لماذا لم يحقق “العدالة والتنمية” النتائج المرجوة في الانتخابات المحلية؟

حسم “حزب الشعب الجمهوري” نتيجة الانتخابات التركية المحلية، محققاً تقدماً وصف بـ”الكاسح” على منافسه “حزب العدالة والتنمية”.

وشهدت الانتخابات، التي جرت أمس الأحد، مفاجأة بعد خسارة “حزب العدالة والتنمية” لعدد من الولايات والبلديات، وعدم تقدمه في الولايات الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.

وفي الأرقام الرسمية، أعلن رئيس المجلس الأعلى للانتخابات، أحمد ينير، أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 78.11%.

وفاز “حزب الشعب الجمهوري” بـ 35 رئاسة بلدية في عموم تركيا، في حين فاز “حزب العدالة والتنمية” بـ 24 بلدية.

أما “حزب المساواة والديمقراطية الشعبية” فاز بـ 10 بلديات، وحزب الحركة القومية بـ 8، وحزب الرفاه بـ 2، وحزب الوحدة العظيمة فاز بولاية واحدة، فيما فاز حزب “الجيد” بمنصب عمدة واحد.

وبلغ عدد المقاطعين للانتخابات نحو 14 مليون ناخب من أصل 61 مليون، وتعتبر النسبة الأكبر منذ انتخابات 2004.

وحافظ “الشعب الجمهوري” على رئاسة بلديات إسطنبول وأنقرة وإزمير، حيث حصل مرشحه أكرم إمام أوغلو في إسطنبول على 51.1% مقابل 39.6% من الأصوات لنظيره مراد كوروم مرشح “العدالة والتنمية”.

وفي أنقرة حصل المرشح الجمهوري منصور ياواش على 60.4% مقابل 31.7% لمرشح “العدالة والتنمية” تورغوت ألتينوك.

وفي إزمير حصل مرشح “الشعب الجمهوري” جميل توغاي على 48.9% مقابل 37.1% لمرشح العدالة حمزة داغ.

في حين خسر “العدالة والتنمية” ولايات وبلديات كانت تعتبر معقله، وأهمها بورصة وكيلس وزنجولداغ وبلدية كيرك قلعه.

ولأول مرة منذ 30 عاماً يخسر حزب “العدالة” بلدية أسكودار التي تعتبر من الأحياء المحافظة في اسطنبول، وهي مكان إقامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعائلته.

كما خسر حزب العدالة لأول مرة منذ 2014 ولاية شانلي أورفا لصالح “حزب الرفاه” الجديد.

وفي المقابل فاز حزب “العدالة” لأول مرة في تاريخه برئاسة بلدية هاتاي، التي تعتبر من أكبر معاقل “الحزب الجمهوري” المعارض بعد إزمير.

تصريحات أعقبت النتيجة

وعقب ظهور نتائج الانتخابات، أقر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعدم تحقيق حزبه النتائج المرجوة، واعتبر أن الشعب التركي أوصل رسالة إلى السياسيين من خلال صناديق الاقتراع.

وقال أردوغان، في خطاب ألقاه من شرفة مقر حزب العدالة والتنمية (الحاكم) بالعاصمة أنقرة، إن “انتخابات 31 مارس/ آذار المحلية تعتبر نقطة تحول”.

وأضاف: “31 مارس، ليس نهاية المطاف بالنسبة لنا، بل هو في الواقع نقطة تحول”، مشيراً إلى أن حزب العدالة لم يحصل على ما كان يأمله من نتيجة الانتخابات المحلية.

وأكد أردوغان أن حزب العدالة والتنمية “سيجري بكل شفافية وشجاعة النقد الذاتي”.

أما مراد كوروم (مرشح العدالة والتنمية في اسطنبول) أعرب، في بيان صحفي، عن أمله بأن تكون الانتخابات التي أجريت مفيدة، مؤكداً أنه سيواصل العمل من أجل سكان إسطنبول.

من جانبه، قال أكرم إمام أوغلو الفائز في بلدية إسطنبول إن “الشعب أعطى رسالة واضحة للسلطة الحاكمة” معتبراً أنه “من لا يفهم الشعب يخسر”.

أسباب وتحليلات

تعددت التحليلات حول الأسباب الكامنة وراء خسارة حزب العدالة لعدد من الولايات في الانتخابات المحلية.

وحسب محللين عرب وأتراك فإن الأسباب تعود إلى شق اقتصادي وآخر سياسي.

المحلل الفلسطيني سعيد الحاج، وصف ما جرى بأنه “التصويت العقابي” من قبل الشعب التركي للحكومة.

وقال الحاج في مقابلة على موقع “الجزيرة نت” إن حول أسباب الهزيمة: “هناك ما هو قديم مستمر وما هو مستجد حديثاً”.

ومن أهم الأسباب، بحسب الحاج، “الأوضاع الاقتصادية المتراجعة في البلاد في السنوات القليلة الأخيرة، والتي لا يبدو أن الإجراءات الحكومية فيها استطاعت إقناع الناخبين بنجاعتها ولو مستقبلاً”.

ويضيف أنه “من ضمن ما يرتبط بالاقتصاد كانت شريحة المتقاعدين غير السعيدة براتبها التقاعدي وغير الراضية عن الزيادة الحكومية، وكذلك هناك ما يرتبط بترهل الحزب والحكومة بشأن الأحزاب التي تحكم لمدة طويلة”.

من جانبه، اعتبر المحلل اللبناني المتخصص بالشأن التركي، محمود علوش، أن “الناخب التركي قرر توجيه تحذير شديد القوة للرئيس أردوغان هذه المرة”.

واعتبر أن “نتائج الانتخابات المحلية التركية بمثابة زلزال سياسي، وستعيد تصميم السياسة الداخلية والحزبية”.

هل أثرت غزة على الانتخابات؟

أما مدير مكتب شبكة الجزيرة في تركيا، عبد العظيم محمد، أرجع الخسارة إلى سببين الأول: “الوضع الاقتصادي السيء وخطة وزير المالية الكارثية التي انعكست سلباً وبشكل كبير على حياة الناس”.

والسبب الثاني “خذلان غزة رغم موقف الشارع المحافظ المتعاطف جداً مع مأساتها”.

وأكد الكاتب والصحفي والمحلل السياسي التركي، محمد جانبكلي، أن ما يجري في غزة بفلسطين “أثر” على نتائج الانتخابات التركية.

وقال جانبكلي عبر حسابه في “إكس” إن “تأثير موضوع غزة نراه في تضخم أصوات حزب الرفاه، فالأصوات التي كانت تصوت لحزب العدالة وغضبت منه بشأن غزة ذهبت وصوتت لحزب الرفاه، في حين الأصوات الأخرى قاطعت الانتخابات”.

وأضاف أن ما يجري في غزة شكل صدمة لناخبي “العدالة والتنمية”، خاصة بعد رفض الحكومة مطالب إيقاف التجارة مع إسرائيل.

وأكد جانبكلي أن “النتيجة كانت بعزف بعض الغاضبين عن التصويت، وذهاب البعض الآخر للتصويت لحزب الرفاه، الذي كان لا يتوانى في حملته الانتخابية من كشف ازدواجية حزب العدالة بشأن التجارة مع إسرائيل”.

وتقول الباحثة في الشأن التركي، إيلا كيرفان، إن حزب العدالة خسر بسبب الوضع الاقتصادي وموقفه من غزة.

وتضيف: “لقد سئمنا الخطاب الشعبوي للعدالة والأقوال التي لا نجد لها أفعال.. الوضع الاقتصادي الذي طحن الطبقة الأساسية (الطبقة الفقيرة و العاملة) في المجتمع التركي”.

وكانت الباحثة التركية أعلنت قبل أيام مقاطعة الانتخابات هي وأصدقائها بسبب “إرسال المزيد من الفولاذ والأسمنت والمواد الكيميائية والمواد الغذائية والملابس إلى إسرائيل أكثر من ذي قبل حتى”، مؤكدة “مقاطعة الانتخابات حتى يتم مقاطعة إسرائيل”.

المصدر السورية. نت
قد يعجبك أيضا