“طفرة التعليم الخاص” في إدلب..لماذا يلجأ الأهالي إلى المدارس الخاصة؟

شهدت السنوات الماضية، تزايداً ملحوظاً في أعداد المدارس الخاصة في إدلب، إذ لم يقتصر انتشارها على المدن الرئيسية، وزحفت باتجاه القرى والبلدات الصغيرة.

وبحسب إحصاءٍ حصلت عليه “السورية.نت” من مديرية التربية والتعليم، فإن عدد المنشآت التعليمة الخاصة من مدارس وروض ومخابر، بلغت 563 منشأة تعليمية مرخصة لدى “التعليم الخاص”.

ولا يمكن فصل حالة انتشار المدارس والمنشآت التعليمية الخاصة، عن تراجع الدعم عن قطاع التعليم العام وخاصةً لمرحلتي الإعدادية والثانوية، وهو يعد سبباً بارزاً لطغيان التعليم الخاص ولجوء شريحة غير قليلة من السكان نحوه، وخاصةً طلاب الشهادتين.

وتشير إحصائية “مديرية التربية والتعليم” إلى أن أعداد المدارس غير المدعومة بلغت 493 مدرسة من أصل 1659 مدرسة في مناطق إدارة “حكومة الإنقاذ السورية”.

واجهة مدرسة خاصة في ريف إدلب (السورية.نت)
واجهة مدرسة خاصة في ريف إدلب (السورية.نت)

“مضطرون لا مخيرون”

لجأ عبد القادر زكور إلى تسجيل طفليه في مدرسة خاصة في قرية مجاورة لمكان سكنه بريف إدلب، بقسط شهري يصل لـ 35 دولاراً.

يقول لـ”السورية.نت”، إن “القسط يشكل أكثر من 30 بالمئة من مرتبي الشهري، وهي نسبة كبيرة نظراً لاحتياجات العائلة الأخرى، لكننا مضطرون لا مخيرون في ذلك”.

ويتحدث “زكور” عن الأسباب التي دفعته لتسجيل طفليه: “العامل الرئيسي هو المواصلات المؤمنة من وإلى المدرسة، وهي ميزة تغيب عن المدارس العامة، والحالة الأمنية تحتم تأمين مواصلات لأطفالي”.

ويضيف: “سوية التعليم العام تراجعت بسبب نقص الدعم عن المدارس، وطفلاي هم في مرحلة تأسيسية تتطلب اهتمام ومتابعة يومية، وهو أمر التمسته في المدرسة الخاصة”.

غرفة صفية في مدرسة خاصة بريف إدلب (السورية.نت)
غرفة صفية في مدرسة خاصة بريف إدلب (السورية.نت)

“طفرة في التعليم الخاص”

يعتبر خبير تعليمي أن ما تشهده المنطقة، هو “طفرة في التعليم الخاص”، في وقتٍ لم تكن تتجاوز نسبة المدارس الخاصة مع روض الأطفال في إدلب قبيل الثورة الـ 2 في المئة من أعداد المدارس، وتركزت في المدن الرئيسية، إدلب، معرة النعمان، وسلقين، وجسر الشغور”.

ويجد أن هناك عدة أسباب جعلت من التعليم الخاص يتصدر المشهد التعليمي في إدلب، أبرزها “قلة الكتاب المدرسي إلى جانب غياب الجهة الداعمة الثابتة، وكذلك مشكلة التغير الديمغرافي والنزوح وتمركز المواطنين في كنتونات مع عدم مواكبة المدارس لهذه التجمعات المتغيرة أصلاً حسب حالة الأمان”.

ويقول ذات المتحدث الذي (فضل عدم الكشف عن اسمه) إن “هذه الأعباء جعلت من التعليم العام قاصراً إلى حدٍ ما، وأوجدت الحاجة للتعليم الخاص”.

“مصدر تمويل وطني”

ويعتبر في حديثٍ لـ”السورية.نت”، أن “التعليم الخاص لن يكون بديلاً عن التعليم العام، فالهدف منه ربحي، بينما التعليم العام هو اجتماعي تربوي، والكثير من المنشآت التعليمة الخاصة لن تستمر لأن المواطن العادي لا يستطيع تحمل تكاليف التعليم الخاص”.

ويضع الخبير عدة مقترحات لاستعادة التعليم مكانته، أبرزها “البحث عن مصدر تمويل وطني كافي لسد حاجة المعلم، ويوفر الكتاب المدرسي والبناء والتدفئة والإشراف الفعّال، وكذلك وضع القوانين الثابتة المدروسة، ومراقبة التعليم الخاص بشكل كامل، ليكون رديفاً للتعليم الخاص”.

“البيئة مناسبة للمشروع”

عندما أصبحت البيئة مناسبة لافتتاح هذا النوع من المشاريع، يقول مصباح شريف وهو مدير مدرسة “كفتين” الخاصة، قررت تحويل معهدي الخاص، إلى مدرسة خاصة.

يقول: “واجهت في البداية عدة عقبات أبرزها مادية، فيجب أن تكون مجهزة بمعدات وأجهزة حديثة ومخابر علمية”.

يتحدث “شريف” لـ”السورية.نت” عن “عدد من المتطلبات والشروط التي كان من الواجب الالتزام بها في المدرسة، من حيث التجهيز وتحقيق القياسات المطلوبة للغرف الصفية وللباحات والبنية التحتية، إلى جانب مساحة العقار التي يجب ألا تقل عن 500 متر، ومسجّل برقم نظامي”.

ويلفت إلى أن المدرسة تضم حوالي 550 طالباً، بمدخل وباحة وغرف صفية خاصة بـ”الإناث”، وكذلك للذكور.

غرفة صفية في مدرسة خاصة بريف إدلب (السورية.نت)
غرفة صفية في مدرسة خاصة بريف إدلب (السورية.نت)

يقول شريف، إن “أعلى قسط سنوي للطالب، يصل لـ 200 دولار مع أجور المواصلات”.

ويتابع:”حاولت أن أضع قسطاً مناسباً للحالة المعيشية لغالبية العائلات بما يتناسب مع متطلبات الخدمات المقدمة في المدرسة، من اللباس الموحّد، والكتاب المدرسي، وأجور المدرّسين ومواصلات، بالإضافة إلى الوسائل التعليمية والإيضاحية للطلاب”.

يتصدر جو المنافسة بين المدارس الخاصة في المنطقة، وهو ما يدفعها بحسب “شريف”، إلى العمل على “استقطاب خبرات تعليمية ومميزة، وهو سبب إضافية لتوجه الأهالي لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة”.

ويعتبر أن التعليم يشهد تحسناً ملحوظاً ـ وخاصةً هذا العام ـ على صعيد الدعم، إلا أن “الإقبال على المدارس الخاصة ما زال قائماً، لارتباطه بمسألة الخدمات أبرزها المواصلات والمتابعة اليومية”.

“نخطط لمنح تراخيص مستقبلاً”

وعلى الرغم من عدد المدارس المرتفع، إلا أن الباب أمام الترخيص ما زال مفتوحاً، ويوضح في هذا السياق أحمد الحسن مدير التربية والتعليم في إدلب لـ”السورية.نت”، أنّ “المديرية تعمل على وضع خطط لمنح التراخيص مستقبلاً، وذلك حسب الحاجة وتصنيف للتراخيص للمنشآت الخاصة، بعد صدور قانون التصنيف”.

ويشير إلى أن “أبرز شروط الترخيص، أن يكون صاحب الترخيص يملك مؤهلاً علمياً تربوياً تعليمياً، إلى جانب استيفاء الشروط الفنية للبناء والترخيص الإداري”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا