في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة..نساء سورية وتحديات المستقبل

العمال الإنسانيون، ذاك التعبير المفعم بالخير والعطاء والتعاطف، وهم الذين حوّلوا الواقع السوري من المؤلم المظلم، إلى بارقة أمل يعيش عليها الملايين، وها قد وجدنا أنفسنا منهم لنزداد شرفاً وعزاً بذاك المصطلح، وبالعمل الدؤوب الذي نسعى من خلاله لتوفير مساحة آمنة وسليمة لجميع النساء السوريات في شمال سورية وإدلب.

فتحت مراكز حماية المرأة التابعة لـ”إحسان للإغاثة والتنمية”، إحدى برامج “المنتدى السوري” أبوابها منذ سنوات، لاستقبال جميع الناجيات من كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، بدءاً من الاغتصاب وما يُدرج في مصافّه من تحرش أو إساءة جنسية، وقعت ضحيتها نساءٌ أضناهن الضياع في متاهات اللوم للذات والخوف من العار والرهاب من المتعدي والمجتمع، دون معرفة الطريق للتعافي والخلاص، حيث يسيطر النكران على أفكار بعضهنّ فلا تصدق ما حدث لها، ولا تستطيع التفكير بالإفصاح لأحد ممن تثق بهم، سعياً لطلب المساندة والمساعدة خوفاً من التكذيب وعدم تصديق روايتها.

كما تعاني العديد من النساء الحرمان من الموارد والفرص بكل مجالات الحياة، سواء الحرمان من الرعاية الصحية أو التعليم أو التحكم بموارد الدخل الخاصة أو الميراث وغيرها من أنواع الحرمان، إذ  يعتبر الوكيل نفسه صاحب السلطة وليس لأي أحد سواه حق امتلاك القرار لتقدير أوليات الأمور وأهميتها ومعرفة مدى الضرر والأذى من هذا الحرمان.

نضيف إلى ذلك الإساءة النفسية العاطفية، التي قد يستهين المُسبب من توجيهها للناجية، والتي تفقدها ثقتها بنفسها وتُجرح كرامتها، و لطالما آست الناجيات ولم يكن المعتدي يكتال لها بأي ميزان، بل يتعمّد جرح مشاعرهن أو تجاهلهن وكأنهن شيئاً من أثاث المنزل أو بضع ممتلكات له، لا رأي لهنّ ولا وجود إلّا لخدمته فقط.

وصولاً إلى الزواج القسري الذي قد تُدفع إليه بعض الفتيات بحكم العادات أو التقاليد، أو لتحقيق مكاسب مادية أو اجتماعية، والزواج المبكر الذي تقع فرائسه فتيات بعمر الورود، يُجبرنّ على تحمل مسؤوليات الحياة الزوجية بما يفوق قدراتهن، ويُحرمن من عيش طفولتهن كحال بقية نظيراتهن من الفتيات.

بدورنا كعمّال إنسانيين سنبقى دائماً سنداً وعوناً لكل ناجية تتعرض لأي نوع من أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي، نسير بخطىً دؤوبةً على قدم وساق مع جميع الفتيات والنساء في منحيين متوازيين لا يقل أحدهما أهميةً عن الآخر، سواء الاستجابة لكل من وقعت فريسةً لأي شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، أو الوقاية والتوعية لكل من هي في نطاق خطر الوقوع في يد أي معتدٍ يفكر ببث سمّه في جسد أو روح أيّاً منهن.

نستقبل في مراكزنا جميع النساء بهدف المساعدة والتمكين لخوض الحياة بفكر واعٍ، سعياً لتحقيق الموازنة بين الحقوق والواجبات، فلا يُجار عليهنّ، ولا تسلبن حقوقهنّ، ولا يستهان بوجودهنّ ومَلَكاتهنّ التي وهبها الله لهن، فالمرأة نصف المجتمع وفي كنفها ورعايتها يترعرع النصف الآخر.

المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا