بعد “عفو” الأسد.. آلاف أهالي يترقبون خروج المعتقلين وتحذيرات واتهامات للنظام

تصدرت صور تجمع المئات من أهالي المعتقلين وسط دمشق، أمس الثلاثاء، اهتمامات سوريين على مواقع التواصل، خاصة أن الكثير من المتجمعين في المكان (تحت جسر الرئيس)، مر على انتظاره نحو 48 ساعة، على أمل تحقيق حلم لقاء معتقل انتظروه لسنوات.

وأثار مرسوم “العفو” الصادر عن رئيس النظام، بشار الأسد، والتجمع الكبير لأهالي المعتقلين عقبه، في ساحات مدن سورية عدة، من بينها دمشق وحمص وحماة، وصور لهفتهم للقاء أبنائهم، تعليقات سوريين وجدوا فيها العديد من الدلالات والسياقات.

تعليقات وآراء اتفقت على أن قرار “العفو”، وما تبعه من “فوضى” في التصريحات والمعلومات، تزامن مع استمرار إحجام النظام وإعلامه الرسمي والموالي، عن إصدار أي تعليق حول تسريبات صحيفة “الغارديان” البريطانية عن “مجزرة التضامن”.

وفتح الكشف عن “مجزرة التضامن” قبل أيام جروح الكثير من السوريين، سواء من أبناء العاصمة دمشق ومحيطها أو باقي المحافظات السورية.

ووثق التحقيق الخاص بالمجزرة الذي أعده الباحثان أنصار شحّود وأوغور أوميت أونجور، العاملان في “مركز الهولوكوست والإبادة الجماعية” في جامعة أمستردام، الجريمة بالفيديو، وباسم مرتكبها وصورته.

وأظهر التسجيل المصور عناصر من مخابرات نظام الأسد، وهم يعدمون عدد من المدنيين وهم معصوبو الأعين، وأيديهم مقيدة، قبل دفعهم إلى حفرة وإطلاق الرصاص عليهم قبل حرقهم، في حي التضامن بدمشق.

تغطية على حدث أكبر

وفي هذا السياق، وصفت بعض التقارير والتعليقات، ما يجري وسط دمشق من انتظار المئات للمعتقلين، دون أي نتائج تذكر، بـ”الفوضى” التي يمكن للنظام من خلالها التغطية على حدث أكبر، المتمثل في تسريب جريمة فيديو مجزرة التضامن.

كما أشارت بعض التعليقات، إلى وجود “إمعان في الفوضى”، تمثل أيضاَ في تسريب أسماء وقوائم تبين أنها وهمية وغير صحيحة، بهدف إثارة البلبلة.

وتعقيباً على مرسوم “العفو”، الذي وصفه البعض بـ”الانتهازي“، وما تبعه من تخبط وعشوائية في التنفيذ، أطلق ناشطون هاشتاغ “العفو عند المجزرة”، في إشارة إلى ارتباط قرار رأس النظام الخاص بمرسوم العفو، بالفيديوهات التي توثق مجزرة التضامن.

عدم وجود شفافية في الإعلان عن أسماء المعتقلين المشمولين بالعفو وتواريخ خروجهم، لم يتطرق إليها المعارضون للنظام السوري فقط، بل تحدث حوله العديد من الناشطين والإعلاميين الموالين له، مع أن – الإعلان عن الأسماء – ليس بالأمر الصعب، وفق ما يذكر الإعلام الموالي، نزار الفرا: “ما المانع الفني للجهات القضائية المعنية من نشر قوائم رسمية بأسماء المسجونين المشمولين بالعفو، هذا أفضل من ترك الأمر للشائعات و الابتزاز ولدموع الانتظار غير المجدي”.

ليست الأولى

وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها رأس النظام هكذا نوع من المراسيم، وخاصة في الفترة التي تسبق الأعياد.

وكثيراً ما أوضح حقوقيون، أن مراسيم العفو تأتي في مسعى إعلامي من جانب النظام، للتغطية على صورة “الجرائم ضد الإنسانية” التي ارتكبها بحق السوريين، منذ عام 2011.

لكن ما ميزها هذه المرة، وفق ما نوهت إليه العديد من الآراء، أنها تتزامن مع رغبة العديد الدول التي تأوي لاجئين سوريين، بإعادتهم إلى بلادهم، فجاء مرسوم “العفو”، لتلميع صورته في هذا المجال، وللإيهام بأنه يفتح صفحة جديدة للسوريين.

أين البقية؟

الملاحظ في الساعات التي أعقبت صدور القرار، أن قوائم الأسماء التي جرى التأكد منها، وعددهم الموثق بالعشرات فقط، يعود في أغلبها لمعتقلين يعود تاريخ اعتقالهم إلى ما بعد عام 2018، وهو ما أكدته تقارير إعلامية، مما يطرح السؤال عن عشرات آلاف المعتقلين، ممن زج بهم في السجون عقب انطلاق الثورة السورية ضد الأسد في مارس/ آذار 2011.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تشير أسماء المفرج عنهم من أبناء دير الزور، والتي حصلت عليها “السورية نت” من مصادر متقاطعة، إلى أن عددهم 4 فقط حتى الآن، وهم أحمد المطلق (معتقل منذ 3 سنوات)، عبد الوهاب زايد المجبل (معتقل لمدة 4 سنوات)، بسام محمد المشهور (معتقل منذ عامين)، محمود الحبش (معتقل منذ 4 سنوات).

مع التنويه إلى أن دير الزور أسوة بالمحافظات السورية الأخرى، زج النظام بالآلاف من أبنائها في سجونه منذ 2011، وما زال مصيرهم حتى الآن مجهولاً.

إقرار متأخر.. وتحذير

اللافت للنظر، كان تغطية وسائل إعلامية موالية لانتظار أهالي المعتقلين وسط دمشق، والسماح لهم بالحديث عن معاناتهم في الانتظار، ووجدت بعض الآراء أنه للمرة الأولى يقر النظام عبر إعلامه بوجود معتقلين لديه، وبحالات تغييب قسري، وإن جاء ذلك متأخراً.

وبالمقابل، دعا العديد من الناشطين إلى الحذر من تداول صور مزيفة على أنها لمعتقلين، أو للحظات الإفراج عن معتقلين سوريين، منوهين إلى أن النظام قد يلجأ إلى هذا الأسلوب، للتشكيك وللطعن في قضية المعتقلين السوريين في سجونه.

وبالفعل، انتشرت صورة لخروج معتقلين من أحد السجون، وروجتها صفحات موالية للنظام، وتداولها بعض الناشطين المعارضين ليتبين فيما بعد، أنها مأخوذة من مصر في سنوات سابقة.

وفي تعليقه على أحد الصور المنشورة، حذر الناشط الإعلامي إبراهيم التريسي من إحدى الصور التي يتداول على أنها لأحد المعتقلين، بينما هي ملتقطة عام 2012 لمتسول في مدينة بورخارست برومانيا.

وفي 30 أبريل/ نيسان الفائت، أصدر رأس النظام السوري، بشار الأسد، مرسوماً تشريعياً حمل رقم 7، وقضى بمنح “عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30 أبريل 2022”.

ولا يشمل الإجراء الذي اتخذه الأسد، بحسب وكالة سانا “الجرائم التي أفضت إلى موت إنسان، والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم /19/ لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /148/ لعام 1949 وتعديلاته”.

وبلغ عدد المعتقلين والمختفين قسراً على يد النظام السوري منذ 2011 حتى أواخر 2021، نحو 131 ألفاً و469 شخصاً، من بينهم 3621 طفلاً و8037 امرأة، وفق إحصائيات “الشبكة الحقوقية السورية لحقوق الإنسان”، التي ذكرت في تقرير لها مطلع أبريل/ نيسان الماضي، استمرار النظام في توقيف مئات آلاف المعتقلين، دون مذكرة اعتقال لسنوات طويلة، ودون توجيه تُهم.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا