السوريون في تركيا يواجهون “صيفاً ساخناً”.. تحركات ومؤشرات

رغم أن السوريين في تركيا عاصروا واختبروا الكثير من الإجراءات التقييدية التي صدرت بشأن وضعهم خلال السنوات الماضية إلا أن تحركات وتصريحات وجملة من القرارات الرسمية تنذر بمشهد “أشد قسوة” عن السابق و”صيف ساخن”.

ويزيد عدد السوريين عن أربعة ملايين شخص في عموم تركيا، ويتركز القسم الأعظم منهم الآن في إسطنبول، المدينة التي بدأت فيها السلطات قبل أيام حملة تستهدف بحسب الرواية الرسمية “المهاجرين غير الشرعيين”.

وجاءت الحملة بعدما عيّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجوهاً جديدة شملت حقيبة الداخلية وولاية إسطنبول، وصولاً إلى تغييره يوم السبت كامل الطاقم في “دائرة الهجرة”.

وبعد تعيين كل من علي يريكايا في منصب وزير الداخلية وداوود غول في منصب والي اسطنبول أعلن هذان المسؤولان عن حملة لمكافحة “الهجرة غير الشرعية”، وأشارت لهجتهم من جانب آخر إلى طريقة تعاطي جديدة مع الملف.

ورغم أن السلطات لم تسمِ السوريين “المخالفين” بعينهم كهدف ضمن نطاق الحملة، إلا أن الكثير من حالات إلقاء القبض والترحيل وثقها حقوقيون، من بينهم الناشط طه الغازي.

في غضون ذلك انتشرت تسجيلات مصورة وثقت إقدام السلطات على اعتقال سوريين “مخالفين” وتعود قيودهم إلى ولايات بعيدة عن إسطنبول.

فيما وثقت أخرى انتشار عناصر من الشرطة في الساحات العامة وعلى السواحل، كخطوات تستهدف البحث عن “المهاجرين غير الشرعيين”.

“خلال 4 أشهر”

وتأتي الحملة الحالية التي تشهدها مدينة إسطنبول بالتحديد بعد نحو شهر من انتهاء الانتخابات “التاريخية” في تركيا، والتي فاز بها أردوغان بولاية رئاسية ثالثة.

وفي أثناء حملته الانتخابية وقبل ذلك كرر أردوغان كثيراً هدفه الخاص بإعادة “مليون لاجئ سوري طوعاً إلى شمال سورية”، في وقت كانت فيه أحزاب المعارضة تحرّض على اللاجئين وأنه يجب إعادتهم إلى بلادهم، بزعم أنها “آمنة”.

وفي حين أعلنت وزارة الدفاع التركية الأسبوع الماضي أن “مليون لاجئ سوري عادوا طوعاً بالفعل إلى شمال سورية” خلال الفترة الماضية، فتح الرئيس التركي الباب أمام سياسية جديدة تتعلق بالهجرة.

وقال أردوغان، قبل يومين، في حديث للصحفيين إنه “من المهم أن يتم منع المهاجرين من دخول تركيا، وأن ينقل من يلقى القبض عليهم إلى ملاجئ أو مخيمات المهاجرين”.

كما أنه من المهم “إيقاف الهجرة من منبعها خاصة من شمال سورية”، مردفاً: “نحن نعمل حالياً من أجل هذا”.

وأكد أردوغان أن القوات الأمنية في تركيا شددت الإجراءات تجاه “المهاجرين غير الشرعيين” خلال الآونة الأخيرة.

معتبراً أن المواطنين الأتراك “سيشعرون بالتغييرات الواضحة” فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية، خلال وقت قصير.

وقبله كان وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، تعهد بإنهاء وجود المهاجرين غير الشرعيين خلال 4 أو 5 أشهر.

واعتبر الوزير أن المهاجر غير النظامي هو كل شخص دخل البلاد بطريقة غير قانونية، وفضل البقاء في تركيا رغم انتهاء تأشيرة إقامته، والذي يعمل دون تصريح.

وأكد كايا أن أجهزة الشرطة زادت عمليات التفتيش خلال الأسبوعين الماضيين في إسطنبول بشكل خاص.

من جانبه أعلن والي إسطنبول الجديد، داوود غول بعد تعيينه أنه لن يسمح لأي أجنبي غير مسجل البقاء أو الإقامة في مدينة اسطنبول.

وأضاف أن السلطات “ستعمل على ترحيل المقيمين غير الشرعيين خارج البلاد فور ضبطهم”.

“إسطنبول في المقدمة”

ومنذ سنوات يفضل الكثير من اللاجئين البقاء في المدينة أو السفر إليها بغرض العمل.

ورغم أن البعض منهم يحظى بقيود وأوراق ثبوتية صادرة عنها، إلا أن آخرين تصنفهم السلطات ورئاسة الهجرة في قائمة “المخالفين”، كون قيودهم ترتبط بولايات تركية أخرى.

ويمنع السوريون منذ عام 2016 في تركيا من مغادرة الولايات المسجلين فيها، أو الإقامة في ولايات أخرى من دون “إذن سفر” صادر عن “إدارة الهجرة التركية”.

وينظر كثيرون إلى المعادلة السابقة على أنها تندرج في صلب الحملة الجديدة، والتي بدأت في إسطنبول، ومن المقرر أن تنسحب إلى كافة الولايات، حسب التصريحات الرسمية.

وكانت وسائل إعلام تركية قد نشرت، الخميس الماضي، تسجيلاً في مدينة بورصة عن حملة أمنية ضد المحلات والمواطنين السوريين.

وقال موقع “بورصة اليوم” إن الشرطة في بورصة فرضت رقابة مشددة على المناطق التي يتمركز فيها السوريون.

ويظهر التسجيل دخول الشرطة إلى المحلات التجارية السورية وتفتيش السوريين المارين في الأسواق والحدائق.

وأضاف الموقع أنه تم ترحيل 10 أشخاص “مخالفين”.

كما وثقت تسجيلات أخرى إلقاء عناصر من الشرطة التركية القبض على أحد السوريين في مدينة إسطنبول، وفي أعقاب تفقد بطاقة الحماية المؤقتة التي يحملها.

وذكرت صحيفة “ملييت” المقربة من الحكومة، السبت، أن “ولاية إسطنبول التركية علّقت إصدار تصاريح إقامة جديدة للأجانب إلى أجل غير مسمى”، وأن “هذه الخطوة تأتي في إطار مكافحة الهجرة غير النظامية، ولمواجهة تزايد أعداد الأجانب في المدينة”.

وقالت الصحيفة إن “هناك حالات استثنائية حددتها الولاية منها أن يكون السكن لغرض الصحة أو التعليم أو التجارة الدولية”.

ومن غير الواضح المسار الزمني الخاص بالحملة التي تقودها السلطات، في وقت تسود توقعات بشأن استمرارها حتى انتخابات البلديات المقرر تنظيمها، في مارس/آذار العام المقبل.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا