يأمر و”لا يحب النقاش” في سورية..من هو “الجنرال قاسمي”؟

على مدى يومين أجرى وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، رستم قاسمي عدة لقاءات في العاصمة السورية دمشق، وبينما قابل عدداً من المسؤولين الاقتصاديين في حكومة النظام، كان له اجتماع مع بشار الأسد، بحسب ما أعلنت “سانا” ووسائل إعلام إيرانية.

ولم تكن هذه الزيارة “عن عبث”، إذ بحسب التصريحات التي خرجت على هامشها، فإن هدفها توقيع العديد من الاتفاقيات الإيرانية- السورية، بينها إعلان إنشاء “مصرف مشترك”، وإقامة “منطقة حرة” بين البلدين، والدفع بخطوات في مشروع الربط السككي الثلاثي لنقل الركاب والبضائع بين سورية وإيران والعراق وبالعكس.

وفي تغريدة له عبر موقع التواصل “تويتر” قال قاسمي، إن الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية التي أبرمها في زيارته إلى دمشق “ستحيي العديد من الفرص الضائعة، للفاعلين الاقتصاديين والتنمويين”.

وأضاف بعدما نشر صورة تجمعه مع الأسد، أن “الاتفاقيات التي تم التوصل إليها يمكن أن توفر فرص عملٍ لشبابنا، والكثير من القيمة المضافة للمستثمرين الإيرانيين”، مختتماً بالقول: “التأخير لم يعد مسموحاً به”.

واللافت أن ما سبق يأتي في إطار خطوات متسارعة تعمل عليها طهران في سورية، وترتبط بشكل أساسي بالاستثمارات وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية.

وجاءت هذه الخطوات بعد حالة من التوجس عبّر عنها مسؤولون إيرانيون، بقولهم إن استثمارات بلادهم في سورية “غير مرضية”، قياساً باستثمارات باقي الفاعلين، خاصة تركيا وروسيا.

“يأمر ولا يحب النقاش”

لا يعتبر رستم قاسمي مسؤولاً عادياً لدى طهران، وعلى الرغم من كونه وزيراً للطرق، إلا أنه شخصية ذات خلفيات عسكرية، من كونه ضابطاً سابقاً يحمل رتبة جنرال، وكان من أبرز القادة في تشكيل “الحرس الثوري” الإيراني.

وحسب رصد أجراه فريق “السورية.نت”، تشي معظم تصريحات قاسمي أنه شخص “يأمر وينفذ ولا يحب النقاش”، بمعنى أنه لا يُفضل “الدبلوماسية”. ليس فقط في نشاطاته الاقتصادية المتعلقة بسورية، بل بملفات أخرى لطهران نصيب كبير منها، مثل العراق واليمن ومنطقة القوقاز.

وذلك ما كانت قد أشارت إليه النبرة التي تضمنتها تغريدته المتعلقة بتوقيع الاتفاقيات، بعد لقائه بشار الأسد في العاصمة دمشق، حيث استخدم مصطلحات تشير إلى “الجزم” أكثر من التباحث، مثل “التأخير لم يعد مسموحاً به”.

أما بخصوص اليمن فقد كان له تصريحات “مدوية” في أبريل / نيسان 2021، حين أعلن أن “الحرس الثوري” قدم السلاح لجماعة “أنصار الله” الحوثية، في بداية الحرب اليمنية، ودرب عناصرها على صناعة السلاح.

ودفعت تلك الكلمات الخارجية الإيرانية لإصدار بيان جاء فيه: “إن التصريحات الواردة في المقابلة تتعارض مع الوقائع ومع سياسات الجمهورية الإسلامية في اليمن”، ليرد قاسمي في مؤتمر صحفي عقب ذلك بالقول: “انخرط السادة في وزارة الخارجية في لعبة المفاوضات غير المثمرة لدرجة أنهم نسوا سياسات الثورة الإسلامية الإيرانية!”.

“نشأة عسكرية”

ولد قاسمي في مايو/أيار عام 1950 بمحافظة فارس، ويحمل شهادة في الهندسة المدنية وإدارة مشاريع النفط والغاز من جامعة أريا مهر للتكنولوجيا.

انضم إلى “الحرس الثوري” الإيراني، في عام 1981، وهو أحد القادة الذين شاركوا في الحرب العراقية- الإيرانية.

وتذكر وسائل إعلام إيرانية أنه وبعد الحرب المذكورة، التحق بمقر “خاتم الأنبياء” التابع لـ”الحرس”، وهو التشكيل المسؤول عن “عقود البناء المربحة”، والتابعة بدورها للأخير.

في عام 2007 ترقى قاسمي إلى رتبة “قائد خاتم الأنبياء”، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2011.

ومن أغسطس/آب 2011 إلى عام 2013 شغل منصب وزير النفط في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد، مما دفع وزارة الخزانة الأمريكية إلى إعلان وزارة النفط التابعة للنظام الإيراني أنها تحت سيطرة “الحرس الثوري”.

ويقول تقرير لـ”المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” إن قاسمي ومن خلال سيطرته على العديد من شركات النقل والتأمين، والاختلاس في شراء وبيع النفط الإيراني “قد جمع أرباحاً فلكية، وملأ جيوبه وجيوب الحرس الثوري الإيراني”.

ويضيف التقرير، الذي نشر في مايو/أيار 2021 أنه “شارك بشكل كبير في تقديم الدعم المالي لبشار الأسد ونظامه في سورية، وتجهيز الحوثيين في اليمن”.

“مهندس خطوط الربط”

قبل أيام قليلة من وصوله إلى دمشق كان قاسمي قد حط في العاصمة العراقية بغداد.

وذكر بيان لوزارة النقل العراقية، في 26 من شهر كانون الأول الماضي، أن وكيل الوزارة الفني، طالب بايش استقبله، برفقة سفير طهران في العراق.

وأضاف البيان أن “اللقاء بحث أوجه التعاون المشترك بين البلدين، بمختلف المجالات، وفي مقدمتها التعاون في مجال الربط السككي وأصناف النقل كافة وتبادل الخبرات وتطويرها”.

وتولي طهران منذ مدة أهمية لمشروع الربط السككي، والذي من المقرر أن يمتد من مدينة البصرة في جنوب العراق إلى مدينة القائم في غربه، والتي تواجه مدينة البوكمال السورية الخاضعة الآن لسطوة المليشيات الإيرانية.

ومن ثم سيمتد المشروع عبر ريف دير الزور الشرقي ليقطع الأراضي السورية، وصولاً إلى ميناء اللاذقية على سواحل المتوسط بطول نحو 650 كيلومتراً.

ولطالما سعت إيران خلال العقد الثاني من القرن الحالي، إلى إنشاء ممر بري من أراضيها يربطها مع العراق وسورية ولبنان، في خطوة قد ترسخ هيمنة طهران على البلدان العربية الثلاثة.

وحتى الآن لا يعرف مصير مشروع الربط، وعما إذا كانت طهران ستتمكن من إنجازه بالفعل، خاصة مع المحاولات الأمريكية والإسرائيلية المتواصلة منذ سنوات، لقطع أي ممر لإيران قد تعبر من خلاله مباشرة باتجاه سورية ولبنان.

“معاقب دولياً”

في غضون ذلك يرد اسم رستم قاسمي في قوائم عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا كقائد لـ”خاتم الأنبياء” التابع لـ”الحرس الثوري”.

في الرابع من سبتمبر /أيلول 2019 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات عليه مع نجله، بسبب شبكة شحن بترولية يسيطر عليها “الحرس الثوري”، وتربطه علاقة بها.

كما أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) رستم قاسمي وشبكة من الشركات التي استأجرها مع “حزب الله” اللبناني، لنقل ملايين براميل النفط الخام، خاصة إلى النظام السوري.

وكان لاسمه أيضاً دور في اتجاه الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات على شركات إيرانية، في عام 2020، وقالت حينها إن هذه الشركات “عملت بشكل وثيق مع رستم، وهو مسؤول في فيلق القدس ووزير نفط سابق”.

وأضافت أن “قاسمي تولى جزء من مسؤوليات القائد السابق في الحرس الثوري، قاسم سليماني”، استناداً للمنصب الذي ما يزال يشغله حتى الآن كمستشار اقتصادي لقائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري”.

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا