ما هي منظمة “ميموريال” التي أغلقتها روسيا متجاهلةً الاستنكار الدولي؟

أثار قرار السلطات الروسية إغلاق منظمة “ميموريال انترناشونال” الحقوقية، تنديداً حقوقياً ودولياً، بعد ثلاثين عاماً على عملها في توثيق الانتهاكات، ما اعتبره حقوقيون تحولاً في مسار حقوق الإنسان في روسيا.

وكانت المحكمة الروسية العليا أصدرت قراراً، أمس الثلاثاء، بإغلاق المنظمة ذات المكانة البارزة في روسيا، تحت ذرائع “العمالة الأجنبية” وتلقي أموال من جهات خارجية، واختراق قانون “العملاء الأجانب”.

وينص القانون السابق على أن المنظمات الروسية التي تحصل على تمويل أجنبي، تكون أعمالها متعارضة مع المصالح الروسية.

وبموجب قرار حل المنظمة، سيتم إغلاق كافة مكاتبها في المناطق وهيئاتها الأخرى، إلا أن المنظمة تعهدت عقب القرار بإيجاد سبل “قانونية” لاستكمال أنشطتها الحقوقية.

تنديد حقوقي ودولي

لاقى قرار إغلاق منظمة “ميموريال”، وهي أبرز مجموعة حقوقية في روسيا، استنكاراً من دول غربية ومنظمات حقوقية، اعتبرت أن القرار بمثابة “قمع” للحريات، موجهة انتقادات مباشرة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بيان، أمس الثلاثاء، إن إغلاق المنظمة هو “ازدراء لمهامهما النبيلة ولقضية حقوق الإنسان في كل مكان”، مضيفاً أن القرار يأتي بعد عام “من التقلص السريع للمساحة المتاحة للمجتمع المدني المستقل والإعلام والنشطاء المؤيدين للديمقراطية في روسيا”.

وكذلك وصفت الخارجية الألمانية القرار الروسي بأنه “مقلق وغير مفهوم”، فيما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، أن حل المنظمة هو  “خسارة رهيبة للشعب الروسي”.

من جانبه، ندد المجلس الأوروبي بالقرار أيضاً، وقالت الأمنية العامة للمجلس ماريا بتشينوفيتش: “يبدو أن روسيا الاتحادية تبتعد أكثر فأكثر عن معاييرنا وقيمنا الأوروبية المشتركة”.

وصدرت تقارير عدة من منظمات حقوقية، أبزرها “منظمة العفو الدولية” (أمنستي)، التي اعتبرت أن منظمة “ميموريال” تحظة باحترام كبير وتعمل على توثيق الفظائع والقمع السياسي، خاصة خلال حكم الاتحاد السوفييتي، معتبرة أن موسكو تدوس بقرارها هذا على ذكرى ملايين الضحايا.

وتواجه روسيا خلال السنوات الماضية اتهامات دولية بتقويض جهود حماية حقوق الإنسان على أراضيها، وارتكاب انتهاكات ضد ناشطين معارضين لنظام الحكم، خاصة قضية المعارض الروسي، أليكسي نافالني.

أول توتر بين موسكو والإدارة الأمريكية الجديدة بسبب “احتجاجات نافالني”

توثيق انتهاكات الروس في سورية

شاركت منظمة “ميموريال انترناشونال”، إلى جانب منظمتين غير حكوميتين، برفع دعوى قضائية ضد مجموعة “فاغنر” الروسية المسلحة، بسبب ارتكابها انتهاكات في سورية.

وبحسب الدعوى، التي تم رفعها في مارس/ آذار الماضي، فإن عناصر من “فاغنر” قتلوا مواطناً سورياً عام 2017 “بوحشية مفرطة”، بسبب فراره من قوات النظام السوري.

وقالت المنظمات الثلاث حينها إنها قدمت أدلة تثبت هوية أحد المتهمين وتورطه مع مجموعة “فاغنر” بتعذيب فار عن قوات الأسد، وقطع رأسه.

والمنظمات هي: “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” (SCM)، و”الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان” (FIDH)، و”مركز ميموريال لحقوق الإنسان”.

“إجراء غير مسبوق”.. 3 منظمات تقاضي “فاغنر” الروسية بتهمة قتل سوري

و“مجموعة فاغنر”، التي تتألف في الغالب من مواطنين روس خاضعين للسيطرة الفعلية للاتحاد الروسي، كانت نشطة لعدة سنوات في عمليات قتالية في مناطق مختلفة، بما في ذلك في سورية.

ووردت تقارير عديدة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها المجموعة ضد المدنيين، وباستخدام القسوة المفرطة في بعض الأحيان.

ما هي منظمة “ميموريال” الروسية؟

تأسست منظمة “ميموريال انترناشونال” في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، مع انهيار الاتحاد السوفييتي، وكرّست عملها لتوثيق وفضح انتهاكات ارتكبها ستالين وغيره من القادة السوفيتيين بحق المدنيين، ودعم الضحايا وعائلاتهم.

وكان أندريه ساخاروف أحد أبرز مؤسسي منظمة “ميموريال”، وحصل على جائزة “نوبل للسلام”، ثم أصبح أول رئيس فخري للمنظمة.

ويتفرع عن المنظمة مركز “ميموريال لحقوق الإنسان”، ويواجه حالياً تحديات مماثلة بإغلاق مكاتبه والهيئات التابعة له.

وتعتبر السلطات الروسية أن المنظمة عملت على “تشويه” ذكرى الاتحاد السوفييتي وإعطاء صورة “زائفة” عنه، وإعادة الاعتبار للنازيين.

واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب ألقاه في وقت سابق هذا الشهر ، منظمة “ميموريال” بدعم الجماعات المدرجة على لوائح “التطرف والإرهاب”، وقال إن “انتهاكاتها كانت صارخة”.

ومع ذلك، اعتبر بوتين أن “ميموريال” كانت “بلا منازع” واحدة من أكثر المنظمات غير الحكومية “شهرة” في روسيا.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا