كيف تستغل روسيا تهديدات تركيا بشن هجمات ضد “قسد”

تركيا تهدد روسيا تتوغل

في 22 تشرين الأول / أكتوبر 2019، كانت المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سورية، على موعد مع اتفاق جديد فرض تغييراً في البنية العسكرية، وجنب “قسد” توسيع الهجوم البري التركي حينها. 

في هذا التاريخ توصل الرئيسان التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، إلى اتفاق “سوتشي” حول منطقة شرق الفرات، ليصبح حجر أساس وشماعة بيد الروس للضغط على “قسد” تزامناً مع كل تهديد تركي.

إذ منح اتفاق “سوتشي” نظام الأسد، فرصة إدخال قواته لأول مرة إلى مناطق خارجة عن سيطرته منذ العامين 2012 و2013.

تبع الاتفاق تهديدات تركية بشن عمليات عسكرية، استغلتها روسيا بالضغط على “قسد”، محققة المزيد من الانتشار في المنطقة. 

بالمقابل ما كان من “قسد” إلا أن تناور في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى سمحت لهم بزيادة الانتشار في بعض المناطق، متذرعة بأن ذلك ضمن نصوص الاتفاق، وفتحت قنوات تواصل مع نظام الأسد. 

حافظت “قسد” بهذا الأسلوب منذ اتفاق “سوتشي”، على مناطق سيطرتها، وعرقلت إطلاق تركيا أي عملية عسكرية.

وانتشرت قوات الأسد وروسيا في أرياف الحسكة والرقة ومدينة عين العرب/ كوباني، كما أنشأت روسيا قواعد عسكرية لاحقاً، منها قاعدة صرين جنوب عين العرب، وقاعدة في مطار القامشلي، معززةً قدراتها العسكرية عدة مرات. 

واستقدمت إلى المطار في حزيران / يونيو الماضي، أنظمة دفاع جوي وطائرات مروحية “بعد التهديدات التركية بشن عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد”، حسبما نقله موقع “rus vesna”. 

“إعادة انتشار”.. روسيا تنقل منظومة دفاع جوي إلى مطار القامشلي

تركيا تهدد روسيا تتوغل

توقفت تركيا بعد اتفاق “سوتشي” الذي وصفه أردوغان حينها بالتاريخي، عن التهديد بشن عمليات عسكرية ضد “قسد” حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2020.

وقال أردوغان في تصريح لـ”قناة 7″ المحلية، إن “تركيا ستطهر أوكار الإرهاب في سورية بنفسها إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لها”.

تبعه تعليق المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن، بأن الاتفاقيتين اللتين أبرمتهما تركيا مع روسيا والولايات المتحدة، تتضمنان عبارة “تركيا تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس والتدخل ضد أي كيان إرهابي”.

وأشار إلى أن هذا البند يمنح بلاده حق التدخل في المنطقة والدفاع عن نفسها، إذا تعرضت أراضيها أو وجودها (جنود، عمال إغاثة…) لهجوم من قبل “المنظمات الإرهابية”.

استمر التهديد التركي، واستمر معه ضغط روسيا على “قسد”، لتعزيز تواجدها في مناطق سيطرتها، خاصة في مدينة عين عيسى، التي شهدت في ذلك الوقت تصعيداً عسكرياً اقتصر على القصف.

في تشرين الأول/أكتوبر 2021، هددت تركيا أيضاً بشن عملية ضد “قسد”، إثر استهداف نقاطها ومقتل وجرح عدة عناصر من قبل مجموعة تطلق على نفسها “قوات تحرير عفرين”.

سارعت روسيا لتقديم عرض لتركيا تضمن تعديل اتفاقية “أضنة” (1998) بين تركيا والنظام، والحفاظ على قاعدتها العسكرية في صرين.

كذلك قدمت روسيا عرض لـ”قسد” تضمن رفع علم النظام في مناطق سيطرتها، وتقاسم عائدات النفط مع النظام والاعتراف ببشار الأسد رئيساً شرعياً، دمج “قسد” مع جيش النظام، وهو ما لم يتم التوافق عليه مع بقاء المفاوضات مستمرة.

كما عرضت روسيا على “قسد” إدخال ثلاثة آلاف مقاتل إلى عين العرب، لكنه قوبل بالرفض  “كي لا يتكرر سيناريو درعا”،  بحسب ما تحدثت به رئيسة “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، إلهام أحمد، في ندوة حوارية.

التصعيد التركي الأخير بعملية (المخلب السيف) منذ فجر الأحد 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي،  منح روسيا موقفاً أقوى في المفاوضات مع “قسد”.

التقى قائد القوات الروسية، ألكسندر تشايكو، مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في مطار القامشلي، الأحد الماضي، وطلب من عبدي “انسحاب قواته مسافة 30 كيلومتراً على طول الحدود الشمالية لسورية، على أن تحل مكانها قوات من جيش الأسد، بحسب صحيفة “الوطن” المقربة من النظام.

وذكرت الصحيفة بأنه “لم يحصل أي اتفاق حتى الآن بين قسد والحكومة السورية بشأن هذا الانتشار”، وأن “الطلب هو رسالة تركية أخيرة قبل بدء العملية البرية”.

“رسالة تركية أخيرة”.. ماذا حمل ألكسندر تشايكو إلى القامشلي؟

ما هي قصة الاتفاق

شنت تركيا هجوماً عسكرياً برياً إلى جانب “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبلها في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، وذلك بعد أيام من قرار الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بسحب القوات الأمريكية من سورية.

سيطرت تركيا على مدينتي تل أبيض شمالي الرقة ورأس العين شمال غربي الحسكة وعشرات القرى المحيطة بهما.

تمكنت الولايات المتحدة من إيقاف الهجوم التركي والحصول على هدنة مدتها 120 ساعة، كي تنسحب “قسد” من الشريط الحدودي، الذي كانت تسعى تركيا إلى تحويله لـ”منطقة آمنة” بعمق 32 كيلو متراً.

وذلك بعد لقاء نائب الرئيس الأمريكي حينها مايك بنس، مع أردوغان.

وقبيل انتهاء المهلة، دخلت روسيا على خط المفاوضات، وتوصل أردوغان وبوتين خلال لقائهما في مدينة سوتشي إلى اتفاق أوقف العملية التركية.

ونصت أبرز بنود الاتفاق على تثبيت حدود السيطرة، وبالتالي بقاء منطقتي تل أبيض شمالي الرقة ورأس العين شمال غربي الحسكة تحت سيطرة الأتراك و”الجيش الوطني”.

انسحاب “قسد” من الشريط الحدودي بعمق 30 كيلو متراً وإخلاء أسلحتها من المنطقة المحددة خلال 150 ساعة، ودخول الشرطة العسكرية وعناصر من قوات الأسد (حرس حدود) لتنفيذ هذا البند.

إخراج عناصر “قسد” وسحب سلاحها من مدينتي منبج وتل رفعت بريف حلب (تقعان غرب الفرات).

تسيير دورات مشتركة روسية تركية على الشريط الحدودي بعمق 10 كيلو متر، باستثناء مدينة القامشلي شمالي الحسكة.

أعلنت روسيا في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2019، إتمام “قسد” انسحابها من كامل الشريط الحدودي بموجب اتفاق “سوتشي”.

بالمقابل كان الجانب التركي يتحدث عن صعوبات بتطبيق نصوص الاتفاق، بحسب تصريح لوزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، من بينها “استمرار وجود عناصر وحدات حماية الشعب في مدينة عين العرب شمالي سورية”.

وأشار أكار حينها إلى العمل مع الروس لحل هذه الصعوبات، إلا أنها لم تحل بحسب التصريحات التركية، والتهديدات اللاحقة.

ولم تنسحب “قسد” من المنطقة المحددة ما دفع تركيا إلى إطلاق عدة تهديدات بشن عمليات عسكرية، لإجبارها على الانسحاب من المناطق المتفق عليها. 

المصدر السورية.نت وكالات
قد يعجبك أيضا