“ناتو الشرق الأوسط”.. من يضم؟ ومشروع حقيقي أم وهم؟

عزز العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني فكرة مشروع “ناتو الشرق الأوسط”، التي تردد الحديث عنها بكثرة خلال الفترة الأخيرة، مبدياً دعمه لها على غرار حلف شمال الأطلسي.

وبينما كشف عبد الله الثاني أن “ناتو الشرق الأوسط” يمكن أن يتم مع الدول التي تشاطره الرأي، أشار إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا “ساعد بالفعل في توحيد دول الشرق الأوسط”.

ولم يدلِ الملك الأردني بتفاصيل أكثر، أمس الجمعة، تتعلق بـ”ناتو الشرق الأوسط”، وخاصة من زاوية هوية الدول التي ستشارك فيه، والأهداف المحددة له، لاسيما مع المعطيات التي تشير إلى أنه سيكون ندّاً لمواجهة الوجود الإيراني في المنطقة العربية، وبمشاركة رئيسية من جانب إسرائيل.

واللافت أن التصريحات التي صدرت من أعلى رأس الهرم في الأردن تأتي بالتزامن مع سلسلة من التحولات التي تعيشها دول المنطقة العربية.

وقبل أيام كان عبد الله الثاني قد التقى ولي عهد السعودية، الملك محمد بن سلمان، فيما يترقب الأخير زيارة الرياض التي سيجريها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يوليو / تموز المقبل.

وفي مطلع الأسبوع الماضي كان وزير الدفاع الإسرائيلي قد أعلن أن بلاده تعمل مع الدول العربية لبناء تحالف دفاع جوي إقليمي بقيادة الولايات المتحدة ضد إيران. وقال إن النظام استخدم بالفعل لإحباط الهجمات الإيرانية، لكنه لم يخض في مزيد من التفاصيل.

وتشعر دول الخليج بالقلق إزاء ما تعتبره رد فعل واشنطن الفاتر على الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة، التي يشنها المتمردون المتحالفون مع إيران في اليمن.

بينما تصاعدت التوترات مع إيران مع توقف المحادثات لإعادة الدخول في الاتفاق النووي لعام 2015، وشهدت المنطقة أيضاً موجة من الدبلوماسية في الأسابيع الأخيرة.

من يضم؟

الباحث في الشأن الإسرائيلي، الدكتور صالح النعامي قال عبر حسابه في “تويتر”، اليوم السبت إن وحسب الإعلام الإسرائيلي فإن هذا “الناتو” سيضم: إسرائيل، الولايات المتحدة، الأردن، مصر، السعودية، الإمارات، البحرين، والسودان.

وبخلاف ما قاله ملك الأردن فإن المطروح ليس حلفاً يلزم دوله بالدفاع عن بعضها، بل هو “منتدى إقليمي يشهر العلاقة الأمنية القائمة بين إسرائيل والدول العربية الست وينقلها من السرية إلى العلنية”.

ويتابع النعامي: “بحيث يكون هذا المنتدى تحت إشراف القيادة المركزية في الجيش الأمريكي، ويمكن إسرائيل من تحقيق مصالحها عبر استغلال مقدرات الدول العربية المشاركة فيه”.

ومن خلال عضويتها في هذا المنتدى يمكن لإسرائيل استغلال إقاليم هذه الدول في الانطلاق لتنفيذ عمليات عسكرية ضد دول أو أطراف أخرى أو التجسس عليها، سيما وأن قناة 12 الإسرائيلية أكدت بالفعل أن “إسرائيل زرعت منظومات رادارية في عدد من الدول العربية”.

ويوضح الباحث: “بوسع إسرائيل استغلال أجواء الدول المجاورة لفلسطين، سيما الأردن في إجراء مناورات لسلاح جوها، كما ستستغل موانئ بعض هذه الدول، في مراقبة الممرات المائية لمنع وصول السلاح والعتاد للمقاومة في قطاع غزة، أو انطلاق من هذه الموانئ في تنفيذ عمليات ضد أهداف بحرية لأطراف أخرى”.

واعتبر النعامي أن “إسرائيل التي رفضت تزويد السعودية بسلاح أمريكي متطورة وعارضت تزويد الإمارات طائرات إف 35 ورفضت بيعها القبة الحديدية، وتجاهر الكثير من نخبها الحاكمة بأن الأردن هو الدولة الفلسطينية لا يمكن أن تكون حليفاً. إنه ليس ناتو شرق أوسطي بل ناتو إسرائيلي”.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة إنه “لا حكمة في الحديث عن نتائج نهائية وتداعيات واضحة لحراك المنطقة؛ لا قبل زيارة بايدن ولا بعدها”.

وقال إن “لقاءات المأزومين لا تحيلهم أصدقاء، فهنا تناقضات يصعب جسرها وأولويات لم تتغيّر بعد وحسابات متباينة لمنظومة المصالح والمخاوف”، معتبراً أن “الفوضى الدولية تنعكس على منطقتنا، وقد يطول المخاض قبل الولادة”.

“حياة جديدة”

في غضون ذلك ذكر المحلل الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، زفي بارئيل، في مقال رأي نشره الأسبوع الماضي، أن التقارير عن إنشاء تحالف دفاعي إقليمي، والذي سيضم إسرائيل وعدد من دول الشرق الأوسط الأخرى، بعث حياة جديدة في الفكرة المألوفة لتأسيس “حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط”.

وقال: “سيكون هذا نوعاً من تحالف الدول العربية، الذي سيقيم مع إسرائيل درعاً دفاعياً ضد التهديد المشترك المتمثل في إيران”.

لكنه عاد وقال إن الإحاطات الإعلامية الأخيرة التي قدمها مساعدون ومستشارون للرئيس بايدن، توحي بأنهم قلقون من مناقشة التحالف العسكري، وبدلاً من ذلك يؤكدون على نقطة الحديث المتمثلة في “رفع مستوى اندماج إسرائيل في المنطقة كاستمرار لاتفاقات إبراهيم”.

وتأمل واشنطن أن يساعد المزيد من التعاون، وخاصة في مجال الأمن، على زيادة اندماج إسرائيل في المنطقة وعزل إيران، على حد تعبير وكالة رويترز، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي.

كما أنها قد تمهد لمزيد من صفقات التطبيع مع إسرائيل، بما في ذلك مع المملكة العربية السعودية ذات الوزن الثقيل، بعد إقامة العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين في عام 2020، وفق ذات الوكالة.

ويعتبر المحلل السياسي الإيراني، محمد صالح صدقيان أن “ملك الأردن لم يأت بجديد عندما قال: جاري تشكيل ناتو خاص بالشرق الأوسط”.

وأضاف عبر “تويتر”، السبت: “إنما الجديد أنه أكد على المعلومات السابقة التي تحدثت بهذا الموضوع دون أن يذكر الهدف من هذا الناتو”.

وتابع: “لكن الرئيس الأمريكي قال إنه قادم للمنطقة لبحث الأمن الإسرائيلي. هل هو يتحدث عن ناتو الشرق الأوسط؟”.

“نوبات دبلوماسية مكثفة”

وقد لاحظ موقع “بريكنغ ديفنس” أن النوبات الدبلوماسية المكثفة في الأشهر الأخيرة قد أسفرت عن هزات كبيرة في المشهد السياسي والعسكري في الشرق الأوسط بسبب تصورات متزايدة عن “عدوان إيراني” في المنطقة جنباً إلى جنب مع رغبة واشنطن في الحد من النفوذ الروسي والصيني في دول الخليج العربي الغنية بالنفط.

وأشار الموقع المتخصص بالشؤون الدفاعية، ومقره نيويورك، إلى التقارير التي ظهرت في الأسابيع الماضية فيما يتعلق بالتطورات المهمة في المنطقة، والتي من المحتمل أن تظهر بشكل حاسم خلال زيارة الرئيس جو بايدن المتوقعة إلى المنطقة في الشهر المقبل.

وقد تم التأكيد على فكرة تحالف دفاعي جديد، الجمعة، وأوضح تقرير “بريكينغ ديفنس” أن تعليقات العاهل الأردني تعد الأقوى من زعيم إقليمي حول هذه القضية.

ولكن أشار يضاً إلى إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس يوم الاثنين حول انضمام إسرائيل إلى ما أسماه تحالف الدفاع الجوي للشرق الأوسط(ميد)، والذي يشمل شبكة دفاع جوي إقليمية بقيادة الولايات المتحدة تضم بعض الدول العربية.

وعلى الرغم من أن غانتس لم يذكر أسماء الدول العربية، إلا أن العديد من المراقبين يفترضون أن تحالف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من المحتمل أن يشمل الإمارات والسعودية وقطر والبحرين ومصر والأردن .

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا