برز خلال السنوات الماضية ما يسمى شركات “المكتب المرن” في سورية، بعد سماح وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة الأسد بتأسيسها.
وهناك أنواع للشركات المسموح في تأسيسها في سورية، وفقاً لقانون الشركات الصادر في 2007، هي “المساهمة المغفلة والمحدودة المسؤولية والتضامنية والتوصية”.
لكن في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أصدر وزير التجارة آنذاك عبد الله الغربي، قراراً سمح بموجبه تأسيس شركات غايتها تقديم خدمات “المكتب المرن”.
ما هي؟
تعرف الشركات التي تقدم خدمة “المكتب المرن”، بأنها “مقر دائم للشركات والمؤسسات الفردية المؤسسة سابقاً، والتي ليس لديها مقر، أو لديها مشكلة في مقرها، أو التي ستؤسس لاحقاً وليس لديها مقر”.
وحسب تعريف مديرة التجارة، فإن المكتب “يعتبر موطناً مختاراً وعنواناً دائماً وقانونياً وحقوقياً للشركات والتجار، يُمكّنهم من إدارة أعمالهم والتبليغ والتبلّغ وتواصلهم وتواصل الغير معهم بشكل مستمر وفق آلية قانونية”.
واشترطت وزارة التجارة تأسيس هذه الشركات بألا يقل مساحة العقار عن 150 متراً مربعاً، مقسمة إلى قاعة اجتماعات وغرفة سكرتاريا وثلاث غرف على الأقل، وتضم كل غرفة ثلاثة مكاتب على الأقل تخدم خمسة مستفيدين.
كما تستوفي وزارة التجارة عن كل عقد يتم المصادقة عليه، مبلغ 100 ألف ليرة سورية عن كل سنة.
وحسب وكالة “سانا” في “يونيو/ حزيران الماضي، فإن وزارة التجارة رخصت أربع شركات تقدم خدمات “المكتب المرن”.
ورصد فريق “السورية.نت” تأسيس أول شركة من هذا النوع في 2021، وكانت تابعة لمجموعة “coworker” (كوكور) للاستشارات.
ويقول رئيس مجلس إدارة الشركة، عمار دلول، إنه “في العام الأول للشركة منذ إنشائها في محافظة دمشق عام 2021، خدمت 116 مستفيداً من أصحاب المشاريع، بينما حصل 130 مستفيداً على الخدمة منذ 2022 مشيراً إلى وجود 132 مكتباً مرخصاً في شركته”.
وأضاف دلول أن الفئات التي تستهدفها الشركة “تشمل الشركات الجديدة أو القديمة الباحثة عن مقر لها، كالشركات الناشئة والفردية ومحدودة المسؤولية والتضامنية والمساهمة الخاصة، شريطة ألا تقل مدة التعاقد عن عام”.
وحدد مدير مديرية الشركات في وزارة التجارة، زين صافي، في لقاء مع وكالة “سانا” أهمية هذه الشركات وترخيصها.
وقال إن ترخيص مثل هذا النوع، بهدف “الحد من ظاهرة عقود الآجار الوهمية، إضافة إلى تسهيل عمل الشركات التي تحتاج إلى مقر ولا تمتلك القدرة المالية لذلك، بسبب ارتفاع أسعار العقارات”.
وأضاف أن هذه الشركات تخضع للمراقبة الدورية، مشيراً إلى أنه يمكن للمستثمرين الأجانب المساهمة كشريك في تأسيس مكاتب مرنة.
شخصيات أسست “المكتب المرن”
وآخر شركة أُسست لتقديم خدمة “المكتب المرن” كانت في سبتمبر/ أيلول الماضي، تحت اسم “بداية 2″، وتعود ملكيتها لهدى عامر خيتي ومحمود شاكر العاقل برأسمال 100 مليون ليرة سورية.
وعامر خيتي هو عضو “مجلس الشعب” وبرز خلال السنوات الماضية كواجهة اقتصادية لأسماء الأسد، ويملك العديد من الشركات في سورية.
وفي 2020 فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات ضد خيتي، كما أدرجت اسمه في عقوبات “قانون قيصر”.
كما ورد اسمه في تقرير نشرته وكالة “فراس برس” الأسبوع الماضي، حول صناعة وتهريب المخدرات في سورية.
ووصف التقرير خيتي بأنه “شخصية رئيسية في مجال تهريب الكبتاغون”.
ونقلت الوكالة عن موظف يعمل لديه، إنه شاهد “شحنات كبتاغون نُقلت إلى أحد مستودعات خيتي قرب دمشق”.
ويضيف:” عائلة خيتي من العوائل المشرفة على الموضوع منذ ما قبل الحرب”، متابعاً “كانت تتم الاستفادة من تجارة المواشي لتهريب المخدرات من خلال وضعها بأكياس بلاستيكية داخل أحشاء الماشية”.
ومن الأسماء التي أسست شركات “المكتب المرن” رجل الأعمال الفلسطيني- الأردني، طلال أبو غزالة، الذي أسس شركة “أبو غزالة لخدمات المكتب المرن”.
ويقع مقر الشركة في منطقة كفرسوسة بدمشق، ويصل رأسمالها إلى 100 مليون ليرة سورية، وتعود ملكيتها إلى طلال أبو غزالة، ولؤي طلال توفيق أبو غزالة، بنسبة 50% لكل منهما.
ويتخوف حقوقيون من أن يكون لهذه الشركات أغراض غير قانونية، لإبرام عقود مع شركات خارجية في ظل العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد.
وكان تحقيق لمؤسسات سورية، كشف الشهر الماضي، عن تعاقد الأمم المتحدة مع شركات متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، ودفع ملايين الدولارات لها.
وتحدث التحقيق الذي أطلقته “رصد الشبكات السياسية والاقتصادية” و”البرنامج السوري للتطوير القانوني”، تقديم الأمم المتحدة نحو 137 مليون دولار لشركات سورية.
وترأس هذه الشركات، شخصيات خاضعة لعقوبات أمريكية وأوروبية، بسبب تورطها في دعم نظام الأسد.