مارتن غريفيث.. منسق أممي عجز في غزة فوجد النموذج السوري “إيجابياً”

“من الصارخ أن نسمع أن سورية وأفغانستان تعتبران أمثلة إيجابية للعمل الإنساني”، بهذه الكلمات وصف منسق المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، حجم الكارثة في قطاع غزة، بعد 74 يوماً من الحرب الإسرائيلية على القطاع.

غريفيث قال في حديثه لصحيفة “فايننشال تايمز“، اليوم الاثنين، “لا توجد في غزة أي من الأسس الطبيعية والسليمة التي نراها في جميع أنحاء العالم للعمليات الإنسانية، في أماكن مثل سورية وأفغانستان”.

معبراً عن “أسفه” لاعتبار سورية “نموذجاً إيجابياً” للعمليات الإنسانية، بالمقارنة مع الأوضاع غزة.

وأضاف: “ليس لدينا أماكن آمنة نعمل بها، والتي يمكن للناس التجمع فيها بأمان لتلقي المساعدة والحماية”.

قاد “التفاهم” مع الأسد

منذ توليه منصبه الحالي عام 2012، قاد مارتن غريفيث خططاً عدة للاستجابة الإنسانية في دول عدة حول العالم، وواجه “أحلك المواقف على وجه الأرض”، وفق ما قال للصحيفة البريطانية.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، تضمنت خطة غريفيث إجراء حوار مع نظام الأسد، من أجل إقناعه بالموافقة على إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود لشمال غربي سورية.

وبهذا الصدد، أجرى غريفيث زيارات متكررة إلى دمشق، أبرزها في مارس/ آذار الماضي، حين التقى رئيس النظام، بشار الأسد، ووزير خارجيته فيصل المقداد.

وبحث حينها مع مسؤولي النظام تداعيات الزلزال على الوضع الإنساني في سورية، وإبقاء معبري باب السلامة والراعي مفتوحين أمام مساعدات الزلزال.

ووجه غريفيث انتقادات للأمم المتحدة بسبب تأخرها في الاستجابة لضحايا الزلزال في سورية.

وقال في حسابه على منصة “إكس”، “لقد خذلنا سكان شمال غربي سورية، وهم محقون في شعورهم بالتخلي عنهم”.

مردفاً: “من واجبنا الالتزام بتصحيح هذا الفشل بأسرع ما يمكن، وهذا ما يجب أن نركز عليه الآن”.

وبعد أشهر من كارثة الزلزال، وجد مارتن غريفيث نفسه أمام تحدٍ جديد، وهو تمديد القرار الدولي الخاص بإيصال المساعدات العابرة للحدود إلى شمال غربي سورية.

وأجرى غريفيث حواراً مع النظام بهذا الصدد، أفضى إلى التوصل لتفاهم، ينص على إعادة فتح معبر باب الهوى أمام المساعدات، مدة ستة أشهر.

إذ أعلنت الأمم المتحدة، في 9 أغسطس/ آب الماضي أنها توصلت لاتفاق مع النظام السوري، بعد محادثات بين منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، ومسؤولين في نظام الأسد.

وبالرغم من هذا “التفاهم”، ظلت حركة معبر باب الهوى متوقفة بشكل كامل أمام دخول المساعدات الإنسانية، مدة شهرين.

“الأسوأ على الإطلاق”

وإلى جانب سورية، تضمنت خطة غريفيث لعام 2023 مهاماً عدة، من بينها التوسط في اتفاق بين أوكرانيا وروسيا بشأن صادرات الحبوب عبر البحر الأسود، والاستجابة للفيضانات المروعة في ليبيا، وحل الأزمة الإنسانية في السودان.

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واجه غريفيث تحديات كبيرة، بسبب عرقلة الوصول الإنساني للقطاع.

وبحسب “فايننشال تايمز”، وجد غريفيث أنه “غير مرحب به لزيارة إسرائيل”، من أجل لقاء مسؤوليها وإقناعهم بإيصال المساعدات للمدنيين داخل القطاع.

ويصف غريفيث الأوضاع في غزة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية شهدها على الإطلاق”.

ويوضح وصفه هذا بالقول: “تعاني العديد من الأماكن من معاناة فظيعة، ولكن على الأقل يمكن للمتضررين الفرار. في غزة لا يستطيع الناس المغادرة، ولا تستطيع أي عائلة التخطيط لمستقبلها”.

مردفاً أن “المرض والجوع هو الذي بدأ يصبح السبب الرئيسي للوفاة والحرمان” في غزة.

ويواجه المسؤولون الأمميون انتقادات من قبل إسرائيل، وذلك لعدم إدانتهم هجوم “حماس” على غلاف غزة، والذي يعرف باسم “طوفان الأقصى”.

وخلال الشهر الماضي، أعد غريفيث خطة من عشر نقاط، تقوم على قدرٍ أكبر من ضبط النفس الإسرائيلي، وتضمنت إنشاء مراكز توزيع إغاثية.

لكن خطته فشلت، وعلّق على ذلك بقوله: “لقد ألقيتها للتو في سلة المهملات.. لقد كنت أحمقاً حين اعتقدت أن ذلك كان معقولاً”.

وختم بقوله: “لا أعتقد أننا وصلنا إلى منتصف الطريق بعد. أمامنا أسابيع وأسابيع قبل أن تنتهي هذه الحرب الوحشية”.

من هو مارتن غريفيث؟

بدأ الوسيط الدولي البريطاني، مارتن غريفيث، مسيرته المهنية قبل 50 عاماً كمتطوع في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، في ما كان يعرف آنذاك باسم الهند الصينية.

يتمتع غريفيث (72 عاماً) بخبرة قيادية واسعة في الشؤون الإنسانية على المستويين الاستراتيجي والتشغيلي، بالإضافة إلى خبرة رفيعة في حل النزاعات الدولية والتفاوض والوساطة.

وكان آخرها كمبعوث خاص إلى اليمن، منذ عام 2018 حتى اليوم، خلفاً لإسماعيل ولد الشيخ أحمد.

وسبق أن عمل غريفيث مستشاراً لثلاثة مبعوثين أممين خاصين إلى سورية، ونائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سورية (2012-2014).

وكان أول مدير تنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام (2014-2018)، والمدير المؤسس لمركز الحوار الإنساني في جنيف (1999-2010)، حيث تخصص في تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمعارضين في مجموعة من البلدان.

وعندما كان مراهقاً انضم غريفيث إلى الاحتجاجات ضد حرب فيتنام في لندن. وقال إنه يتمنى أن يكون عامة الناس اليوم متحمسين للكوارث الإنسانية، مضيفاً “علينا أن نصبح أفضل بكثير في التأثير على أرواح الناس”.

وحول 50 عاماً من العمل الإنساني، يقول غريفيث: “لقد رأيت أشياء فظيعة، لكنها تذكير بالإنسانية بقدر ما هي تذكير بالقمع. أعتقد أنني الشخص الأكثر حظاً في العالم، الذي يكون الأمل، مثل الفكاهة، ضرورياً لعمله”.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا