بين بوتين وكورونا.. من ووهان إلى معرة النعمان

“من يجرؤ على دخول معرة النعمان؟” سكنني هذا السؤال بعد مشاهدة مقطع فيديو من داخل مقاطعة “ووهان” الصينية، لأحد المراسلين البريطانيين، ستيفن ماكدونال، الذي تجرأ على دخول المدينة المقطوعة عن العالم الخارجي، المشهد مفزع والصمت سيد المكان حيث الشوارع خالية تماماً من البشر، والمحال التجارية، المزينة باللافتات والألوان المبهرجة، مغلقة وكئيبة، هي مدينة يسكنها الرعب والخوف… بالإضافة لـ 11 مليون إنسان وفيروس كورونا.

ترى لو دخل هذا المراسل إلى معرة النعمان ما هي الفيديوهات التي سيعود بها؟ وهل يستطيع أصلاً دخول المدينة التي خلت تقريباً من أهلها؟.

في معرة النعمان لن يستطيع المراسل شرح تفاصيل المدينة إذ لم يبق فيها شوارع أو محالاً مغلقة، كما أنه لن يتحدث عن صمت يلف أرجاء المدينة المتروكة تحت نيران أعدائها، فصوت الانفجارات وهدير الطائرات المتوحشة لا يتوقف. 

في معرة النعمان لن يشاهد مدينة معزولة عن العالم الخارجي، بل بقايا مدينة غادرها العالم الخارجي واستمتع عدوها بتدمير كل تفصيل يميزها.

في معرة النعمان المعادلة مقلوبة، العالم هنا لا يخشى من موت يخرج من المدينة، ففيروس بوتين مخصص للسوريين، وهذا ما يدركه العالم أجمع وهو لا يمانع في ذلك، وهذا ما يدركه بوتين وهو مستمع بذلك.

الفيروس الذي جاء سوريا من أصقاع روسيا ليس نتاج خطأ مخبري أو تطور طبيعي بين مضيفيه، وهو لا يحير العلماء ولا يحتاج لتكاتف المخابر الطبية في دراسته، فهذا الفيروس هو نتاج فكر دموي حكم روسيا وعدة بلدان أخرى بالنار والحديد، والآن وبعد زوال عرشه الأحمر جاء ليحيي تاريخه على أنقاض سوريا ودماء أهلها.

“من يتجرأ على دخول معرة النعمان؟” في ووهان، يقول ماكدونال، إن الحاجز الأمني قال له إن بإمكانه دخول المدينة لكنهم لن يسمحوا له بمغادرتها قبل رفع الحظر، أما في معرة النعمان فلن يخبرك الحاجز الروسي أو الإيراني عن موعد المغادرة، بل سيكتفي ببسمة دموية وعينه معلقة بالطائرات التي تقصف المدينة.

لم يبق في معرة النعمان إلا بعض أهلها أما البقية فهم مشردون خائفون تلاحقهم الطائرات الروسية حتى في طريق هروبهم ومخيماتهم البائسة، هؤلاء الخارجون من أتون الموت لا يخضعون لفحص طبي أو حظر، إذ إن فيروس بوتين لا ينتقل بالعدوى بل يقتل مباشرة.

في معرة النعمان سيرى المراسل الكثير الكثير من الموت والدمار، سيشتم رائحة الأجساد المحترقة ويسمع بقايا بكاء الأطفال المرعوبين، ويسأل “هل تتخيل هؤلاء الأطفال وسط كل هذا القصف والقتل؟”، وفي معرة النعمان سيلمح كل شيء، الذكريات، بقايا ضحكات من رحلوا وصدى أغنيات العشق والحلم، وسيسمع بين لحظة وأخرى صرخة مقاوم لا يستسلم في وجه الموت الروسي.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا