بطولات المجتمع الإنساني السوري: رحلة الإنسانية والتضامن في وجه التحديات

بعد مرور عام على هذه الذكرى الخاصة والأليمة، حيث تستحضر ذاكرتنا الألم والتحديات، نتحدث عن الزلزال الذي هزّ أرضنا وقلوبنا، وترك وراءه أثرًا عميقًا لن يمحوه الزمن بسهولة، إذ سنستمر سنوات من العمل اليومي لإعادة بناء ما دمره الزلزال بجانب سنوات الحرب المستمرة.

هذا الزلزال الذي ضرب سورية، وأحدث خسائر بشرية ومادية هائلة، ومع ذلك، يظهر لنا الأمل كشعاع في سماء مظلمة، حيث تتجسد قوة وتكاتف السوريين.

لن ننسى أبدًا بطولات شركائنا في الدفاع المدني السوري وجميع منظمات المجتمع المدني السورية، الذين أبانوا عن شجاعة فائقة وإخلاص في مواجهة الكوارث وتقديم المساعدة الفورية التي عجزت عنها الدول الصديقة والأمم المتحدة في الأيام الأولى من الزلزال.

ولن ننسى أيضًا جهود كل من وقف إلى جانبنا وساند أهلنا السوريين من الجاليات السورية والعربية والإسلامية في تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية وجميع أنحاء العالم.

مع مرور عام كامل على الكارثة، نحن لازلنا نجدد دعوتنا بقوة إلى تعزيز مبدأ إيصال المساعدات الإنسانية دون تأخير وبدون قيود سياسية.

لا حاجة لموافقة النظام أو قرار مجلس الأمن لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود. لقد عبّرنا عن موقفنا الواضح في هذا الصدد، حيث أن البيروقراطية التي ترضخ لها المؤسسات الدولية كانت السبب في تأخر إدخال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الزلزال المدمر. ورغم مرور عام على هذه الكارثة، فإن هذه الأزمة لا تزال قائمة. يجب أن تصل المساعدات عبر الحدود دون تأخير وأن تكون متاحة لخمسة ملايين إنسان في شمال سورية بشكل فوري وبلا عوائق أو تسييس.

فيما يخصنا كمؤسسات وطنية سورية في الداخل السوري، يجب أن نتعلم من هذه الأزمة والكارثة، ونعمل بشكل جماعي على تحسين الحوكمة وبناء المؤسسات وتعزيز التضامن.

علينا أن نطالب المجتمع الدولي بشكل واضح ونحثهم على تقديم الدعم الضروري لتلبية الاحتياجات الهائلة في سورية.

في إطار هذه الزلزالية الفاصلة في تاريخنا، تبرز بوضوح بطولات منظمات المجتمع المدني السوري، وبشكل خاص بطولات نساء و رجال  الخوذ البيضاء، الذين أظهروا شجاعة فائقة في التصدي للكوارث وتقديم المساعدة الفورية للمتضررين.

وأود أن أعبر بثقة كبيرة عن الامتنان لأبطال منظمة إحسان للإغاثة والتنمية أحد برامج المنتدى السوري، وشركائنا في منظمة سامز، الذين تعاونا معهم في “التحالف العملياتي”، والذي كان نتاجًا لجهود كبيرة في الاستجابة الطارئة ما بعد الزلزال المدمر.

كما يجب أن نشكر العديد من المنظمات الأخرى التي أظهرت تفانيها وتفوقها في تقديم الخدمات والدعم لجميع المتضررين في شمال سورية، مما يبرز الدور المحوري للمجتمع الإنساني السوري في مواجهة التحديات.

أما عن استجابتنا الطارئة ما بعد الزلزال، فنحن قدمنا ومازلنا نقدم في المنتدى السوري ضمن إطار برامج التعافي لما بعد الكارثة التي نعمل عليها في المنتدى بشكل مستقل بالإضافة لعملنا مع شركائنا في “التحالف العملياتي”، حيث قدمنا إنجازات ملموسة في مجالات متنوعة لتحسين حياة المتضررين من الزلزال.

حيث تم ترميم ودعم 75  مدرسة تأثرت بالكارثة، إضافة إلى تأهيل مدرّج جامعة عنتاب في عفرين.

أيضًا قمنا بتأهيل ورصف طرقات بطول 5 كم وساهمنا بإعادة تأهيل سوق الهال في عفرين، الذي يتضمن أكثر من 100 محل تجاري.

قدمنا في المنتدى السوري قرابة ٤ مليون خدمة لأكثر من 150,000 فردًا، بما في ذلك 38,509 شخصًا من ذوي الاحتياجات الخاصة و7,019 سيدة أرملة.

شملت خدماتنا 243 مخيماً ومركزاً للإيواء، وتضمنت السلل والوجبات الغذائية، والسلل الشتوية ومواد التدفئة، وإعادة تأهيل وتركيب دورات المياه بالإضافة إلى تركيب خزانات مياه وتوفير المياه النظيفة.

كما أطلقنا مشروعاً لترميم المنازل المتضررة من الزلزال ليشمل 1,286 منزلًا، وبناء 16 منزلاً، ومازالت مشاريعنا وخدماتنا مستمرة للتخفيف من معاناة أهلنا بعد هذه الكارثة.

في الختام، يبقى قلبنا مليئًا بالامتنان لشجاعة كل من عمل في ظل هذه الكارثة، الذين أشعلوا الأمل في وجه التحديات الكبيرة.

وبرغم التحديات الهائلة والظروف القاسية، برزت قصص البطولة والتضامن لترسم لنا لوحة مشرقة من الروح الإنسانية لدى جميع السوريين في كل بلدان العالم.

كما أنني أؤكد أن دعوتنا لتحسين إيصال المساعدات الإنسانية وتعزيز التعاون الدولي تأتي كنداء عالي الصوت، نؤكد فيه على أهمية عدم تسييس المساعدات، وعلى أنها يجب أن تكون أساسًا إنسانيًا خاليًا من أي أجندة سياسية، يجب أن تدخل المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن الدولي أو موافقة من نظام الأسد.

لذلك ندعو المجتمع الدولي إلى التكاتف وتقديم الدعم اللازم للمتضررين في سورية، مع التأكيد على عدم الحاجة إلى قرارات سياسية لإدخال المساعدات.

دعونا معاً نتجه نحو مستقبل أفضل، حاملين معنا دروس التحديات من كارثة الزلزال المدمر في 6 شباط، لنؤكد معاً على قدرة الإنسان على التكاتف وتقديم المساعدة في وقت الضيق وهو التجسيد الحقيقي لقوة الإنسانية.

المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا