ماذا بعد معركة الانتخابات الأميركية؟

ساعات تفصل العالم وأميركا عن حسم السباق الرئاسي الأطول والأمر بين دونالد ترامب وجوزيف بايدن، والمرشح الديموقراطي هو في طريقه للفوز ونحو دخول البيت الأبيض في ٢٠ يناير المقبل.

فوز بايدن المحدق هو نتاج تحالف شعبي واسع نسجه الديموقراطيون وبنوا فيه على أخطاء ترامب، وهو يعبر عن تذمر من الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه الولايات المتحدة. الديموقراطيون وبحسب الخارطة الانتخابية والعد المستكمل حتى هذه الأثناء، في طريقهم لحصد ٣٠٦ كلية انتخابية وهو هامش مريح لاسترجاع البيت الأبيض بعد خسارته في ٢٠١٦.

الفوز الديموقراطي لم يكن موجة زرقاء إنما كان لافتا باختراق بايدن للجدار الجمهوري الجنوبي في جورجيا واسترداد حائط الدفاع الشمالي الغربي في ميشيغان وويسكونسن الذي ذهب لترامب منذ أربع سنوات.

فتقدم بايدن في جورجيا هو الأول لمرشح ديموقراطي ليس من الجنوب منذ ١٩٦٠، فيما اقترابه من الفوز في أريزونا هو الأول منذ ١٩٩٢ للحزب الأزرق.

الخارطة الانتخابية تعكس إقبالا غير مسبوق على التصويت. فبايدن هو المرشح الأول في تاريخ البلاد الذي يتخطى الـ٧٣ مليون صوت، مقابل أكثر من ٦٩ مليون لترامب. إنما هي تعكس أيضا انقساما عميقا في الداخل الأميركي والذي سيكون التحدي الأكبر والأصعب أمام بايدن. فلا أكثرية حتى الساعة لأي من الحزبين في مجلس الشيوخ، والديموقراطيون أمسكوا بمجلس النواب انما خسروا مقاعد تشريعية على مستوى الولايات.

ترامب يخوض معركة اعلامية ضد النتائج وقد يذهب لإعادة الفرز في عدة ولايات إنما هناك إدراك داخل حملته وداخل الحزب الجمهوري بأن المسار الديموقراطي الأميركي سيأخذ مجراه وبايدن في طريقه للرئاسة بعد انتهاء العد. هناك حديث عن حملة ثانية لترامب في ٢٠٢٤، ما يزيد من التوقعات بأن ترامب لن يترك المشهد السياسي بعد الخسارة.

بايدن داخليا، مجبر اليوم على اختيار خط الوسط للتوفيق بين اليمين واليسار بسبب الانقسام التشريعي والحالة الأميركية الاجتماعية بين تظاهرات ضد العنصرية وأخرى ضد قيود “كورونا” وأزمة البطالة والعجز. الرئيس الجديد سيكون أمامه امتحان تهدئة وطمأنة الداخل قبل الخارج، وتغيير النبرة الانقسامية التي اعتمدها ترامب في الأربع سنوات الفائتة.

سيساعد بايدن في ذلك انتخاب أول امرأة سوداء (كامالا هاريس) نائب للرئيس، خصوصا في ملف التمييز العنصري، وإصلاح قوانين السجون وأداء الشرطة الأميركية في التعامل مع الموقوفين.

خارجيا، بايدن يمثل عودة للسياسة التقليدية الأميركية المبنية على تحالف مع الأوروبيين، ترسيخ المصالح التاريخية في الشرق الأوسط والحد من نفوذ روسيا والصين. انما حجم الأعباء الداخلية سيحشر ادارة بايدن ويقوض فسحة تحركها في الخارج.

ما نعرفه عن نائب الرئيس السابق هو أنه قد يخرج عن المألوف في تبني سياسات إقليمية، مثل دعوته لتقسيم العراق إلى فدراليات في ٢٠٠٦ من ثم التراجع عن ذلك. هو أيضا كان من أول الأصوات الداعية للانسحاب من أفغانستان في ٢٠١٠ وهذا منطق أقرب لترامب.

بايدن سيكون حليفا أوثق للأقلية الكردية من ترامب ومن باراك أوباما قبل ذلك، وشخصية أكثر تشددا مع تركيا ومع السعودية. في الملف الايراني، الكثير سيعتمد على ما ستقدمه إيران في أي مفاوضات مقبلة. من دون الالتزام ببنود تمنعها من التسلح نووريا، وتتعاطى مع برنامجها للصواريخ الباليستية سيكون من الصعب العودة لأي اتفاق دولي.

المصدر الحرة


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا