رامي مخلوف ورفعت الأسد: إدارة الخلاف العائلي

مع استلام بشار الأسد السلطة في عام 2000 خلفاً لوالده حافظ الأسد الذي حكم سوريا لمدة ثلاثين عاماً (1970-2000) بدأ بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الجزئية التي كانت تهدف بشكلٍ رئيسي إلى السماح بدخول القطاع الخاص إلى قطاع البنوك والمصارف وشركات التأمين والتعليم التي كانت حكراً على القطاع العام فقط، ولقد قوبلت هذه الخطوات بالترحيب من قبل رجال الأعمال السوريين ومن المجتمع السوري بشكل عام، لكن لم يمضِ شهور على صدور المراسيم والتعليمات التنفيذية الخاصة بهذه الخطوات حتى طفا على السطح اسم رامي مخلوف الذي أصبح المستفيد والشريك الوحيد من كل هذه الاستثمارات الخاصة حيث أسس البنك الدولي الإسلامي وبنك عودة -سورية وبنك البركة وبنك الشام وسيطر على شركات التأمين الخاصة مثل الشام كابيتال وفتح فرعاً لمدرسة الشويفات الدولية الخاصة ودخل على القطاع العقاري فأسس عدة شركات مثل البتراء والحدائق والفجر وغيرها التي امتلكت مساحات واسعة من الأراضي لبناء العقارات السكنية والتجارية، وكوالده محمد مخلوف دخل على قطاع النفط عبر شركة GULFSANDS Petroleum واحتكر بشكل مطلق مناطق التجارة الحرة الحدودية السورية مع كل دول الجوار تركيا والأردن ولبنان والعراق عبر شركته التي أسماها راماك، لكن درة الاحتكار كما يقال كان امتلاك واحتكار حقوق شركات الخلوي هذه الخدمة التي دخلت سوريا متأخرة تقريباً مقارنة مع جيرانها.

الأنظمة العائلية التسلطية كنظام الأسد تحاول إخفاء الخلافات العائلية بالحد الأقصى لأن أي خلاف يظهر للعلن يعني أن الصراع داخل العائلة هو على أشده وقد يتحول إلى محاور تقضي على استقرار النظام بأكمله، وقد نجحت عائلة الأسد في إدارة خلافاتها الشخصية داخلها بشكل كبير حتى خلال أسوأ الأيام وأحلكها خلال الحرب السورية سيما في عام 2012 ومن ثم عام 2014 عندما زادت الضغوط الدولية بشكل كبير وازداد حجم الانشقاقات بشكل متصاعد وخطير، ولذلك أن يخرج رامي مخلوف بهذه الفيديوهات العلنية عبر صفحته على الفيسبوك هذا يعني أولاً أنَّ إدارة الخلافات داخل العائلة فشل في الوصول إلى حلول بطرق سلمية وسرية كما هي العادة دوماً، وثانياً أن طرق الاتصال بين مخلوف وبشار الأسد قطعت تماماً فأحب أن يتوجه له عبر صفحته الشخصية على الفيسبوك.

طبعاً هناك الكثير من التشابه بين تصرفات رفعت الأسد ضد أخيه حافظ الأسد في عام 1982 وبين تصرف مخلوف ضد ابن عمته الرئيس بشار ألأسد عام 2020 ولكن القوة العسكرية التي كان يتمتع بها رفعت الأسد في تلك الفترة لا تقارن بما هو عليه رامي مخلوف اليوم وبالتالي يمكن القول إن مركزية عائلة الأسد داخل النظام التسلطي السوري وثقافة عبادة الشخصية التي بنيت حول والده حافظ وبشار من بعده وخاصة التضامن داخل الطائفة العلوية خلال سنوات الحرب والعصبية الطائفية التي تصرفت بها ضد كل مظاهر المعارضة أو اختلاف الرأي يجعلنا واثقين من القول أن الأسد سيكون الأقوى في الحد من هذا التأثير التصاعدي لفيديوهات مخلوف داخل الطائفة وهذا هو الأهم وهي المخاطب الوحيد الذي يعنيه مخلوف من فيديوهاته كما أنها هي مخاطب الأسد الأول والأخير.

وإذا صدقت التقارير التي تحدثت عن مرافقة روسية رافقت الأجهزة الأمنية السورية خلال اعتقالها لعدد من المديرين في شركة سيريتيل المملوكة لرامي مخلوف فإن هذا الصراع بين الأسد ومخلوف يعكس من جهة أخرى خلافاً روسياً مع الأسد بهدف تحصيل عائدات الحرب، إذ تقول التقارير إنَّ روسيا طالبت الأسد برفع مبلغ 3 مليارات دولار كتعويض عن المشاركة الروسية في الحرب السورية إلى جانب نظام الأسد، لكن الأسد تحجج بعد توفر المبلغ فقدمت روسيا حسابات لرامي مخلوف تثبت أنه يملك أكثر من المبلغ المطلوب وهو ما أشعل الصراع بين الأسد ومخلوف.

باختصار، إن رامي مخلوف سيدرك أن زمن إدارته لأموال عائلة الأسد انتهى وحان الوقت كي تمتلك أسماء الأسد كما تورد كل التقارير السيطرة فوق هذه الثروة خاصة مع كبر أولادها وهم أولاد بشار الأسد وعلى رأسهم حافظ الذي يتطلع للعب دور أبرز ربما في السنوات القادمة على المستوى المالي والأمني لإظهار تماسك أكبر داخل الطائفة وداخل النظام المتصدع.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا