المواصلات عائق أمام الطلاب..كيف بدت تجربة “الثانويات المركزية” في إدلب؟

على حافة طريق فرعية تصل بلدة “باتنته” بمدينة “معرة مصرين” شمالي إدلب، يقف سرحان السعن، وهو طالب في الثانوية العامة، منتظراً سيارة تقلّه إلى مدرسته، ليبدأ يومه الدراسي.

“أحياناً تتيسّر وأطلع مع سيارة وأحياناً بتأخر على الدرس ربع ساعة أو نصف”، يقول سرحان، ويضيف: “اليوم وصلت إلى المدرسة وملابسي كلها مبللة من المطر”.

يخرج سرحان من مخيم “الإيمان بالله” قرب “باتنته” في وقتٍ مبكر، قاصداً مدينة “معرة مصرين”، حيث مدرسته “حسن معمار”، وهي ثانوية مركزية يتّجه إليها الطلبة من المناطق والمخيمات المحيطة بالمدينة.

يعتمد سرحان على السيارات العابرة في الوصول إلى المدينة، حيث لا وسائل نقل عامة مفعّلة على هذا الخطّ، وكذلك لا وسائط أو حافلات لنقل الطلاب تؤمنها المدرسة.

ويتوجه الطلاب من قرى وبلدات بعيدة أو ربما قريبة، لكن تحتاج في الحالتين إلى وسيلة نقل، للوصول إلى المدارس الثانوية المركزية، التي جرى تفعيلها لأول مرة للعام الدراسي 2023 ـ 2024، ضمن خطة مديرية التربية لتركيز الدعم في ثانويات مركزية، بعد أن عانت هذه المرحلة لسنوات طويلة من قلة الدعم.

وينتشر في مناطق إدارة “حكومة الإنقاذ السورية” حوالي 49 مدرسة ثانوية مركزية، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم.

فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة "مركزة الثانويات العامة"
فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة “مركزة الثانويات العامة” (السورية.نت)

“المواصلات عائق”

لا يختلف الحال لدى ميلاد حسن الديك، الذي يتوجه يومية من بلدة “الفوعة” إلى “معرة مصرين، هو أيضاً يضطر للتأخر على الحصة الدرسية الأولى بسبب المواصلات.

تبدأ رحلة ميلاد، وفقاً لحديثه لـ”السورية.نت” من بلدة الفوعة، حيث يقطن ميلاد مع عائلته المهجرة من بلدة “كفرومة” جنوبي إدلب، ويصل عبر سيارة عابرة إلى المفرق الرباعي لـ(الفوعة ـ إدلب ـ باب الهوى ـ معرة مصرين)، وهنا محطة انتظار أخرى لـ ميلاد قبل وصوله إلى ذات المدرسة، ليصل من المفرق إلى داخل المدينة.

يقول ميلاد: “على أساس يفتحوا ثانوية للذكور في الفوعة، وبعدها غيروا رأيهم.. لذلك قررت سجل في مدرسة حسن معمار”.

ويختم: “يا ريت لو تتوفر مواصلات أو يفتحوا مدرسة للذكور في الفوعة”.

محمد الزين، وهو طالب في الصف العاشر أيضاً، يتنقل يومياً من بلدة “حزانو” إلى “كللي” شمالي إدلب، حيث مدرسته الثانوية، لكن يتحمل تكاليف تنقل أسبوعية.

يقول محمد لـ”السورية.نت”: “اتفقت مع حافلة تنقل طلاباً على أجرة بحوالي 40 ليرة تركية أسبوعياً، تنقلني من قريتي إلى كللي”.

فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة "مركزة الثانويات العامة" (السورية.نت)
فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة “مركزة الثانويات العامة” (السورية.نت)

“الجودة التعليمية تحسنت”

أيمن الوهوب، مدير ثانوية “حسن معمار”، يقول لـ”السورية.نت”، إن “الجودة التعليمية تحسّنت بشكل كبير خلال هذا العام، بعد البدء بفكرة الثانويات المركزية، وخاصةً فيما يتعلق بمسألة تأمين الكوادر التعليمية، إذ كانت تعاني الثانويات من غياب الكوادر بسبب انقطاع الدعم عنها”.

ويدرس في الثانوية ما يقارب 300 طالب، وتستوعب كل غرفة صفية حوالي 30 طالباً.

وبحسب الوهوب، فإن وزارة التربية والتعليم التابعة لـ”حكومة الإنقاذ السورية” تكفّلت برواتب المدرّسين بحال توقف منح المنظمة الداعمة عن المدرسة، وهو ما يعتبره “ميزة إضافية لمسألة مركزية الثانويات”.

وحول مشكلة المواصلات التي يعاني منها الطلاب، يوضح الوهوب أن الإجراء الوحيد القادرة المدرسة على اتخاذه هو تفهم حالات التأخير للطلاب القادمين من مناطق محيطة بالمدينة، وهم قلة، على حد وصفه.

وشكل غياب الدعم عن الثانويات العامة في منطقة شمال غرب سورية، تحدياً بارزاً للقطاع التعليمي، وتعود أسبابه بسبب سياسة المنظمات الدولية المهتمة في مدارس الحلقة الأولى فقط وهي المرحلة الابتدائية.

من جهته، يجد سامر شبيب وهو موجّه في المدرسة، أن “خطوة مركزية الثانويات، أمنت دعماً حكومياً لهذه المرحلة المظلومة لسنوات عديدة”.

ويعتبر لـ”السورية.نت” أنّ “مجرد دعم المدرّسين بالرواتب الشهرية، يعني أن المدرسة انطلقت واستقرت”.

“استمرارية الراتب”

يتطلع محمد سلوم، وهو مدرس مادة الجغرافية، أن “الدعم للمدارس الثانوية يستمر حتى خلال العطلة الصيفية، على اعتبار أن المدرس لديه احتياجات ومصاريف وهو رب أسرة”.

وغالباً ما تكون الأشهر الصيفية، هي أشهر تطوعية بالنسبة للمدرسين في المنطقة، وهو ما يزيد من معاناتهم.

وتتراوح أجور المدرّسين الشهرية في المرحلة الثانوية من 150 إلى 200 دولار، يختلف وفقاً للجهة الداعمة أو المنظمة.

فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة "مركزة الثانويات العامة" (السورية.نت)
فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة “مركزة الثانويات العامة” (السورية.نت)

“تأمين خدمة أفضل”

يوضح رئيس دائرة التوجيه الاختصاصي في مديرية التربية والتعليم في إدلب، أحمد حجون، أن “خطوة مركزة الثانويات جاءت لتأمين خدمة أفضل للطلبة من كوادر والعمل على تجهيز مخابر تعود بالنفع”.

ويجد في حديثه لـ”السورية.نت” أن “أنه لا يمكن الحكم على الوصول إلى المأمول من جودة في التعليم واستقطاب للطلاب والكوادر، على اعتبار أن الفصل الأول لم ينته، فالعمل في التربية يقاس بنتاج سنوات وليس بمجرد أشهر”.

وحول مسألة المواصلات، أشار إلى أنها ليست مؤمنة في الوقت الحالي، لكن اعتبر أن افتتاح شعب ثانوية وخاصة للإناث متاح، بحال كان الطلاب محققين للعدد المطلوب.

فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة "مركزة الثانويات العامة" (السورية.نت)
فعلت مديرية التربية والتعليم في إدلب، لأول مرة فكرة “مركزة الثانويات العامة” (السورية.نت)
المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا