“ميدل إيست آي”: لا تتوقعوا تطبيع العلاقات بين تركيا والأسد قريباً

أثارت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو بخصوص سورية، قبل يومين، الكثير من الجدل والتساؤلات، كونه تطرق إلى العلاقة الحالية بين أنقرة ونظام الأسد، فيما اعتبر أنه “من الضروري تحقيق مصالحة بين النظام السوري والمعارضة، بطريقة ما”.

وبينما قوبلت هذه الكلمات باحتجاجات شعبية غاضبة في مناطق سيطرة المعارضة بالشمال السوري (ريف حلب، إدلب)، دفعت محللين وصحفيين أتراك لنشر تقييمات وإجابات تتعلق بسؤال: “هل حديث الوزير التركي مؤشر على عودة العلاقات بين النظام وتركيا؟”.

الصحفي التركي المقرب من الحكومة، راغب صويلو كتب تقريراً، اليوم السبت، على موقع “ميدل إيست آي“، وجزم بعنوانه، بالقول: “لا تتوقعوا تطبيع العلاقات بين تركيا وسورية في أي وقت قريب”.

ونقل صويلو عن مصادر وخبراء ومسؤولين قولهم إنه “لا يوجد شيء جديد في بيان جاويش أوغلو، الذي أشار إلى المفاوضات السياسية التي أجريت من خلال الحكومة السورية والمعارضة في جنيف ثم نور سلطان، عاصمة كازاخستان سابقاً”.

وأضاف مصدر تركي مسؤول أن “تركيا تحاول بالفعل إحلال السلام من خلال هذه الآليات الرسمية، لكن النظام يعيق التقدم، كما يفعل في اللجنة التي تعمل على صياغة دستور”.

وكان جاويش أوغلو قد أعلن أنه التقى بنظيره وزير خارجية نظام الأسد، فيصل المقداد، قبل عشرة أشهر، على هامش قمة حركة “عدم الانحياز”.

وقال: “هناك أيضاً نقلت أن الحل الوحيد لسورية هو المصالحة السياسية”.

“يجب إخراج الإرهابيين من سورية. من ناحية أخرى قلت إنه يجب أن يكون هناك سلام بين المعارضة السورية والنظام، ويمكننا، كتركيا، تقديم الدعم في مثل هذا الوضع”.

وكان جاويش أوغلو يرد على سؤال عما إذا كان هناك احتمال لمكالمة هاتفية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبشار الأسد، وهو ما زعمه تقرير صحفي صدر مؤخراً، عن مصادر مشكوك فيها.

وتابع الوزير التركي: “في الوقت الحالي” لا توجد اتصالات دبلوماسية بين أنقرة والنظام السوري.

“البحث عن أرضية مشتركة”

في الأسابيع الأخيرة، تحدث أردوغان مراراً عن احتمال شن هجوم تركي جديد على “وحدات حماية الشعب” العماد العسكري لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتحديداً حول مدينتي تل رفعت ومنبج.

في الأسبوع الماضي، قال الرئيس التركي إن نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اقترح أن تعمل أنقرة مع “الحكومة السورية” لطرد مقاتلي “الوحدات”.

لكن المصادر التي نقل عنها موقع “ميدل إيست آي” أشارت إلى أن “أنقرة لا تعتقد أن دمشق لا تملك الإرادة ولا القوة للقيام بذلك”.

ويقول أويتون أورهان، خبير الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط ومقره أنقرة، إن “هناك أطرافاً في كل من الحكومتين التركية والسورية تدعو إلى التطبيع، وتقترح إبرام صفقة بشأن الجماعات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني مثل حزب العمال الكردستاني، وعودة اللاجئين”.

ويضيف أورهان: “مع ذلك، أوضح مسؤولو النظام السوري الذين تحدثوا إلى وكالة أنباء محلية هذا الأسبوع أن حكومتهم لن تلتقي حتى مع أي مسؤول أتراك، حتى تنسحب تركيا بالكامل من شمال سورية”.

“لا أعتقد أن أي شخص يمكنه إيجاد حل وسط وعقد صفقة في الوقت الحالي”.

وتابع الباحث التركي: “سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتقريب الخلافات بينهم، بشأن حزب العمال الكردستاني واللاجئين”.

“حوار مستمر”

وأصبح النظام السوري منبوذاً دولياً، عندما شن حملة قمع عنيفة على الاحتجاجات في عام 2011، وما تبع ذلك من عمليات عسكرية، أودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين.

لكن في السنوات الأخيرة، استأنفت العديد من الدول العربية، وأبرزها الإمارات العربية المتحدة، العلاقات مع النظام السوري.

وكان العديد من الأطراف يحثون جامعة الدول العربية على إعادة سورية إلى مقعدها، وفي غضون ذلك، أجرت واشنطن محادثات مباشرة، تم الكشف عنها أمس، “سعياً وراء حلول وسط والإفراج عن الصحفي الأمريكي أوستن تايس”.

ويرى الكثيرون في أنقرة أن “شروط الحكومة السورية لإجراء محادثات، ليس فقط مع تركيا ولكن أيضاً مع الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية، غير واقعية”.

وعلى الرغم من إصرار النظام على تقديم تنازلات كبيرة للمحادثات، قال كل من جاويش أوغلو وأردوغان إن المناقشات بين البلدين تجري من خلال وكالات المخابرات الخاصة بكل منهما.

وتحدث مراد يسيلتاس، الخبير الأمني في مركز الأبحاث (سيتا) في أنقرة أن “تركيا لم تستخدم هذه الحوارات الاستخباراتية مطلقاً لمتابعة التطبيع”.

وأضاف في تقرير الصحفي صويلو: “لقد تحدثوا مباشرة إلى الشرطة السرية السورية وناقشوا قضايا تتعلق بملفات أمنية محددة وملموسة”.

وتابع يسيلتاس: “لا أعتقد أن هناك أي خطط لتغيير سياسة تركيا تجاه سورية، لكنهم ربما لا يزالون يختبرون الوضع”.

وبحسب الباحث فإن الحكومة التركية بحاجة مع ذلك إلى تخفيف الضغط الداخلي الذي تواجهه بشأن قضية اللاجئين، مع مرور أقل من عام على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، مستدركاً بالقول: “لكن إيجاد حل ليس بالأمر السهل”.

وأضاف: “يجب أن يتم ذلك من خلال صفقة مع النظام، وإلا ستُخلي(تركيا) المزيد من الأراضي في سورية وتسمح لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى تلك المناطق”.

وزاد يسيلتاس: “لكنني لا أعتقد أن تركيا يمكن أن تعقد مثل هذه الصفقة مع النظام”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا