انتخابات تركيا 2023.. بماذا تختلف عن سابقاتها؟

يدخل العد التنازلي لموعد الانتخابات التركية ضمن إطار” الساعات”، بعدما بات يفصلنا عنه يوم واحد فقط، ومن المقرر أن يتجه المواطنون في البلاد صبيحة يوم الأحد للإدلاء بأصواتهم في مراكز الاقتراع، لتحديد اسم رئيسهم الثالث عشر والتشكيلة الجديدة للبرلمان، أو كما يطلقون عليه “مجلس الأمة”.

وبعدما أعلن زعيم “حزب البلد”، محرم إينجه انسحابه من السباق الرئاسي، يوم الخميس، بات هناك 3 مرشحين فقط، الأول هو الرئيس رجب طيب أردوغان والثاني مرشح تحالف “الأمة” المعارض، كمال كلشدار أوغلو، بالإضافة إلى سنان أوغان مرشح “تحالف الأجداد”، الذي يضم أحزاب قومية صغيرة.

وبحسب ما تشير إلى الأجواء المفروضة وتصريحات السياسيين من مختلف الأحزاب لا تشابه انتخابات الرئاسة والبرلمان بعد يوم غد الأحد سابقاتها من السباقات التي شهدتها البلاد، على مدى الأعوام السابقة.

ويرتبط ذلك بسلسلة اعتبارات داخلية وخارجية في آن واحد، فضلا عن الوصف الذي لطالما أطلقه أردوغان ومنافسه كلشدار أوغلو بأنها “انتخابات مصيرية وتاريخية”.

بماذا تختلف داخلياً؟

ورغم وجود سنان أوغان كمرشح رئاسي إلا أن المنافسة على الكرسي تبدو محتدمة على نحو أكبر بين أردوغان وكلشدار أوغلو، وهو زعيم “حزب الشعب الجمهوري” العلماني.

ويتحالف أردوغان مع عدة أحزاب ضمن “تحالف الجمهور”، وهي “الحركة القومية”، “الوحدة الكبرى”، “هدى بار”، “اليسار الديمقراطي”، “الرفاه من جديد”.

أما كلشدار أوغلو فيتحالف مع عدة أحزاب ضمن “تحالف الأمة”، وهي “حزب المستقبل”، “الجيد”، “الديمقراطية والتقدم”، “السعادة”، “الديمقراطي”، كما أنه يتلقى دعماً علنياً للمنافسة من الرئاسة من قبل “حزب الشعوب الديمقراطي” الكردي.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد التي تتحد فيها مجموعة كبيرة من أحزاب المعارضة ضد الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) ورئيسه أردوغان، واللافت أنها قسم منها كان محسوباً في السابق عليه، مثل “المستقبل” الذي يتزعمه أحمد داوود أوغلو و”الديمقراطية والتقدم” الذي يرأسه علي باباجان.

وفي حين يسعى أردوغان إلى الحفاظ على منصب الرئاسة والمكتسبات التي حققها على مدى 20 عاماً منذ وصوله إلى السلطة والدخول بها في القرن الثاني لتأسيس الجمهورية، تحاول أحزاب المعارضة على رأسها كلشدار أوغلو إنهاء مسيرته، مع التوجه إلى تعديل النظام في البلاد من رئاسي إلى برلماني.

علاوة على ذلك يرتبط الاختلاف بين الانتخابات الحالية وسابقاتها بتقارب نسب النتائج المتوقعة التي تنشرها شركات استطلاعات الرأي، ويتعلق الاختلاف أيضاً بحسب مراقبين بأن السباق المرتقب سيكون بشكل أو بآخر “كعملية استفتاء على النظام الرئاسي”.

وهذه هي المرة الثانية التي تخوض بها تركيا انتخابات، منذ تحولها إلى النظام الرئاسي، بعد عام 2017.

وفي 2018 كان أردوغان قد فاز بمنصب الرئيس بعدما هزم منافسه محرم إينجه بفارق كبير، وبينما حافظ على الأغلبية في البرلمان، كان حزبه قد خسر مدينتي إسطنبول وأنقرة، في انتخابات البلدية 2019، لصالح مرشحي “حزب الشعب الجمهوري”، آنذاك.

وإلى جانب ما سبق يذهب جزء من الاختلاف في الانتخابات المرتقبة بما تشهده البلاد ويتم التركيز عليه منذ مدة، وهو عامل الاقتصاد ومسار العملة، ولاسيما أن هذان المساران يشهدان منذ زمن تقلبات أثّرت على حياة المواطنين، بحسب خبراء اقتصاد.

وهناك اختلاف يتعلق بالكارثة الأخيرة التي فرضها الزلزال المدمّر، في السادس من شهر فبراير/شباط الماضي، وما خلفه من تداعيات اقتصادية، من المتوقع أن تنعكس بالسلب على المشهد الاقتصادي في مرحلة ما بعد الكشف عن نتائج الانتخابات.

ما الذي يميزها خارجياً؟

على مدى عهده وعهد حزبه “العدالة والتنمية” الممتد منذ 20 عاماً كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد رسم سياسية خارجية، شهدت لسنوات عواصف وتوترات، لكن سرعان ما هدأت مؤخراً، في وقت كانت البلاد تستعد لموعد الاستحاق “التاريخي”.

وعلى مدى العامين الماضيين كان أردوغان قد اتجه إلى سياسة تصفير المشاكل مع عدة دول في الإقليم والعالم، من بينها إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر، فيما اتجه مؤخراً إلى إعادة فتح مسارات عملية بناء الحوار مع النظام السوري.

وبموازاة ذلك كان قد اتجه مؤخراً إلى التركيز على لعب دور “الوساطة”، وهو ما حصل بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات التي اندلعت بين الغرب وموسكو.

ويرى الباحث في مركز “سيتا” المقرب من الحكومة، برهان الدين دوران أن نتيجة الانتخابات ستؤثر على سياسة تركيا تجاه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وغيرها.

ويوضح في مقال تحليلي أن “ما يجعل هذه الانتخابات محورية ليس ما إذا كانت الحكومة لا تزال في السلطة، بل إن القضية الأساسية هي أي مرشح وجدول أعمال سياسي سيأخذ تركيا إلى قرنها الثاني”.

وكان المرشحان الرئيسيان (أردوغان وكلشدار أوغلو) ورؤياهما المتباينة لمستقبل البلاد قد أثارا نقاشاً محتدماً حول الاقتصاد والديمقراطية والأمن وسلامة الأراضي ومكافحة الإرهاب والسياسة الخارجية، خلال الفترة الأخيرة.

وفي حين يرى مراقبون والباحث دوران أن سياسة الحزب الحاكم وأردوغان تبدو واضحة على نحو كبير في الوقت الحالي وفي مرحلة ما بعد الانتخابات لم تتكشف حتى الآن السياسة الخاصة بكلشدار أوغلو، وهو الذي سبق وأن ألمح إلى علاقات مستقبلية ستكون أقرب إلى الغرب منه إلى روسيا.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا