في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري.. محاسبة جميع المجرمين حق للسوريين

اعتمد نظام البعث منذ توليه السلطة السياسية والعسكرية بعد انقلابه على الحكم الديمقراطي في سوريا في العام 1963 سياسة ممنهجة في قمع المعارضين السوريين، فقد قام باعتقال كل من خالفه الرأي وعارضه وارتكب الكثير من المجازر في السجون التي أرهبت الشعب السوري وحولت الحياة في سوريا إلى رعب وقمع لا يحتمل، أشهرها مجزرة سجن تدمر في العام 1980، التي راح ضحيتها ما يقارب 1200 شهيد، بالإضافة إلى الاعتقال العشوائي تحت مسمى قانون الطوارئ، وإخفاء المعتقلين دون تحديد مصيرهم ومنهم من لم يعرف مصيره حتى الآن.

ومع انطلاقة الثورة السورية في العام 2011 زادت حدة هذه الاعتقالات والممارسات ضد الثوار والمعارضين السياسيين السوريين، ولم يسلم من هذه الاعتقالات الفلسطينيون واللبنانيون والعاملون في المنظمات الدولية ووسائل الإعلام من الجنسيات الأميركية والتركية والأوروبية، ورغم كل العقوبات الدولية والمواثيق الدولية لا سيما الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري الذي اعتمدته الأمم المتحدة بشكل رسمي في العام 1992، مازالت سياسات نظام الأسد العدوانية في الخطف والإخفاء القسري وتصفية وقتل كل من يخالف أهدافه وسياساته الديكتاتورية مستمرة دون رادع أو مساءلة قانونية، وقد حاول كثيراً كسر إرادة الشعب السوري الداعية للعدالة والحرية والكرامة، ولكنه لم ينجح.

إن هذه الجرائم التي طالت الشعب السوري بالتعاون مع ميليشياته الإرهابية الإيرانية، بالإضافة إلى ميليشيا حزب الله اللبناني استهدفت جميع فئات الشعب السوري، وقد وثقت المنظمات الدولية اختفاء ما يقارب 150 ألف شخص منذ انطلاقة الثورة وحتى العام 2020 لم يتم معرفة مصيرهم حتى الآن.

نحن كمؤسسات مجتمع مدني معنيون بشكل أساسي في الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا، ونبذل جهداً كبيراً في كل المحافل الدولية في أن يبقى هذا الملف موضع نقاش ومطالبة مستمرة، وقد طالبنا بالتعاون مع العديد من شركائنا في المجتمع المدني، ودول مجلس الأمن بضمان تنفيذ جميع القرارات الأممية بهذا الشأن، بما فيها الإعلان العالمي لحماية الأفراد من الاختفاء القسري، مع ضرورة كشف مصيرهم وأسباب اعتقالهم من قبل قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية له التي تسببت بإخفائهم، مع ضرورة إيجاد آليات لمحاسبة جميع المجرمين والمتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر عن عملية الاعتقال أو الإخفاء، وفي حالة وفاتهم وتحديد أماكن وجود رفاتهم واحترامها وإعادتها، مع ضمان الحق في التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، وعدم تكرار الجريمة.

قد يكون حجم المطالب التي ذكرناها  ضربا من الخيال بالنسبة لعموم السوريين وخصوصاً أنها موجهة ضد نظام معروف تاريخياً بوحشيته واستخفافه بكل القرارات والمواثيق الدولية والخطوط الحمراء التي وضعها المجتمع الدولي، ومع ذلك علينا الحديث بصوت عال عن حجم الكارثة المهولة التي جلبها النظام على الشعب السوري، ونذكّر هنا بالمعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب في فروع الأمن، والذين كشفت صور قيصر المسربة عن جزء من مأساتهم، ونذكر هنا أن  المأساة ما زالت مستمرة ويعيشها اليوم عشرات الآلاف في المعتقلات وفي أقبية الأجهزة الأمنية، و يمارس بحقهم كل أنواع التعذيب والحرمان.

يجب أن تكون هناك نهاية فورية للتهاون الدولي المشين تجاه الجرائم والخروقات والانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام والميليشيات الإيرانية والعراقية التابعة له، لا بد من وقف هذه الجرائم ومنع تكرارها ومحاسبة المسؤولين عنها، وهذه مسؤولية أخلاقية يتحملها المجتمع الدولي أولاً، بهدف الحفاظ على العدالة الاجتماعية التي ينادي بها، وعدم الازدواجية في المعايير تجاه القضايا الإنسانية والأخلاقية تجاه الشعب السوري.

المصدر تلفزيون سوريا


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا