سوريون وسط دوامة الانتخابات التركية: حقائب جاهزة ومشاريع مؤجلة

“الحقائب جاهزة” والأنظار تتجه بتوتر نحو تصريحات المسؤولين الأتراك، هي حالة ترقب يعيشها السوريون في تركيا، وسط دوامة الانتخابات التركية، التي بات عنوانها الرئيسي “عودة السوريين”.

وباعتبارهم محور البرامج الانتخابية، والورقة التي تعتقد المعارضة أنها “رابحة” لجذب الناخبين الأتراك، يعيش سوريو تركيا المرحلة الراهنة بتفاصيلها الدقيقة، وسط مناخ مشحون بالخوف تارةً، وبالسخرية من تحولهم لمادة الانتخابات تارة أخرى.

“Suriyeliler gidecek” (السوريون سيذهبون)، يمر الشاب عماد كل يوم من أمام لوحة كبيرة في الشارع تتوعد بترحيليه، مع أكثر من 3.3 مليون سوري في تركيا.

وخلال عبوره بمنطقة بكركوي في اسطنبول، متجهاً إلى عمله، يُصبح عماد ويُمسي، حسب تعبيره، على تلك الوعود التي أطلقها مرشح المعارضة كمال كلشدار أوغلو، في حال فوزه بالجولة الثانية من الانتخابات.

“الحقائب جاهزة”

يقول عماد، شاب عشريني يعمل في أحد معامل الألبسة بمنطقة “مارتر”، إنه يرفض التفكير بما سيحدث في حال فازت المعارضة.

ويضيف في حديثه لـ “السورية.نت”، أنه “في “ظل قلة البدائل أو انعدامها، لا يوجد أمامي سوى خيار واحد، وهو العودة للشمال السوري، المنطقة الأقرب لبيئتي”.

ويرفض عماد “المجازفة” بالذهاب لأوروبا عن طريق التهريب، كونها “غير مضمونة” وتكلف الكثير من الأموال، حسب قوله.

تلك التفاصيل التي يعيشها عماد، طغت على معظم الأوساط السورية في تركيا، سواء في المنازل أو أماكن العمل، وباتت كلمة “ضبوا الشناتي” و”الحقائب جاهزة”، الأكثر تداولاً بين السوريين، ولو كان ذلك على سبيل المزاح المُبطن بقلقٍ حقيقي.

الشابة السورية ياسمين (اسم مستعار)، تعيش هي أيضاً حالة الترقب ذاتها، ووضعت ضمن خططها للمستقبل القريب، مغادرة تركيا إلى الإمارات أو مصر، كون لها أقارب هناك.

لوحة طرقية نشرتها المعارضة التركية يكثافة في مدينة اسطنبول وتتعهد فيها للتاخب التركي بترحيل السوريين

تقول ياسمين، متزوجة ولديها طفل، إنها لم تستطع النوم خلال جولة الانتخابات التركية الأولى، وهي تفكر فيما سيحدث.

“سهرنا طوال الليل، ولم ننم حتى الصباح ونحن نفكر فيما سيحدث إذا فازت المعارضة”، تضيف ياسمين.

وتتركز مخاوف ياسمين في عدم تجديد الإقامة السياحية التي تملكها منذ 4 سنوات، ما يعني عدم قدرتها على البقاء في تركيا.

وتابعت في حديثها لـ “السورية.نت”، أن زوجها أبلغها “بتجهيز الحقائب في أي لحظة لنذهب لإحدى الدول العربية التي تمنح تأشيرة للسوريين، ومن بينها الإمارات”.

لكن الموضوع ليس بهذه السهولة، كما تقول، إذ إن “بدء حياة جديدة من الصفر وفي مكان مختلف هو أمر مخيف”.

مشاريع مؤجلة

“بعد الانتخابات”، من العبارات التي يتداولها السوريون في تركيا أيضاً، تحسباً لأي تغيير “مجهول”، ما يدفعهم إلى تأجيل كافة النشاطات والمشاريع حتى وإن كانت بسيطة.

وهو ما يؤكده كريم، شاب متزوج بقوله: “عندما تطلب مني زوجتي أي شيء للمنزل أقول لها: لبعد الانتخابات”.

موضحاً أنه يتداول ذلك “من باب الفكاهة فقط”.

ويحاول كريم تجاهل تصريحات المسؤولين الأتراك، والتعاطي ببرود مع وعود الترحيل، متأملاً بحصوله على الجنسية التركية، التي يأمل الحصول عليها.

إلا أن التجاهل أصبح “غير ممكن”، حسب قوله، مع قرب الجولة الثانية من الانتخابات التركية الأحد المقبل.

مضيفاً: “أحاول عدم تعقب الأخبار التركية، إلا أن أصدقائي يرسلون لي مقاطع لوعود المسؤولين الأتراك بترحيل السوريين، وأخرى فكاهية حول ردة فعل السوريين على ذلك”.

واعتبر أن كل ما يدور حول السوريين “فقاعة انتخابية”، مردفاً: “لا يمكن للمعارضة فعل شيء على أرض الواقع”.

أما سماح، وهي متزوجة ولديها طفلان، لم تسلم أيضاً من تلك المخاوف، رغم حصولها على الجنسية التركية منذ سنوات.

تقول سماح لـ “السورية.نت”، إن عدم حصول زوجها على الجنسية يسبب له توتراً كبيراً، ويُشعره بالخوف من الترحيل، حتى بات يراقب الأخبار “بشكل هيستيري”.

وتضيف: “يقول لي زوجي كل يوم إنه في حال فازت المعارضة سيتوجه إلى أوروبا في اليوم الثاني للانتخابات”.

وهو ما يضعها تحت ضغط نفسي، حسب تعبيرها، كونها لا ترغب بأن يعيش أولادها في أوروبا.

وتقول سماح إن كثرة التصريحات التركية حول السوريين، جعلها تشعر أنها ليست بمأمن أيضاً، رغم أنها أصبحت مواطنة تركية.

 

سوريون وسط دوامة الانتخابات التركية

تصدر ملف اللاجئين السوريين في تركيا الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين، قبل أيام من جولة الإعادة، التي ستنعقد في 28 مايو/ أيار الجاري.

وفيما أجمعت الأطراف كافة على “حتمية العودة”، اختلف التعاطي مع هذا الملف، حين طرح كل طرف خطته للعودة، التي أصبحت عنواناً عريضاً لتلك التجاذبات.

“حزب العدالة والتنمية” الحاكم، تعاطى بأسلوب “ناعم” مع عودة السوريين لبلدهم، عبر التركيز على “طوعية” و”أمان” العودة.

وتبنى أعضاء الحزب، ومرشحهم للرئاسة رجب طيب أردوغان، موقفاً “دفاعياً” ضد المعارضة، التي تروج لمعلومات “خاطئة” حول السوريين.

وتؤكد كبرى أحزاب المعارضة مراراً أنها ستعيد جميع السوريين خلال عام، في حال فوز مرشحها كمال كلشدار أوغلو.

وتحاول بذلك كسب أصوات الشارع المحتقن بسبب التضخم وارتفاع الأسعار.

 

وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قد أعلن قبل أيام عن تنفيذ مشاريع سكنية وتأهيل مناطق الشمال السوري تمهيداً لعودة مليون سوري “طوعاً”.

ونفى صويلو ادعاءات المعارضة حول عدد السوريين في تركيا، مشيراً إلى أنه لا يتجاوز 3.4 مليون، فيما تقول المعارضة إن عددهم 10 ملايين.

كما نفى تصريحات مسؤولين معارضين حول المبالغ التي صرفتها الدولة على السوريين، مؤكداً أنها جاءت بدعم أوروبي وقطري.

وتتجه الأنظار حالياً نحو جولة الإعادة، بعد فشل الجولة الأولى التي حصل فيها أردوغان على 49.4%، أي أقل بـ 0.6% من فوزه المباشر.

فيما حصل مرشح المعارضة على 44.96% فقط من أصوات الناخبين.

أما المرشح القومي، سنان أوغان، فقد حصل على 5% من الأصوات، معلناً دعمه للرئيس أردوغان في جولة الإعادةـ بينما سيدعم شريكه القومي المتطرف أوميت أوزداغ، مرشح المعارضة للرئاسة كيليجدار أوغلو.

المصدر السورية نت
قد يعجبك أيضا