حملة أمنية ضد “محرضين على الكراهية” في تركيا..من شملت؟

أعلنت وزارة الداخلية التركية توقيف 27 شخصاً من المشتبه بهم، بتهمة “التحريض على الكراهية والعنصرية” في تركيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، اليوم الأربعاء، عبر حسابه في منصة “إكس”، إن الأجهزة الأمنية نفذت، عمليات ضد متهمين بترويج “خطاب الكراهية” على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أن العمليات تمت بالتعاون بين أقسام الشرطة في 14 ولاية، وبين مديرية المخابرات وإدارة الأمن، وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية.

وبحسب الوزير التركي تم توجيه اتهامات عدة للموقوفين، من بينها “تحريض الجمهور علناً على الكراهية والعداء”، و”مشاركة معلومات مضللة مع المواطنين الأتراك”.

ولفت إلى أن الاعتقالات استهدفت “مدراء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي”.

ولم ينوه يرلي كايا إلى الجهة المستهدفة من “خطاب الكراهية” هذا، إلا أن إعلانه عن الحملة الأمنية جاء في وقت تصاعد فيه هذا الخطاب ضد الأجانب في تركيا، وسُجلت مؤخراً جرائم عديدة وصولاً للقتل بدوافع عنصرية.

“رؤوس كبيرة”

قبل ساعات من تصريحات وزير الداخلية التركي، تحدثت تقارير تركية عن اعتقال رؤوساء تحرير مواقع وحسابات في تركيا، من المعروفين بخطابهم المعادي للاجئين السوريين والأجانب عموماً.

ومن بين الموقوفين رئيس تحرير صحيفة “آيكيري” باهتون تشولاق، والصحفية سهى تشارداكلي، التي تدير حساب “Muhbir” على منصة “إكس”.

ونشرت صحيفة “آيكيري” خبر توقيف رئيس تحريرها، وقالت إن السلطات اعتقلته صباح اليوم، وقادته إلى “شرطة وطن” بعد إجراء الفحوصات الطبية.

وقال محامي تشولاق، عمر فرقان داغ، عبر حسابه في “إكس”: “تم اعتقال رئيس تحرير صحيفة آيكيري باهتون تشولاق هذا الصباح”.

ومن المعروف عن باهتون تشولاق معادته للاجئين السوريين في تركيا، وينشر مراراً منشورات عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، تحرض ضدهم.

ويتهم تشولاق السلطات التركية بالتقاعس عن إعادة اللاجئين “غير الشرعيين”، كما وينشر معلومات “مضللة” حول المساعدات المزعومة التي يتلقاها السوريون من الدولة التركية، ويتهم السوريين بأنهم “أباطرة مخدرات”.

ويصف تشولاق وجود  السوريين في تركيا بـ “الاحتلال الصامت”، ويتحدث عن “تهديدهم” لثقافة وديمغرافية تركيا.

كما يزعم أن وجود السوريين أدى إلى “ارتفاع معدلات الجرائم، وتسبب بتدهور اقتصاد البلاد”، وفق قوله.

ردود فعل

رئيس “حزب الظفر” التركي، أوميت أوزداغ، المعروف بعدائه للاجئين، انتقد الحملة الأمنية التي تنفذها السلطات التركية، معتبراً أنها “تقييد للحرية الفكرية”.

وقال عبر حسابه في “إكس”، “تعمل الشرطة في مختلف المحافظات ضد المواطنين والمواقع الإخبارية الذين يريدون عودة اللاجئين إلى وطنهم”.

مضيفاً: “تم اعتقال باتوهان تشولاك، رئيس تحرير موقع آيكيري الإخباري، الذي يكتب عن اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين. فبدلاً من إغلاق الحدود واعتقال تجار المخدرات، يتم احتجاز الصحفيين”.

ولاقت الحملة التي أطلقتها تركيا ضد “المحرضين على الكراهية” ردود فعل مختلفة من قبل ناشطين أتراك.

إذ اعتبر البعض أنها تسهم في تهدئة الشارع الذي تزداد فيه الاعتداءات بدوافع عنصرية منذ أشهر، فيما رأى آخرون ممن يجاهرون بكراهية “اللاجئين في تركيا” أنها تأتي ضمن نطاق “تقييد” حرية الصحافة.

وقال الناشط التركي رضوان كايا، عبر حسابه في “إكس”: “وأخيراً، تتم محاسبة هذه الأنواع المستفزة والمحرقة المنظمة تحت اسم موقع إخباري”.

وأضاف: “آمل أن يأتي دور العملاء المحرضين الذين يشبهون السياسيين”.

تصاعد خطاب الكراهية

وتشهد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، منذ أشهر، تصعيداً ضد اللاجئين السوريين خصوصاً، وعرب وأجانب عموماً،  مما زاد احتقان شرائح من الأتراك ضد هذه الفئات.

وزادت مؤخراً حوادث الاعتداءات ضد هذه الفئات، إذ تصل أحياناً لجرائم قتل.

وربما لعبت قصة السائح الكويتي الذي تعرض لاعتداء عنيف في مدينة طرابزون قبل أيام،  دوراً في تسارع تحركات السلطات التركية لكبح جماح “خطاب التحريض” من قبل صحفيين وناشطين أتراك.

إذ تحولت القصة لقضية رأي عام في الكويت وتركيا، وأحدثت سجالاً كبيراً في مواقع التواصل، حول مسبباتها وتفاصيلها.

وكان زعيم “حزب الحركة القومية” التركي، دولت بهتشلي، صرح أمس الثلاثاء، أن “أولئك الذين يستخدمون مشكلة اللاجئين لخلق اضطرابات داخلية وصلوا الآن إلى حد تجاوز حدودهم”.

وأضاف: “أولئك الذين يريدون خلق بيئة من التوتر العنيف من خلال استيراد الصراع قد ذهبوا إلى أبعد من ذلك”.

وارتفعت سجالات العنصرية ضد الأجانب في تركيا، خلال السنوات الماضية، خاصة السوريين، الذين أصبحوا “مادة سياسية” لسياسيين أتراك، بعضهم يتزعم أحزاباً كبرى.

وارتفعت تلك الوتيرة قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية التركية في مايو/ أيار الماضي، حين أصبح ملف “عودة السوريين” برنامجاً انتخابياً رئيسياً لمرشح المعارضة التركية.

إذ شنت أحزاب المعارضة خطاباً “يحض على الكراهية” ضد السوريين، وتوعدت بترحيلهم خلال عام، فضلاً غن استخدامها لغةً تنمطهم بأوصاف سيئة وتربطهم بالإرهاب والمخدرات.

وحاولت المعارضة بذلك كسب أصوات الشارع التركي المحتقن، بسبب الوضع الاقتصادي والتضخم وارتفاع الأسعار.

لكن بعد الانتخابات، التي خسر فيها مرشح المعارضة، شنت السلطات حملة تستهدف بحسب الرواية الرسمية “المهاجرين غير الشرعيين”.

وجاءت الحملة بعدما عيّن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجوهاً جديدة شملت حقيبة الداخلية وولاية إسطنبول، وصولاً إلى تغيير كامل الطاقم في “دائرة الهجرة”.

ورغم أن السلطات لم تسمِ السوريين “المخالفين” بعينهم كهدف ضمن نطاق الحملة، إلا أن الكثير من حالات إلقاء القبض والترحيل التي وثقها حقوقيون، طالت سوريين.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا