الصين وأمريكا على أعتاب أزمة جديدة.. والأنظار نحو زيارة بيلوسي لتايوان

تنذر الزيارة المتوقعة لرئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، بوقوع أزمة جديدة بين الصين والولايات المتحدة، مع ارتفاع نبرة التهديدات الصينية باتخاذ إجراءات “جدّية” في حال تمت الزيارة فعلاً.

وفيما يغيب التأكيد الأمريكي الرسمي لزيارة بيلوسي إلى تايوان، قالت تقارير أمريكية إن بيلوسي عازمة على التوجه إلى تايوان، خلال الجولة التي تجريها حالياً إلى شرق آسيا، وتشمل سنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان.

وبعد انتهاء زيارتها إلى ماليزيا، اليوم الثلاثاء، رصدت مواقع تتبع رحلات الطيران انطلاق طائرة خاصة تابعة للقوات الجوية الأمريكية، أقعلت من كوالالمبور واتجهت جنوباً نحو تايوان دون معرفة ما إذا كانت بيلوسي على متنها.

بكين تصعّد لهجتها

منذ أن أعلنت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، عن عزمها زيارة تايوان، في أبريل/ نيسان الماضي، هددت الصين باتخاذ إجراءات دبلوماسية وعسكرية “قوية” في حال تجاهلت واشنطن المطالب الصينية بإلغاء الزيارة.

وتتمتع جزيرة تايوان بالحكم الذاتي، إلا أن الصين تعتبرها جزءاً من أراضيها، وتطالب المجتمع الدولي باستمرار بالاعتراف بتبعية تايوان لها.

وبيلوسي هي صاحبة ثالث أعلى منصب في الولايات المتحدة، ضمن ترتيب الرئاسة الأمريكية.

ومع بدء جولة بيلوسي الآسيوية، الأحد الماضي، تصاعدت لهجة التهديدات، وكان آخرها اليوم الثلاثاء، إذ حذرت وزارة الخارجية الصينية من “عواقب وخيمة” للزيارة.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، في مؤتمر صحفي، اليوم، إن بلادها تعارض زيارة نانسي بيلوسي لتايوان، مشيرة إلى أنها ستتخذ إجراءات “مضادة قوية”، دون الكشف عن ماهية تلك الإجراءات.

وأضافت: “بغض النظر عن سبب ذهاب بيلوسي إلى تايوان، ستكون مقامرة غبية وخطيرة وغير ضرورية”، و”من الصعب تخيل عمل أكثر تهوراً واستفزازاً”.

من جانبها، ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن طائرات مقاتلة صينية حلقت بالقرب من تايوان، اليوم الثلاثاء، قبل زيارة بيلوسي المرتقبة.

فيما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن الصين أجرت تدريبات عسكرية قبالة سواحلها الجنوبية والشمالية الشرقية، هذا الأسبوع، استعداداً لزيارة بيلوسي لتايوان.

وكان المبعوث الصيني لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، حذّر من أن زيارة كهذه ستقوض العلاقات بين واشنطن وبكين، وتشعل فتيل أزمة “جدّية” بين البلدين، وذلك في إفادة صحفية قدمها، أمس الاثنين.

نزاع تاريخي مستمر

يعود النزاع بين الصين وتايوان إلى مئات السنوات، حيث تعتبر الصين أن أوائل سكان جزيرة تايوان قدموا من مناطق جنوب الصين الحالية، وأن أراضي الجزيرة تابعة للصين إلا أن الحروب التاريخية عززت انفصالها.

أما في التاريخ المعاصر، شهدت العلاقات التايوانية- الصينية تحسناً في ثمانينيات القرن الماضي، حيث عرضت الصين على تايوان خطة عُرفت باسم “دولة واحدة ونظامان”، يتوجب على تايوان من خلالها الاعتراف بتبعية أراضيها للصين مقابل حصولها على استقلالية كبيرة، إلا أن تايوان رفضت ذلك.

وفي عام 1991 أعلنت تايوان انتهاء حربها مع الصين في البر الرئيسي، مع نشوب أزمة دبلوماسية بين الجانبين، بين الحين والآخر.

إلا أن قانوناً أصدرته الصين عام 2004، أشعل فتيل أزمة جديدة، وينص القانون الذي يحمل اسم “مناهضة الانفصال”، على أنه يحق للصين استخدام القوة العسكرية ضد تايوان، إذا حاولت الانفصال عن الصين.

وفي عام 2008 وصل ما يينغ جيو إلى رئاسة تايوان، واتبع سياسة مغايرة مع الصين، حيث سعى إلى تحسين العلاقات بين الطرفين، خاصة الاقتصادية منها.

ومع وصول الرئيسة الحالية، تساي إنغ ون، إلى رئاسة تايوان منذ عام 2016، شعرت الصين بقلق حيال ذلك، خاصة أن إنغ ون تنتمي للحزب الديمقراطي التقدمي، الذي يدعم الاستقلال الرسمي والنهائي عن الصين.

زيارة أمريكية سابقة

زيارة بيلوسي إلى تايوان، في حال تأكدت، ستكون الأولى لمسؤول أمريكي بهذا المستوى، منذ عام 1997، حين أجرى رئيس مجلس النواب الأمريكي حينها، نيوت غينغريتش، زيارة رسمية لتايوان.

ورغم التنديد الصيني للزيارة حينها، لم تتخذ الصين إجراءات فعلية ضد الولايات المتحدة، ما تعتبره سلطات بكين الحالية “غلطة تاريخية”.

إذ قال المبعوث الصيني لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، أمس الاثنين، إن زيارة بيلوسي لتايوان لا يمكن مقارنتها بزيارة عام 1997، وسيُنظر إليها على أنها “استفزاز”.

وأضاف أن “الخطأ السابق لا يجعل الخطأ التالي مشروعاً”.

وتعتبر الصين أن زيارة مسؤولين أمريكيين لتايوان بمثابة اعتراف ضمني باستقلالها وانفصالها عن الأراضي الصينية، خاصة أنها تهدد مراراً باستخدام القوة “لتوحيد أراضيها”.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا