روسيا والدفاع عن الأسد

حمت روسيا نظام الأسد منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات في آذار/ مارس 2011، حيث تبنت رواية الحكومة السورية الكاذبة من البداية بأن آلاف المتظاهرين السلميين كانوا عبارة عن “إرهابيين” يحملون السلاح، وقدمت الدعم الكامل لنظام الأسد في مجلس الأمن ضد أي عقوبات دولية بل رفضت حتى أي إدانة تصدر عن المجلس.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2011، أي بعد ستة أشهر من بدء الثورة السورية، استخدمت روسيا حق النقض الفيتو للمرة الأولى بالتعاون مع الصين لمنع إقرار مقترح غربي يدين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا ويهدد بإجراءات ضد حكومة الرئيس بشار الأسد. وإلى اليوم ما زالت تستخدم الفيتو لحمايته ضد أي إدانة دولية في مجلس الأمن حتى بلغ عدد المرات التي استخدمت فيها روسيا الفيتو في الأزمة السورية 16 مرة.

تحول هذا الدعم إلى تدخل عسكري كامل في أيلول/ سبتمبر 2015 مكّن الأسد من السيطرة على معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة.

اليوم تخوض روسيا معركة على ثلاث جبهات دفاعاً عن نظام الأسد الجبهة الأولى في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والجبهة الثانية في لاهاي حيث منظمة حظر الأسلحة الكيماوية حيث تكرر روسيا حملتها في الدفاع عن الأسد ضد كل تقارير المنظمة الدولية والتي تتهم الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية عشرات المرات في مناطق مختلفة من سوريا أما الجبهة الثالثة والأخيرة فهي في جنيف حيث تدافع روسيا عن الأسد في وجه الاتهامات الحقوقية التي تتهم الأسد بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وتقارير اللجنة الدولية المستقلة الخاصة بسوريا. في الحقيقة حضور روسيا القوي في كل هذه الجبهات يدل على حجم الاستثمار السياسي والدبلوماسي القوي الذي تستثمره روسيا في الدفاع عن الأسد ومقابل ذلك تخسر من مصداقيتها مع كل حملة أو جبهة تخوضها في الدفاع عن الأسد وجرائمه.

لقد سخّرت روسيا من أجل تحقيق ذلك الكثير من الموارد المالية والسياسية والاقتصادية ومن المستحيل الكشف عن العوائد التي يمكن أن تحصل عليها روسيا من كل هذا الاستثمار، فلا سوريا تملك هذه الموارد الضرورية وبنفس الوقت تدرك روسيا أنها تخوض حربا خاسرة دفاعاً عن الأسد فلا الحملات المنظمة أجدت نفعاً، أو غيرت من صورة الأسد على المستوى الغربي. الذي حصل هو العكس تماماً، غاصت روسيا في الوحل السوري وأصبحت مسؤولة عن جرائمه التي ارتكبها في سوريا بالإضافة إلى الجرائم التي ارتكبتها القوات الروسية في سوريا بعد تدخلها العسكري في عام 2015.

هل تفكر روسيا إذاً بالخروج من سوريا؟

من الصعب الإجابة بنعم بالنظر إلى تكرار روسيا المغامرة ذاتها في أوكرانيا وجورجيا من قبل، وبالرغم من كل الضغوط الغربية والعقوبات الأوروبية والأميركية فإن الموقف الروسي لم يتغير أبداً أو يتزحزح، وهو يسرد قصة الدكتاتور بوتين في قصة الكرامة التي يلعبها كل الدكتاتوريين في العالم، فهم يوهمون شعوبهم أن حروبهم في الخارج من أجل كرامة بلادهم وشعوبهم وأن الضغوط الغربية التي يتعرضون لها إنما بسبب موقف “الكرامة” هذا وبسبب هذا الموقف يجب أن تُقمع حريات الرأي والتعبير والتجمع وتصادر الحريات السياسية وتسيطر شبكات الدكتاتور على الاقتصاد إنها الوصفة ذاتها التي يعيدها بوتين في مغامراته الخارجية والتي رأيناها مع كل ما سبقه من الدكتاتوريين العرب والغربيين.

وهو ما يدفعنا إلى القول إن كل شيء سيتبخر مع رحيل الدكتاتور؛ فلا سوريا مهمة للسياسة الخارجية الروسية كما يكرر بوتين، ولا الجرائم التي ارتكبها الأسد تستحق أن تدافع عنها روسيا من أجل لا شيء.

التاريخ سيصحح نفسه يوماً ما، وكل ما نرجوه الآن هو أن يكون هذا اليوم قريباً.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا