فيليبو غراندي.. مسؤول أممي يصافح النظام ويبحث حلولاً “هشة” لعودة اللاجئين

“أرجوكم كفّوا عن تسييس القضايا الإنسانية، من بينها القضايا المرتبطة باللاجئين وبعودتهم حيثما أمكن”، بهذه المناشدة برر المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، تعاونه مع النظام السوري لحل ملف اللاجئين السوريين، الذي كان ولا يزال يشكل عقدةً عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل جذري لها.

وأكّد على ذلك بقوله: “سنواصل العمل مع حكومة سورية بشأن إجراءات ملموسة لإزالة العقبات وإعادة الثقة للناس ليعودوا إلى منازلهم”.

تلك التصريحات، التي أطلقها غراندي خلال جلسة لمجلس الأمن، في يونيو/ حزيران 2020، سبقها وأتبعها زيارات متكررة أجراها المسؤول الأممي إلى سورية، التقى خلالها مسؤولي النظام السوري، الذي يتهمه المجتمع الدولي بتهجر ملايين السوريين داخل وخارج سورية، بواقع 6.6 مليون لاجئ و7 ملايين نازح.

زيارة في كل عام

منذ توليه منصبه الحالي في الأمم المتحدة عام 2016، أجرى فيليبو غراندي زيارات متكررة إلى العاصمة السورية دمشق، كان آخرها أمس الثلاثاء، حين التقى وزير خارجية النظام فيصل المقداد، ووزير الداخلية محمد الرحمون.

تمحورت الزيارة حول بحث سبل تهيئة الظروف أمام عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، وهي دعاية يروج لها النظام السوري منذ سنوات، زاعماً أن الظروف “مواتية” لعودتهم.

إلا أن وزارة خارجية النظام قالت في بيان لها، أمس الثلاثاء، إن المقداد وغراندي بحثا تعزيز البرامج الأممية في سورية، خاصة في مجال الإنعاش المبكر والكهرباء والمياه، من أجل تسهيل عودة اللاجئين.

لكن لقاء غراندي بوزير داخلية النظام حمل منحىً آخر، حسب وسائل إعلام موالية، قالت إن الرحمون أبلغ غراندي أن “الدولة السورية قدمت جميع التسهيلات اللازمة لتأمين عودة المهجرين إلى وطنهم، حيث سمحت بدخول المهجرين بموجب جوازات سفر سورية حتى وإن كانت منتهية… وقامت باستصدار الوثائق الشخصية من المراكز الحدودية لفاقدي الوثائق، وتسهيل دخول الأطفال المولودين خارج القطر على أن يراجع ذويهم الشؤون المدنية لتسجيلهم”.

ورغم تشابه الأهداف، حملت زيارة غراندي الأولى إلى سورية في 21 يناير/ كانون الثاني 2016 طابعاً مختلفاً، كونها تزامنت مع تصعيد عسكري للنظام على جبهات عدة وحصاره للعديد من القرى والمدن السورية.

وخلال تلك الزيارة، التي جاءت بعد 3 أسابيع على توليه منصبه، التقى غراندي وزير خارجية النظام السابق، وليد المعلم، وتعهد بالتعاون مع حكومة النظام من أجل زيادة برامج سبل كسب العيش والتعليم عبر الإنترنت والتدريب المهني، وتقديم المساعدة للنازحين داخلياً في جميع أنحاء سورية.

تكررت زيارات فيليبو غراندي إلى دمشق، بمعدل زيارة في كل عام، ففي عام 2017 ناقش مع وليد المعلم الممرات الآمنة التي أعرب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن رغبته بإقامتها في سورية.

وفي عام 2018 أجرى زيارة إلى الغوطة الشرقية بدمشق عقب سيطرة النظام السوري عليها، واطلع على الدمار الذي لحق بها، وفي عام 2019 أجرى زيارة لتقييم الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة النظام، وفي عام 2020 بحث مع مسؤولي النظام سبل مكافحة فيروس “كورونا”، وفي عام 2021 أعاد طرح ملف اللاجئين السوريين وسبل عودتهم.

تجنب انتقاد النظام

لم يُسجل مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، خلال فترة عمله أي موقف ناقد أو مدين للنظام السوري، بل على العكس دعا في المحافل الدولية إلى التعاون معه من أجل حل ملف اللاجئين السوريين وتسهيل عودتهم.

تلك الدعوات برزت على وجه الخصوص عام 2020، حين قال أمام مجلس الأمن “إن معظم اللاجئين يقولون لنا إنهم يريدون العودة إلى ديارهم، سنواصل العمل مع حكومة سوريا بشأن إجراءات ملموسة لإزالة العقبات وإعادة الثقة للناس ليعودوا إلى منازلهم”.

ورغم الاتهامات التي كانت توجهها الأمم المتحدة للنظام السوري بالمسؤولية عن تهجير السوريين، اتخذت المفوضية موقفاً محايداً، إذ اعتاد فيليبو غراندي على مخاطبة جميع أطراف النزاع وتوجيه دعوات مختلفة لهم.

وقال فور توليه منصبه: “أناشد جميع أطراف الصراع السماح بوصول المنظمات الإنسانية بانتظام ودون عواق وبصورة مستمرة، إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها”.

ومع ذلك، وجه غراندي اتهاماً غير مباشر للنظام السوري بالتضييق على المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة خلال الحملة العسكرية عام 2018، حيث قال في مقابلة له مع “CNN” “أعتقد أن الخيارات تتقلص بالنسبة للأشخاص الذين يتم قصفهم وملاحقتهم وطردهم من منازلهم ويتعرضون لأبشع أنواع العنف، النزوح أمر صعب ولكنه خيار بالنسبة للأشخاص الذين يخضعون لضغوطات”.

من هو فيليبو غراندي ؟

فيليبو غراندي هو مواطن إيطالي من مواليد عام 1957، وهو المفوض السامي الحادي عشر لمفوضية اللاجئين.

تم انتخابه لأول مرة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1 يناير/ كانون الثاني عام 2016 لمدة خمس سنوات، ثم جددت الجمعية العامة فترة ولايته عام 2020، لمدة عامين ونصف إضافيين.

كان غراندي يشغل قبل ذلك منصب المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، وذلك بعد 34 عاماً من العمل في مجال شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، وتحديداً منذ عام 1988.

حصل غراندي على شهادة في التاريخ الحديث من جامعة ولاية ميلانو، كما حصل على بكالوريوس في الفلسفة من الجامعة الجريجورية في روما.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا