احتجاجات السويداء تضع الأسد “في مأزق” بعد تنديد دولي بإطلاق النار

تصاعد التوتر الميداني والسياسي في محافظة السويداء، عقب إطلاق النار على المتظاهرين، من قبل عناصر تابعين لقوات الأسد، أمام مقر قيادة “حزب البعث”.

وينظر إلى الحادثة على أنها قد تغير مسار الحراك الحاصل، خاصة بعد التنديد الدولي، واستنكار مشايخ العقل في المحافظة لإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، مطالبين بإبقاء الحراك “سلمياً”.

وكانت مدينة السويداء شهدت أول أمس الأربعاء، إطلاق عناصر من “حزب البعث” الرصاص على المتظاهرين، الذين حاولوا إغلاق مقر الحزب، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص إصابة طفيفة.

قلق دولي واستهجان محلي

تعليقاً على الحادثة، قال المبعوث الألماني الخاص إلى سورية، ستيفان شنيك، إن بلاده ستواصل متابعة مساءلة المسؤولين عن قمع المدنيين في السويداء.

وأضاف عبر حسابه في “إكس” (تويتر سابقاً): ” تقلقنا تقارير استخدام الرصاص ضد الاحتجاجات السلمية في السويداء ووجود مدنيين جرحى”.

واعتبر أن أصوات المحتجين “تستحق أن تُسمع لا أن تُسكتها البنادق”.

ودعا المبعوث الألماني النظام السوري إلى الامتناع عن أعمال العنف والمشاركة في الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة بموجب القرار 2254.

مردفاً: “سنواصل متابعة مساءلة المسؤولين عن قمع المدنيين”.

من جانبه، نشر حساب “السفارة الأمريكية في سورية” عبر معرفاته على مواقع التواصل الاجتماعي بياناً، عبر فيه عن “قلق” واشنطن من مجريات الأحداث في الجنوب السوري.

وجاء فيه: “نحن قلقون بشأن التقارير حول استخدام النظام للقوة في السويداء في سورية”.

مضيفاً: “ندعم حق الشعب السوري في التظاهر بسلام من أجل الكرامة والحرية والأمان والعدالة”.

واعتبر أن “الحل السياسي وفقًا للقرار الأممي رقم 2254 هو الحل الوحيد الممكن لهذا النزاع”.

وكان رئيس مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، حكمت الهجري، دعا أمس إلى ضبط النفس وعدم الانجرار وراء “الفتنة” التي يريد النظام إشعالها في السويداء.

وقال “نحن لا نرفع السلاح إلا في وجه عدونا، وعدونا هو الذي يطلق الرصاص علينا”.

وأضاف الهجري أن ما حصل من إطلاق رصاص هو “مؤامرة”، معتبراً أن الهدف هو استجرار الناس لوضعها في موقع الاتهام.

لكن شيخ عقل الطائفة، حمود الحناوي، قال بحضور وفد أهلي أمس، إن ماحدث في السويداء من إطلاق نار على أبناء المدينة “لا يمكن أن نسكت عنه أبداً”.

وأضاف: “العروش لا تدوم بالعبث والقتل والظلم.. ومن يطلق النار سيدفع الثمن”.

“الأسد في مأزق”

تتواصل الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الأسد في السويداء، لليوم الـ 27 على التوالي، حيث احتشد آلاف المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط المدينة، اليوم الجمعة، رافعين شعارات مناهضة للنظام.

ووصف تجمع اليوم بأنه “الأكبر” منذ بدء الاحتجاجات، حيث توافد المحتجون من مختلف قرى وبلدات المحافظة نحو وسط المدينة للمشاركة.

وفي تقرير لها، اليوم الجمعة، اعتبرت صحيفة “ذا ناشيونال” أن الطبيعة العابرة للحدود والمترابطة للأقلية الدرزية في السويداء، تجعل من الصعب على النظام كسرها سياسياً.

وجاء في التقرير أن حراك السويداء جذب جيلاً أصغر سناً ممن تضرر بشدة نتيجة الانهيار الاقتصادي على مدى العقد الماضي، وأيضاً جيلاً أكبر سناً من المعارضين.

وبحسب التقرير، فإن “الطبيعة العلمانية للحركة في السويداء جعلت من الصعب على السلطات وصف المتظاهرين بالمتعصبين دينياً”.

مشيراً إلى أن المظاهرات اندلعت في الوقت الذي كان ينظر فيه إلى الأسد على أنه حقق مكاسب سياسية من التطبيع العربي، وما قد ينتج عنه من مكاسب اقتصادية أيضاً.

لكن التقارير الصحفية عن الاستثمارات الضخمة في سورية من جميع أنحاء المنطقة لم تتحقق بعد، في حين أن الاقتصاد في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام مستمر في التدهور.

إذ انهارت الليرة السورية لمستويات قياسية، وشهد السوريون أن قيمة أجورهم تتبخر وسط التضخم المتفشي، وسط مخاوف من تفاقم الجوع.

وقال المعارض السوري فواز تللو للصحيفة إن التوقعات القاتمة للاقتصاد يبدو أنها أقنعت الدروز كطائفة بأن وضعهم لا يمكن أن يتحسن دون رحيل الأسد.

واعتبر أن وضع الطائفة كأقلية متماسكة، والارتباط القوي عبر الحدود مع الدروز في بقية بلاد الشام، سيستمر في حمايتهم من القمع المباشر من قبل النظام.

وتابع: “من الممكن أن يلجأ النظام إلى الاغتيالات ويلقي باللوم على داعش، ويمكنه أيضاً أن يتهم الدروز بمحاولة الانفصال، لكنه يأمل أن تفقد المظاهرات زخمها في نهاية المطاف”.

وأضاف: “أعتقد أن المتظاهرين يدركون كل هذه السيناريوهات”.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا