لمواجهة التدهور الاقتصادي.. سوريون يتجهون إلى العمل والتجارة عبر الإنترنت
فرض الواقع المعيشي والتدهور الاقتصادي داخل مناطق سيطرة نظام الأسد، خلال السنوات الأخيرة، واقعاً جديداً لسوق العمل، دفع كثير من الأشخاص والمؤسسات للتسويق والعمل الإلكتروني عبر الإنترنت.
وكان لانخفاض الأجور في الوظائف الحكومية، وارتفاع تكاليف المعيشة الأساسية دوراً هاماً في توسّع هذه التجارة الجديدة وسوق العمل المرتبط بها.
مجالات.. وخيارات واسعة
اعتبرت لبنى خولاني العاملة في مجال التسويق الإلكتروني والمسؤولة في إحدى مجموعات “فيسبوك” عن ترويج البضائع المستعملة، أنّ “مجال العمل الإلكتروني واسع جداً، وفيه خيارات متعددة، ويمكن للجميع الاستفادة منه، شرط الالتزام بالمصداقية مع الزبائن والعملاء”، وفق تعبيرها.
وعند سؤالها عن أكثر المجالات انتشاراً وإقبالاً في التجارة الإلكترونية، قالت خولاني لـ”السورية نت”، إنّ الألبسة، والإلكترونيات، وأدوات الطبخ، والهواتف الخليوية، وأدوات التجميل تصنف، على أنها من أعلى البضائع التي يتم الترويج لها، قبل دخول البعض سوق الطاقة الشمسية، ومستلزمات الطاقة البديلة، مستغلين استمرار أزمات الكهرباء والمحروقات.
وأشارت السيدة السورية القاطنة في دمشق، إلى أنّ انخفاض رأس المال أو انعدامه لدى الكثير من السوريين، ساهم بزيادة الإقبال على التجارة الإلكترونية بنظام البيع مقابل النسبة، حيث يقوم التاجر الإلكتروني بإقناع الزبائن بنوع من البضائع، ويرسله إلى المتجر أو يقوم بتوصيله بنفسه مقابل حصوله على نسبة من الربح من صاحب المتجر”.
وأكدت خولاني، أنّ أرباح التجارة الإلكترونية تتفاوت من شخص لآخر، لكنها لا تقل عن 75 ألف ليرة شهرياً، ومن الممكن أن تصل إلى 600 ألف ليرة أو أكثر، شرط الالتزام بوقت التسليم وجودة البضائع.
دوافع ومحفزات
وحسب ما ذكر المصمم أحمد عطا الله من ريف دمشق الشمالي، فإنّ “العمل عبر الإنترنت لم يعد يقتصر على التجارة وتأمين الزبائن للمتاجر العامة، بل تعدى ذلك إلى تحصيل وظائف عن بعد، تتركز في معظمها حول مجالات التسويق التجاري، وترويج العملات الرقمية، والتصميم، وإدارة الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح عطا الله، أنّ “الأجور الممنوحة للوظائف عبر الإنترنت، حفزت كثير من المختصين في المجالات المذكورة على ترك الوظائف التقليدية في سورية، حيث تبدأ الأجور من 200 دولار، وتصل إلى 800 دولار في بعض الاختصاصات، “ناهيك عن طبيعة العمل والقدرة على إنجازه من المنزل، ما يوفر تكاليف المواصلات والنقل وعنائها”، حسب وصفها.
عقبات.. ومشاكل
يواجه العاملون في التجارة الإلكترونية العديد من المشاكل، أبرزها غياب الكهرباء والإنترنت، واضطرارهم الاستعانة ببدائل مكلفة للغاية، في مقدمتها منظومات الطاقة الشمسية، وبطاريات الشحن، وباقات الإنترنت من الشركات الخاصة.
كما شكلت القيود الأمنية التي تفرضها حكومة نظام الأسد، معاناةً إضافيةً للعاملين عبر الإنترنت في تحصيل مستحقاتهم المالية، مع استمرار منع التحويل بالأسعار الحقيقية (حوالات السوق السوداء)، وخفض قيمة العملات الأجنبية عند التحويل بالطرق “القانونية”.
في حين يصنف العاملون في التجارة الإلكترونية إعادة البضائع وتجاهل الشراء بعد حجزها، كواحدة من أكبر العقبات التي تواجههم، حيث يتكبدون خسائر كبيرة بسببها، في ظل عدم وجود ضوابط وقوانين لهذه التجارة بعد.
وتتمثل الخسائر التي يتكبدونها بشكل مستمر في أجور النقل، وشراء البضاعة من المتجر بهدف التسليم، قبل الالتزام بشرائها بسبب رفضها من قبل الزبون.
ورغم تأكيد مسؤولي النظام على منع التجارة الإلكترونية، إضافة إلى الصعوبات التي تواجه العاملين بها، إلّا أنّ التوجّه نحوها يزداد يوماً بعد يوم، وفق ما أكد تجار من ريف دمشق لـ”السورية نت”، وتوقعوا أن هذا الواقع، سيجبر النظام في المستقبل القريب، على اتخاذ خطوات للسيطرة عليها، واعتمادها كمصدر دخل معترف به للسوريين، في ظل تراجع الأوضاع المعيشية والاقتصادية.