عقوبات جديدة تطال المنتقدين.. لماذا يخشى الأسد مواقع التواصل؟

بعد ساعات من مرسوم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المتعلق بتشديد العقوبات على منتقدي نظامه، أعلن الناشط بشار برهوم، المعروف بمقاطعه المصورة الناقدة والساخرة من الأوضاع المعيشية للسوريين في الداخل، توقفه الكامل عن نشاطه عبر “فيس بوك“.

وبرر برهوم قراره، بأنه جاء عقب مرسوم تشديد العقوبات، وأن كلامه يمكن أن يفهم بشكل غير صحيح، وبالتالي فإن “جلدي لم يعد يتحمل القتل”، وفق تعبيره، في إشارة إلى التعذيب الذي تمارسه أجهزة النظام الأمنية داخل معتقلاتها.

برهوم كان يحرص على انتقاد حكومة نظام الأسد، ويحاول تحميلها مسؤولية ما يعانيه السوريون داخل سورية، دون التطرق لرئيس النظام، أو تحميله أي مسؤولية.

وتداولت تقارير صحفية سابقة عن اعتقاله وتعرضه للمساءلة بعد محاولته مخاطبة بشار الأسد في أحد فيديوهاته، قبل أن ينفي نبأ اعتقاله عبر صفحته الشخصية.

وأصدر بشار الأسد أمس الاثنين، تعديلاً على قانون العقوبات، ومن ذلك معاقبة كل سوري “يذيع أنباء كاذبة أو مبالغاً فيها، من شأنها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها، بالحبس ستة أشهر على الأقل”، وذلك وفق ما أوردته وكالة أنباء النظام سانا.

وكانت العقوبة وفق القانون القديم، الحبس لمدة ثلاثة أشهر، ويستحق العقوبة نفسها، كل سوري يُذيع “أنباء من شأنها تحسين صورة دولة معادية للمساس بمكانة الدولة السورية”.

ويصنّف نظام الأسد، كل الدول والجهات التي عارضته، أو قدمت الدعم لخصومه ولمعارضيه من السوريين، بـ”المعادية”.

ومن العقوبات التي قد تطال كل من يرفع سقف انتقاداته على مواقع التواصل الاجتماعي: “يُعاقب بالحبس سنة على الأقل، كل سوري قام بكتابة أو خطاب يدعو فيه إلى اقتطاع جزء من الأرض السورية أو التنازل عنها”.

ما الذي يخشاه الأسد؟

العديد من التقارير أكدت، اليوم الثلاثاء، أن التعديلات الجديدة على القانون، جاءت في الوقت الذي يعاني فيه سكان المناطق الخاضغة لسيطرته من أوضاع معيشية متدهورة، جعلت الغالبية منهم تحت خط الفقر، وارتفعت بناء على ذلك الأصوات الناقدة للنظام، وصولاً إلى تلميحات للأسد ذاته.

الأصوات المعارضة بدأت الخروج منذ سنوات من مناطق تعتبر موالية له، ويمكن هنا التذكير بعبارة: “عاشت سوريا ويسقط الأسد”. التي كتبها وسط مدينة طرطوس عسكري سابق قاتل مع قوات الأسد، وعبّر فيها عن سخطه، ونشر مقطع فيديو لنفسه في حادثة تمثل سابقة بمناطق النظام، وعكست آنذاك حالة غير مسبوقة من الجرأة والسخط بين الموالين للأسد.

واعتبرت الحادثة الأولى من نوعها التي يرفع فيها سوري شعار إسقاط الأسد، وسط المدينة المعروفة بأنها أكبر خزان بشري للنظام ورافداً لميليشياته.

ويشكو عناصر قوات النظام والميليشيات الموالية لها، مما يسمونه “إهمال الحكومة” لهم، فاهتمام النظام بالمقاتل ينتهي مع اللحظة الأولى لإصابته في المعارك.

تصاعد حدة الانتقادات على مواقع التواصل، أدت  إلى اعتقال النظام أبرز الموالين له، ومن بينهم اعتقال رضا الباشا في أغسطس/ آب 2020، والذي أقيل من مكتب قناة “الميادين” في دمشق، على خلفية انتقادات وجهها لحكومة نظام الأسد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبقه قبل ذلك عقوبة أشد، تمثلت في اعتقال مدير صفحة “دمشق الآن”، وسام الطير، ليصبح بعد ذلك مصيره مجهولاً.

تشديد النظام على مواقع التواصل، يتجلى بشكل أكبر في مشروع قانون لمكافحة الجرائم الالكترونية، أثار نشر بعض بنوده جدلاً واسعاً بين مستخدمي وسائل التواصل من السوريين، معتبرين أنه يقيد الحريات بشكل أكبر، خاصة في بعض المواد التي حملت عبارات وجمل غير محددة بشكل كامل، مثل “النيل من هيبة الدولة” أو “هيبة الموظف”.

القانون في حال إقراره، يشدد العقوبات لتصل إلى 7 سنوات، إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة.

حرب التواصل..

لم يتردد الأسد في التعبير عن معارضته لمواقع التواصل،  وترددت جملة “حرب التواصل الاجتماعي” على لسانه للمرة الأولى في 17 فبراير/ شباط 2019، متهماً إياها بأنها “أسهمت بشكل كبير في تردي الأوضاع داخل البلاد”.

هجوم الأسد الحاد على مواقع التواصل، جاء ضمن كلمة ألقاها أمام رؤساء المجالس المحلية، واتهمها بـ”المساهمة في تردي أوضاع البلاد”، وبأنها “مجرد أدوات”.

معاداة مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الأسد، ظهرت بداية ضمن خطابه في 30 مارس/ آذار 2011، بعد أسبوعين من اندلاع الاحتجاجات ضده، ووصف فيها الحراك بأنه ليس أكثر من “موجة افتراضية” مقللاً من أهميته.

تصاعد حدة الانتقادات للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعته إلى إطلاق بعض الشخصيات الفنية والإعلامية المؤيدة له، للمشاركة في حملة الانتقادات هذه، لكن عبر لعبة توجيه خطابها إلى الأسد نفسه، من أجل الحل.

ولعل من أهداف ذلك، الترويج لفكرة أنه لا أحد قادر على إنقاذ السوري من واقعه المعيشي والخدمي سوى الأسد، في محاولة للتنفيس عن الاحتقان في الشارع، ولإظهار أن الأسد لا علاقة له بكل الأزمات وأن ما تحته هم المشكلة.

دفع بعض الموالين له لمخاطبته شخصياً وكأن بيده الحل والربط، لم تدم طويلاً، وكان رد الفعل موجة انتقادات مس بعضها الأسد شخصياً.

مصدر للحدث السوري

اهتمام الصحافة العالمية بما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، واتخاذها ما يكتبه ويدونه الموالي للأسد، فضلاً عن المعارض له، مصدراً أساسياً عند تغطيتها للحدث السوري، لعلها استدعت من الأسد القلق، وهو الذي جهد على توجيه بوصلة هذا الإعلام للاهتمام بقضايا تخدم مصالح النظام ودعايته وأكاذيبه.

إذ إن فيديوهات وصور طوابير الخبز والغاز والمازوت في وسائل الإعلام العالمية، وإظهارها احتجاجات الموالين، أضرت بالأسد، خاصة وأن تأثيراتها كانت من بين الأسباب غير المباشرة التي أدت إلى فشل محاولات النظام وحليفه الروسي  في إعادة اللاجئين السوريين، تحت حجة “انتهاء الحرب” ومزاعم “انتصار” الأسد.

مواقع التواصل كان لها دور كبير في تخويف لاجئين من العودة، عبر تسليط الضوء على الانتهاكات الممارسة ضد بعض العائدين، من سجن واعتقال وقتل، وهي ذات الانتهاكات الممارسة على بعض من بقي داخل مناطق سيطرته، إضافة إلى تخويف اللاجئين من مخاطر الفروع الأمنية، وتزايد تجاوزاتها وجرائمها داخل المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وشمل ذلك من قبلوا “المصالحة” مع النظام.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا