدلب، حيث تتجه العائلات الميسورة إلى تعليم أبنائها في المدارس الخاصة، لاعتقادها أن التعليم في المدارس العامة أقل جودة، خاصة  في ظل الظروف الصعبة التي تعانيها من قلة الدعم وعدم الاستقرار وانتشار التعليم التعويضي في المخيمات بدلاً من التعليم الرسمي.

وتحدث السيد حسين الشيخ، مدير المكتب التعليمي في منظمة “سيريا ريليف”، عن آثار ذلك محذراً من أن يصبح التعليم حكراً على طبقة معينة، فيما تجد الطبقة الفقيرة عبئاً بتعليم آبنائها، ما قد يكرس فكرة التفرقة المجتمعية، حسب تعبيره.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مجمل المتسربين من التعليم بشكل جزئي أو كامل يصل إلى 45% من عدد الأطفال في إدلب، فيما يقدر وجود أكثر من 140 ألف طفل متسرب من التعليم بشكل كامل، نتيجة نقص المدارس المدعومة.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا