السيسي والأسد..علاقات أمنية فتح الزلزال بابها السياسي

شهدت العلاقات بين نظام الأسد ومصر على مدى سنوات العقد الماضي، تحولات جذرية مع تغير القيادة المصرية من الرئيس السابق محمد مرسي، الذي قطع علاقات القاهرة بدمشق، وصولاً للحالي عبد الفتاح السيسي، الذي تقلصت في عهده القطيعة مع نظام الأسد، ولكن العلاقات ظلت دون السياسية لما قبل الزلزال الذي ضرب سورية وتركيا في السادس من شباط/فبراير الماضي.

مرسي والأسد

في يونيو/ حزيران 2012، تسلم محمد مرسي رئاسة مصر بعد فوزه في انتخاباتٍ هي الأولى بعد ثورة يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

وعمل مرسي منذ وصوله إلى الحكم على حل الملف السوري، ودعا إلى تشكيل لجنة رباعية مع تركيا والسعودية وإيران، كما دعا الأسد إلى التنحي والتوقف عن قتل شعبه.

وفي كلمة له في مؤتمر “لنصرة سورية” في يونيو/ حزيران 2013، أعلن مرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام وإغلاق سفارته في القاهرة، وسحب القائم بالأعمال المصري في دمشق.

وقال مرسي في كلمته إنه “لا مجال ولا مكان للنظام السوري الحالي في سورية مستقبلاً”، مؤكداً أن هذا النظام ارتكب “جرائم ضد الإنسانية”.

 كما دعا مرسي في كلمته إلى فرض منطقة حظر جوي فوق سورية، مؤكداً دعم القاهرة للمعارضة السورية ضد نظام الأسد.

من جانبها نددت خارجية النظام في بيان لها بموقف الرئيس المصري، ووصفته “بالتصرف اللا مسؤول”.

وقالت خارجية النظام إن “محمد مرسي انضم إلى جوقة التآمر والتحريض التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ضد سورية بإعلانه قطع جميع العلاقات معها”.

وصول السيسي

إلا أن الموقف الرسمي لمصر في قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، تبدل بعد بوليو/ تموز 2013، حيث أطاح الجيش بإدارة محمد مرسي، وأصبح عبد الفتاح السيسي القائد الفعلي لمصر.

ورغم عدم وجود اتصالات سياسية رفيعة المستوى بين الطرفين، لكن التقارب بدأ بزيارات استخباراتية، إذ زار مدير المكتب الأمن القومي، علي مملوك، العاصمة المصرية، والتقى مدير المخابرات العامة هناك، خالد فوزي.

واتفق الجانبان على “تنسيق المواقف سياسياً بين دمشق والقاهرة، وكذلك تعزيز التنسيق في مكافحة الإرهاب الذي يتعرض له البلدان”.

وفي مقابلة مع قناة “آر بي تي” البرتغالية، في 2016، أكد السيسي دعم بلاده لقوات الأسد، وقال إن “الأولى لمصر أن تدعم الجيش الوطني في ليبيا وكذلك في سورية وأيضاً العراق، من أجل فرض الأمن في هذه البلدان”، وعند سؤاله عما كان يقصد قوات النظام، فأجاب السيسي: “نعم”.

وتعليقا على ذلك أكد الأسد في مقابلة مع صحيفة “الوطن” شبه الرسمية في نهاية 2016، إن العلاقة مع مصر بدأت تتحسن “بعد زوال حكم الاخوان في مصر، وهي مازالت في طور التحسن”.

وأضاف الأسد أن العلاقة “لم تصل للمستوى المطلوب، لأنها حتى هذه اللحظة محصورة بالإطار الأمني فقط، لا يوجد زيارات على مستوى الخارجية، لا يوجد تشاور سياسي، عملياً لا تستطيع أن تقول بأن هذه العلاقة طبيعية حتى الآن”.

تعقيدات سياسية

ورغم التصريحات المصرية الداعمة للنظام، إلا أن العلاقات بين البلدين بقيت في طور العلاقات الأمنية فقط، إذ زار رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، العاصمة السورية دمشق، في مارس/ آذار 2020، والتقى بمسؤولين سوريين، بحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” شبه الرسمية.

ورغم أن مصر كانت ترغب بإعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، إلا أن ذلك واجهه تعقيدات، حسب ما وصفه وزير الخارجية، سامح شكري، في حديث لصحيفة “الأهرام” المصرية سنة 2021.

وقال شكري إن “ما تعرض له الشعب السوري من كوارث ونزوحه خارج سورية، وتفاعلات السياسات الدولية، تضع قيودًا على الحركة الإقليمية تجاه سورية”.

وأضاف أن “الجميع يتعاطف مع سورية كدولة وشعب”، ولكن مسألة عودة العلاقات “أمر فيه بعض التعقيد”.

وفي سبتمبر/ أيلول 2021، التقى شكري بوزير خارجية النظام، فيصل المقداد، على هامش اجتماعات الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بمدينة نيويورك، ليكون أول لقاء رسمي بين مسؤولي البلدين.

وعقب شهر من اللقاء صرح شكري إن لقائه بالمقداد جاء من أجل الاستماع إلى رؤية حكومة النظام، مشيراً إلى ترقب بلاده لما يتخذه النظام من إجراءات في إطار الحل السياسي.

الزلزال والتطبيع

وخلال الأسبوعين الماضيين، وعقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية وخلف عشرات آلاف القتلى، أمر الرئيس السيسي بفتح حساب في صندوق “تحيا مصر” التابع للرئاسة، لتلقي المساهمات من داخل وخارج مصر لإغاثة ضحايا الزلزال في سورية.

وشهدت العلاقات بين مصر ونظام الأسد تسارعاً في التحركات السياسية لإعادة العلاقات الدبلوماسية.

أول هذه التحركات كان اتصال السيسي ببشار الأسد، في السابع من الشهر الحالي، في أول خطوة علنية من نوعها بين الطرفين منذ وصول السياسي إلى الحكم.

كما أجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الاثنين الماضي، أول زيارة من نوعها منذ سنة 2011 إلى دمشق، بالتزامن مع وصول رئيس مجلس النواب المصري، حنفي الجبالي إلى دمشق، ضمن وفد من الاتحاد البرلماني العربي.

المصدر السورية. نت
قد يعجبك أيضا