بيانات “الإسلامي السوري”.. “اللهجة الشديدة” تناغم مطالب الشارع

برز اسم “المجلس الإسلامي السوري” على نحو كبير ولافت، خلال الأيام الماضية، بعدما بدأ إصدار “بيانات رسمية لحظية” علّق من خلالها على الكثير من التطورات الحاصلة في سورية، وبالخصوص تلك التي لامست “مطالب” الجمهور المعارض للنظام السوري.

ويُحسب “المجلس” الذي يعرّف نفسه بأنه “هيئة مرجعية شرعية وسطية سورية” على المؤسسات الموجودة في صف المعارضة السورية، ورغم أن اسمه مقترنٌ بالدين أكثر من السياسة، إلا أنه بات يتجه عن جديد لمواكبة الأخيرة، بصورة غير مباشرة، ولاعتبارات تتعلق بالانتقادات الأخيرة، التي طالته.

وكانت “البيانات اللحظية” قد بدأت ملاحظة، بعد مطلع شهر يوليو / تموز الماضي وقبل ذلك بأيام في شهر مايو / أيار، وخاصة عقب حالة الجدل التي أثارها لقاء جمع رئيس المجلس، الشيخ أسامة الرفاعي، برئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، إسماعيل هنية، في مدينة إسطنبول.

كما أسفر اللقاء عن حالة غضب في الشارع السوري المعارض، ما دفع المجلس لإصدار بيان في ذلك الوقت، أعلن فيه أن اللقاء جاء بهدف “ثني الحركة عن إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري”.

وبعد ذلك بأسبوعين عاود المجلس ليصدر بياناً آخراً، كانت اللهجة فيه “هجومية” وأكثر شدة اتجاه “حماس”، حيث حذّرها “أشد تحذير” من المضي في “القرار الخطير الآثم”، في إشارة منه إلى نيتها تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

“تعاطي جديد”

ومنذ سنوات تتعرض المؤسسات المحسوبة على المعارضة السورية، سواء السياسية منها أو الدينية والعسكرية لانتقادات، تتعلق بطبيعة تعاطيها مع “مطالب الشارع” في الشمال السوري، أو اللاجئ، وبالأخص المقيم في تركيا.

ومن بين هذه المؤسسات “الائتلاف الوطني السوري”، “الحكومة السورية المؤقتة” و”الجيش الوطني السوري”، إضافة إلى “المجلس الإسلامي السوري”، والذي بات ينتهج تعاطياً جديداً قياساً بذاك الذي كان يسير عليها، خلال السنوات الأخيرة.

ويتلخّص “التعاطي الجديد” بالموقف الذي بات يعلنه “المجلس” إزاء كل تطور يخص القضية السورية، ويخص الملفات المتعلقة بالشمال السوري، من خلال البيانات اللحظية والآنية، والتي بلغ عددها في أقل من شهرين أربعة، إذ انتقد فيها المسار الذي بدأت تسلكه بعض الدول، بخصوص سورية، على رأسها تركيا.

فيما اتجه للتعليق على التطورات الميدانية والسياسية الخاصة بمحافظة إدلب من جهة، ومناطق ريف حلب من جهة أخرى، فضلاً على الحوادث التي يتعرض لها اللاجئون السوريون، المتوزعين في عموم الولايات التركية.

في 31 من شهر مايو الماضي أصدر “المجلس” بياناً أدان فيه حادثة اعتداء شاب تركي على مسنّة سورية في ولاية غازي عنتاب، واعتبر أن التصرف وإن “كان فردياً لكنه إفراز لخطاب عنصري مقيت وممنهج يمارسه، بعص الساسة، بقصد استغلال ملف اللاجئين في الحملات الانتخابية”.

وأضاف بيانه، حينها: “فلا عجب بعد ذلك من ظهور بعض الممارسات العنصرية نتيجة لهذا الشحن العنصري، فهؤلاء الساسة والكتّاب يتحملون المسؤولية الأخلاقية والقانونية حيال هذه المشاهد المؤلمة”.

وبعد هذا الموقف، برز “المجلس الإسلامي” ببيان جديد عقب القصف الروسي الذي استهدف مدينة جسر الشغور، في ريف إدلب، وأسفر عن ضحايا مدنيين، غالبيتهم أطفال، في يوم 22 من يونيو / حزيران الماضي.

وتضمن البيان، حينها 3 نقاط، وبينما قال إن هذه الحادثة “يجب أن تلهب بندقية الثورة ورايتها، وتحرك الشارع الثوري”، طالب “الضامن” في إشارة إلى تركيا باتخاذ موقف واضح اتجاه القصف، كما طالبها بمراجعة اتفاقياتها مع “من يقتل أطفالنا في مهدهم”، قاصداً روسيا.

“انتقاد ضمني”

وتأسس “المجلس الإسلامي السوري” في عام 2014، حيث يضم نحو 40 هيئة ورابطة إسلامية من أهل السنة والجماعة في الداخل والخارج، كما يضم الهيئات الشرعية لأكبر الفصائل الإسلامية في جميع أنحاء سورية.

ويرأس المجلس منذ تلك فترة الإعلان الشيخ أسامة الرفاعي، أحد كبار علماء سورية، وهو رئيس “رابطة علماء الشام” أيضاً، فيما انتخب مؤخراً “مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية”.

وبعد بيانه الأخير بخصوص “قصف جسر الشغور” كان للمجلس موقف حيال التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، بخصوص النظام السوري، وخطوات “الحرب على الإرهاب في سورية”.

وفي 28 من يوليو / تموز الماضي دعا بيان للمجلس الخطباء والوعاظ والمفتين، إلى أن يكون محور خطبة الجمعة حول فكرتين، أولهما أن “أكبر إرهاب يمارس اليوم داخل سورية، هو إرهاب العصابة المجرمة الطائفية الحاكمة”.

والفكرة الثانية هي أن “(قسد) و(PKK) و(PYD) عصابات إرهابية، وهي من أدوات النظام الإرهابي المجرم في حربه على السوريين وجوارهم التركي”، مشدداً على أن “محاربة الإرهاب لا تكون بدعم وتقوية إرهاب أكبر منه”.

وجاء ذلك، بعدما صرح جاويش أوغلو أن بلاده أجرت سابقاً محادثات مع إيران بخصوص إخراج الإرهابيين من المنطقة، مضيفاً: “سنقدم كل أنواع الدعم السياسي لعمل النظام (السوري) في هذا الصدد”.

وأضاف في حديث متلفز أن “الولايات المتحدة وروسيا لم تفيا بوعودهما بإخراج الإرهابيين من المنطقة، وهذا يدل على عدم إخلاصهما في محاربة الإرهاب”، متابعاً: “من الحق الطبيعي للنظام (السوري) أن يزيل التنظيم الإرهابي من أراضيه، لكن ليس من الصواب أن يرى المعارضة المعتدلة إرهابيين”.

“بعد المصالحة وجدل التطبيع”

ومنذ بداية أغسطس / آب الحالي كان لافتاً المسار الذي بدأ المسؤولون الأتراك بسلكه، حيث اتجهوا للتعليق على سياسة تركيا الحالية بخصوص سورية، فيما ذهبوا للتعليق على طبيعة العلاقة التي ستكون بين أنقرة والنظام السوري.

وبالتزامن مع هذا المسار كان لـ”المجلس الإسلامي السوري” سلسلة من المواقف، والتي ترجمتها بيانات رسمية له حملت “لهجة شديدة”، على خلاف باقي مؤسسات المعارضة السورية.

وبعدما أثار جاويش أوغلو الجدل مرة أخرى، قبل أسابيع، بقوله إنه “من الضروري تحقيق مصالحة بين النظام السوري والمعارضة، بطريقة ما”، نشر “المجلس الإسلامي” بياناً جاء فيه أن “الدعوة للمصالحة مع نظام الأسد تعني المصالحة مع أكبر إرهاب في المنطقة مما يهدّد أمن دول الجوار وشعوبها، وتعني مكافأة للمجرم وشرعنته ليستمر في إجرامه وتناقض كل القرارات الدولية التي صدرت بهذا الشأن”.

وحمل البيان لهجة انتقاد ضمني للجانب التركي، مضيفاً: “المصالحة مع هذا النظام بنظر الشعب السوري لا تقل عن المصالحة مع المنظمات الإرهابية التي تعاني منها شعوب المنطقة كداعش وقسد والبكي كي وأمثالها، فهل يجرؤ أحد على المطالبة بالمصالحة مع هذه المنظمات؟”.

وبينما بقيت ارتدادات الموقف الذي أبداه “المجلس” حيال دعوات “المصالحة” قائمة، جاء قصف مدينة الباب بريف حلب، في 19 من أغسطس الحالي، لتدفعه إلى إصدار بيان آخر.

وتزامن القصف مع تصريحات للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، علّق فيها على موقف بلاده الحالي من سورية والنظام السوري، بقوله إن “هدف تركيا ليس هزيمة الأسد”، فيما أضاف: “نعتقد أنه يجب أن تكون هناك خطوات متقدّمة أكثر بمستويات مختلفة”.

وجاء في بيان “المجلس الإسلامي” أن النظام السوري لا يمكن التصالح معه بأي حال من الأحوال”، وأن اختياره لتوقيت “العدوان” هو “ردّ على كل مَن يروج للتفاوض أو التصالح معها، ويؤكد الحقيقة القاطعة أن هذا النظام لا يمكن اجتثاثه ولا ردعه إلا بالقوة والإرغام، والرد القويّ من فصائل الثوار على النيران ومصادرها”.

وأشار البيان بصورة غير مباشرة إلى تركيا، مضيفاً: “إن مَن يروِّج لإعادة اللاجئين بحجة أمان المناطق المحررة واهم، فهذه المناطق ليست آمنة، وإن الصور البشعة لجريمة اليوم أكبر دليل وشاهِد على ذلك”.

وأسفر القصف الذي استهدف الباب، يوم الجمعة، عن مقتل 15 مدنياً، بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 30 آخرين، وحسب ما أعلن “الجيش الوطني السوري” فإن مصدره منطقة شعالة، الخاضعة لسيطرة مشتركة بين قوات الأسد و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا