من اغتيال البلعوس لحادثة الهجري..توازنات حساسة لخارطة القوى في السويداء

قبل سبعة أعوام، أشعل وحيد البلعوس، الذي برز كزعيم، محافظة السويداء، بجملة شهيرة هاجم فيها بشار الأسد بالقول: “كرامتنا أغلى من بشار الأسد”، وذلك قبل أيام من تحضيرات الانتخابات الرئاسية في عام 2014.

جملةٌ كانت كفيلة لاتخاذ قرار إنهاء حياته، لاسيما أنها حرّكت “الحميّة” لدى آلاف الشبان في السويداء، واستهدفت جانباً حساساً يصنف ضمن قائمة المحرمات في “سوريا الأسد”.

قُتل البلعوس بعملية اغتيال بعد جملته بأشهر. ورغم تضارب الروايات حول العملية التي هزّت السويداء، إلا أن أصابع الاتهام لم تخرج من دائرة الأجهزة الأمنية لنظام الأسد، لاسيما أنها كانت تعي أهميته داخل المجتمع الدرزي في جنوب سورية، وقدرته الكبيرة على التأثير، حتى أنه وصف في ذلك الوقت بـ”الرقم الصعب الذي لن يتكرر”.

حادثة الاغتيال التي وقعت في سبتمبر/أيلول 2015، شكّلت علامة فارقة في تاريخ المحافظة، عقب انطلاقة الثورة السورية، وعلى الرغم من خروج التظاهرات الغاضبة إثرها، وما رافقها من تحطيم لتماثيل حافظ الأسد، وعزل مدينة السويداء عن العالم الخارجي عدة أيام، إلا أن جمرة السخط جُمّدت، بعد دخول مشايخ العقل ورجال الدين على الخط، إذ  عملوا بدورهم على احتواء الغضب بعدة طرق، رغم استمرار الحديث عن ضرورة الأخذ بالثأر والسير على نهج “شيخ الكرامة”.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، دخلت السويداء في عدة محطات، وشهدت أحداث كثيرة، وجميعها صبّت في تأسيس صورة “استثنائية” تُميزها عن باقي المحافظات السورية. صورةٌ مركبة للقوى، من خليط عسكري وسياسي واجتماعي، ولم يكن رجال الدين الروحيين بمنأى عن ذلك.

ومن جملة الأحداث في المحافظة، كانت لافتة تلك التي شهدتها السويداء في كانون الثاني/ يناير 2021، حين اشتعل الغضب فيها بعد شتيمة وجهها رئيس فرع الأمن العسكري، لؤي العلي للشيخ حكمت الهجري، وما تبع ذلك من تهديد ووعيد وخطاب هجومي ضد النظام، انتهى باتصال هاتفي أجراه بشار الأسد مع الهجري، حاول فيه تهدئة الأمور وإعادتها إلى نصابها.

بين البلعوس والهجري.. محطتان فاصلتان

ما بين البلعوس والهجري، وقفت السويداء أمام محطتين فاصلتين (2014-2021)، وعلى الرغم من اختلاف الظروف بين الأمس واليوم، إلا أن الشيء الوحيد الرابط بين الحادثتين، هو المحرك الأول لها، وهم رجال الدين، إذ لهم خصوصية كبيرة داخل المجتمع الدرزي في جنوب سورية.

ومنذ مطلع عام 2014، كان اسم البلعوس قد لمع في السويداء، بعد رفضه لانتهاكات أجهزة الأمن السورية بحق شبان المحافظة، ورفضه أيضاً لانضمامهم للخدمة الإلزامية.

إلى جانب ذلك عرف البلعوس بمواقفه العلنية والمباشرة المناهضة لنظام الأسد، على عكس الطريق الذي سار فيه معظم رجال الدين الآخرين.

في المقابل لم يكن الشيخ الهجري قريباً من مطالب شبان المحافظة، بل حاول الظهور بموقف المؤيد لنظام الأسد، وهو سلوكٌ لم يقف حاجزاً أمام شرائح المجتمع الدرزي المعارض للأسد، خاصةً أنهم اعتبروا “الشتيمة” التي تلقاها، وكأنها موجهة لهم ولأهالي “الجبل” ككل.

كلتا الحالتين التفت حولهما الحاضنة الاجتماعية، على اختلاف رؤية كل طرف، وهو الأمر الذي لا يمكن فصله عن الحالة العامة التي توسم بها المحافظة، من منطلق أنها تعطي شأناً كبيراً ومكانة دينية لا تتغير لرجال الدين، والشيوخ الروحيين.

وهنا يبدو لافتاً، تعاطي النظام مع هذه الشخصيات، على مدار السنوات الماضية، والآلية التي اتبعها في سبيل كسب مواقفها من جهة، ولضبط إيقاعها وإيقاع الأصوات المعارضة له داخل المحافظة من جهة أخرى.

3 شيوخ روحيّون..مكانة متوارثة

“مشيخة العقل” في السويداء هي عبارة عن هيئة روحية وزعامة دينية متوارثة، ومنذ العهد العثماني كان هناك 3 شيوخ عقل يتصدرون رأس الهرم في الطائفة الدرزية.

وتعتبر مكانة المشايخ متوارثة، ولا يمكن أن تخرج المشيخة عن أسماء ثلاث عوائل (الهجري، الجربوع، الحناوي).

وإلى جانب حكمت الهجري الذي تنحصر مكانته الدينية في الريف الشمالي والشمالي الشرقي والريف الغربي للسويداء (دار قنوات)، برز اسم الشيخ حمود الحناوي في منطقة سهوة البلاطة في الريف الجنوبي للمحافظة، بالإضافة إلى الشيخ يوسف الجربوع وهو المسؤول عن دار الطائفة في مقام عين الزمان، ويتركز نفوذه الديني في مدينة السويداء والقرى الصغيرة المجاورة لها.

بعد انطلاقة الثورة السورية، أظهر مشايخ العقل الثلاثة مواقف موالية للنظام، لكن وعلى خلاف الهجري والجربوع، كان الشيخ الحناوي أكثر وسطية، كونه كان قريباً من المعارضة ببعض الفترات، وحافظ على دوره الديني، حيث لم يحيد عنه كثيراً.

في تصريحات لـ”السورية.نت” يقول أحد أبناء السويداء، القريب من دوائر رجال الدين في المحافظة: “المشايخ الثلاثة لم يقطعوا علاقتهم مع النظام في السنوات الماضية، حتى أن مشايخ الكرامة اتبعوا ذلك الأمر لكن بفارق واضح”.

ويضيف المصدر (فضّل عدم ذكر اسمه): “مشايخ الكرامة كانوا ومازالوا على تواصل مع النظام لكن عبر وسطاء لحل خلافات ما، على خلاف المشايخ الثلاث (الجربوع، الهجري، الحناوي)، والذين يعلنون التواصل بين الفترة والأخرى بشكل صريح”.

وعلى الرغم من مواقف مشايخ العقل في السويداء من النظام، إلا أن العلاقة بين الطرفين، شابها عدة خلافات، حسب المصدر الذي قال “لكنها لم تخرج على العلن، وصولاً إلى خلاف الهجري مع لؤي العلي، والذي يعتبر أول خلاف علني بين المشيخة ونظام الأسد”.

ويوضح ذات المتحدث، أن “مشيخة العقل بالذات كونها مكانة دينية، فلها خصوصية كبيرة بالنسبة لأهالي المحافظة -حتى لو كان هذا الشيخ موالياً للنظام- لكن هذه المكانة لا تخرج عن الإطار الديني. نفوذهم على رجال الدين ومعنيين بهذا الشأن فقط”.

وتر الزعامات الروحية

نظراً للمكانة الدينية الخاصة بالمشايخ الثلاثة، حاول نظام الأسد ومنذ بدء الثورة السورية سنة 2011، اللعب على هذا الوتر، متبعاً بذلك عدة طرق، سواء من خلال الترويج لهؤلاء الشخصيات على وسائل إعلامه الرسمية، أو من ناحية الزيارات المتكررة لمسؤوليه إليهم، لإظهار الصورة التي يريد أن تظهر عليها المحافظة، تحت غطاء كسب الود.

وكمثال على ما سبق، أجرت صحيفة “تشرين” الحكومية لقاء صحفياً (13 شباط الحالي) مع الشيخ يوسف الجربوع، للحديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، و”أهميتها بالنسبة للشعب السوري والوطن ككل”.

وقال الجربوع، حسب الصحيفة إن “الاستحقاق الدستوري القادم هو واجب وطني وعلى كل أبناء الشعب السوري المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة من خلال التوجه نحو صناديق الانتخابات للإدلاء بأصواتهم”.

الكاتب والناشط السياسي، حافظ قرقوط يرى أن “مشايخ العقل في السويداء لهم حضورهم واحترامهم من المجتمع، لذلك يستغل النظام هذه الجزئية منذ سنوات”.

ويقول قرقوط في تصريحات لـ”السورية.نت”: “رجال الدين ينحون لطلب الخير بشكل عام، ومن هذا الباب يحاول النظام استغلال هؤلاء الرجال”، معتبراً أن المشايخ الثلاث سبق وأن أرسلوا رسائل للمعارضة في السنوات الأولى للثورة السورية، لكنهم لم يتلقوا أي رد، الأمر الذي دفعهم للقرب من النظام أكثر.

ويشير قرقوط إلى أن النظام أدرك أهمية المحافظة، منذ مطلع 2011، وفيما لو تعمق وجودها في الثورة السورية منذ الانطلاقة، ويتابع: “على هذا وضع خططه بشكل مكثف على كافة الأصعدة السياسية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي يمكن أن تؤثر على المجتمع بكامله”.

وحسب الكاتب الذي ينحدر من السويداء، فإن “النظام بدأ باللعب على الخلل الأمني وأوصل رسائل عبر الواجهات الدينية والسياسية بأن الثورة ليست ثورة، بل عبارة عن مجموعات متطرفة ستتجه مباشرة إلى إلغاء دور كل الأقليات المدنية، بما فيها طريقة اللباس وطريقة عيشهم في المجتمع السوري”.

ويعتبر قرقوط أن لهذا عزفت زعامات السويداء عن الاقتراب من خط المعارضة التي برأيه “لم تستثمر الحراك في السويداء، ولم تولي أي أهمية له ضمن تياراتها”.

من الاحتجاجات الشعبية في السويداء- 9 يونيو/ حزيران 2020 (السويداء 24)
من الاحتجاجات الشعبية في السويداء- 9 يونيو/ حزيران 2020 (السويداء 24)

“زعامات بثقل اجتماعي”

على الطرف المقابل من الزعامة الدينية يحكم محافظة السويداء زعامة اجتماعية، لها نفوذ وسلطة في كل منطقة من المناطق، وهي تركيبة ليست حديثة العهد، بل تعود إلى أيام حكم الفرنسيين لسورية.

لكن هذه الزعامات كان دورها قد تلاشى في ستينيات القرن الماضي، لتعود وينتعش دورها بشكل أكبر عقب انطلاقة الثورة السورية، بسبب ضعف دور الدولة، والحالة التي مر بها المجتمع، وانفراط العقد الاجتماعي.

يقول ريان معروف مدير تحرير شبكة “السويداء 24”: “ما بعد انطلاقة الثورة السورية نما دور الزعامات الاجتماعية بشكل كبير، والتي ترتبط بأسماء عوائل معينة كآل الأطرش وآل عامر وآل عزام وآل الحلبي”.

ويطلق على آل الأطرش محلياً (الجهال، الطرشان)، ويتركز نفوذهم الاجتماعي في دار عرى وهي دار الإمارة لأهل السويداء، أما آل عامر فمثلاً لعم زعامة وإمارة في مدينة شهبا والريف الشمالي للسويداء.

وإلى جانبهم هناك زعامات اجتماعية كآل الهنيدي في الريف الغربي، وآل عزام وعائلات أخرى كبيرة لها تأثير على المحيط الموجودين فيه داخل المحافظة.

ويضيف معروف في تصريحات لـ”السورية.نت”: “نمو دور الزعامات جاء في اتجاه حل الخلافات والتوترات التي شهدتها مناطق السويداء، سواء أمنياً أو حتى داخلياً”.

ويشير: “مع ضعف دور الدولة والقانون، عادت الزعامات إلى دورها القديم في الصلح وحل الخلافات التي تنشئ في المجتمع”، وهو الأمر الذي شهدته السويداء مؤخراً.

إذ كان للأمير لؤي الأطرش دوراً أساسياً في حل الخلاف الذي نشب مع محافظة درعا، في أثناء هجوم “الفيلق الخامس” على بلدة القريا في الريف الشرقي للسويداء، كما التقى في عدة مرات مع مسؤولين روس ترددوا إلى المحافظة على عدة فترات، في إطار محاولاتهم فرض اتفاق “تسوية” للمطلوبين أمنياً وجنائياً.

“شوك ناعم. لن يتوقف”

منذ سنوات، تشهد السويداء أحياناً، تحركات تُذكّر بوجود النفس المعارض للنظام في المحافظة، كان أبرزها خلال العام الماضي (2020)، إذ هتفَ محتجون بمطالب معيشية من جهة، وأخرى نادت بإخراج إيران وروسيا من الجنوب السوري وإسقاط نظام الأسد.

هذه الأصوات لم تتمكن الزعامات الدينية من كتمها، وبصورة أوضح لم تتدخل فيها كثيراً، وذلك نظراً لالتزامها بدورها الديني والروحي، وكخطوة أيضاً من جانبها لتحييد أي صدام مع المجتمع الداخلي.

ومنذ السنوات الأولى للثورة السورية، وصولاً إلى الأشهر القليلة الفائتة، اتجه النظام لقمع المظاهرات في السويداء، لكن بطريقة غير مباشرة، عن طريق إفساح المجال لـ “الشبيحة” وميليشيات محلية من أبناء المحافظة لتولي المهمة.

وإلى جانب ما سبق عيّن شخصيات أمنية معروفة بسطوتها على رأس أجهزته الأمنية في المحافظة. سابقاً تعيين العميد وفيق ناصر (حاكم المنطقة الجنوبية) ومنذ عام 2018 وحتى الآن العميد لؤي العلي، الذي اصطدم مع الهجري وأشعل توتراً وغضباً كبيراً داخل المجتمع الدرزي.

وبوجهة نظر الكاتب، حافظ قرقوط، فإن “النظام فهم الحراك المدني في السويداء، أكثر مما فهمته المعارضة السورية”.

ويوضح: “إذا ما عدنا إلى بداية الثورة كان الحراك المدني في أعلى مستوياته في السويداء، وفي ذلك الوقت فهم النظام أنه يجب التعامل مع المحافظة بحذر كبير، لذلك وضع خططه في بداية الثورة وقبلها”.

واعتمد النظام في البداية على لعبة الإشاعات، ضمن أدائه الأمني، وتطرق قرقوط إلى حادثة لافتة:”في بداية الثورة تعمم تسجيل صوتي باسم شيخ من درعا بشكل كبير في السويداء، وأرسل إلى أغلب البيوت، وجاء فيه بأنه يحق للثوار وأهل درعا سبي أهالي السويداء، كونهم من طائفة أقلية، وخاصة المعلمات اللاتي تذهبن إلى درعا”.

ويشير قرقوط: “كان التسجيل بتشريع سبي النساء لعبة من جانب أجهزة الأمن السورية، ونجحت من خلاله إلى دور عسكري للحراك المدني. بدأ البعض ينظر للمعارضة على أنهم سيتأمرون على المحافظة”.

وفي الوقت الحالي وبعد عشر سنوات على الثورة في سورية، يرى الكاتب السوري أن “شباب السويداء مؤمنين بالثورة وتغيير حكم آل الأسد الطويل، لذلك وجدوا طرقهم، وهناك أصوات سواء سابقة أو حتى الآن تغرد بشكل منفرد”.

ويضيف قرقوط: “الأصوات مستمرة. أحياناً بالقول:”بدنا نعيش وأحياناً بتحطيم صور النظام، وإطلاق الشعارات، والسير بما عمل عليه الشيخ البلعوس”.

“سيطرة عسكرية وأمنية مشتركة”

بعيداً عن الحالة الدينية والاجتماعية الخاصة، تحظى محافظة السويداء بنموذج “فريد” للقوى العسكرية والأمنية فيها، والتي تنقسم ما بين فصائل وتشكيلات محلية، البعض منها ذات نفس معارض خالص والآخر حيادي، بينما القسم الثالث فله ولاءٌ خالص لنظام الأسد، والأفرع الأمنية التابعة له.

جميع هذه التشكيلات تتداخل مناطق النفوذ فيما بينها، وفي السنوات الماضية كانت قد اصطدمت مع بعضها البعض أحياناً، بينما توحدت في بعض الأحيان على جبهة واحدة، بشكل أساسي ضد تهديدات تنظيم “الدولة الإسلامية” من الشرق، ومؤخراً تهديدات “الفيلق الخامس” من جهة بصرى الشام بريف درعا.

وكغيرها من المحافظات التي لم تخرج عن سيطرة نظام الأسد، لكن السويداء في ذات الوقت كان له وضع خاص، بدأت ملامحه بالظهور منذ تأسيس حركة “رجال الكرامة” في عام 2014، على يد الشيخ وحيد البلعوس.

“نحرم التعدي منا وعلينا”

ومنذ الإعلان الأول عنها سارت حركة “رجال الكرامة” على مبدأ “نحرم التعدي منا وعلينا”، وفي بادئ الأمر كانت عبارة عن تيار ديني نشأ بوجود تهديدات للتنظيم في البادية السورية، ومن الغرب من جهة “جبهة النصرة” التي كانت تسيطر على مناطق في ريف درعا الغربي.

كما تأسست الحركة على يد الشيخ وحيد البلعوس، من أجل كبح انتهاكات وممارسات الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وخاصة “الأمن العسكري”.

ووفق ما يقول أحد العناصر المنضوين ضمن “رجال الكرامة” لـ”السورية.نت” فإن عدد عناصر الحركة يتجاوز 1500 مقاتل، بين مدنيين ومنشقين عن الخدمة الإلزامية، وآخرين من المشايخ.

ومنذ حادثة اغتيال وحيد البلعوس، كان أخيه رأفت قد تولى قيادة “رجال الكرامة”، وصولاً إلى تسليم هذه العهدة لأبو يحيى الحجار في عام 2017، والذي يقودها حتى الآن.

ويتوزع مقاتلو “رجال الكرامة” في معظم مناطق السويداء، ويسيرون على مبادئ “وحيد البلعوس ونهجه”، حسب نفس المصدر.

ويوضح: “الحركة قادرة حتى الآن أن تمنع سياسة الأفرع الأمنية والاعتقالات ومداهمة المنازل، وتحافظ على التوازن في المحافظة”.

انشقاقات

وهناك فصائل وتشكيلات محلية برزت على واجهة المحافظة في السنوات الماضية، كـ”قوات الفهد، فصيل رامي مزهر، قوات شهبا”، وجميعها كانت قد انشقت على “رجال الكرامة”، لأسباب مختلفة.

وإلى جانبها برز تشكيل عسكري حمل اسم “قوات شيخ الكرامة” وتركز نفوذه في مدينة صلخد، وحسب العنصر: “قوات شيخ الكرامة انشقت عن حركة رجال الكرامة أيضاً، واتخذت منحى معادياً للنظام، لكنها انحلت في نيسان 2020، بعد اتهامات وجهة لقادته بالوقوف وراء عمليات الخطف”.

“بيارق”

لـ”حركة رجال الكرامة” تقسيمات عسكرية خاصة، كونها تنتشر في جميع مناطق السويداء.

وتتخذ الحركة مسمى “البيرق” في تقسيماتها، وهو موروث في مجتمع المحافظة، ويعود إلى ما قبل الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين.

فالبيرق هي راية تمثل قرية أو بلدة، ويتم رفعه أثناء الحرب.

ولكي تبتعد “الحركة” عن إثارة أية حساسيات من تسمية البلدات التي ينتشر فيها مقاتلوها، اتجهت لطريقة أخرى في التقسيم، من خلال عدم ذكر اسم القرية، واستبدال ذلك بمسميات أخرى: كـ”بيرق الحق”، “بيرق سيف التوحيد”.

علاقة مبنية على مواقف

طوال السنوات الماضية، بنت “حركة رجال الكرامة” علاقة حذرة مع نظام الأسد وأفرعه الأمنية مبنية على مواقف معينة. ووفق ما قال أحد عناصر “رجال الكرامة”، لـ”السورية.نت”، فإن “هناك وسيط مع النظام، وحركة رجال الكرامة هي فصيل عسكري يظهر وقت الحاجة، في أثناء التعرض للهجوم، أو في أثناء حصول ممارسات أمنية مرفوضة”.

ويضيف: “لا يوجد للحركة مقرات عسكرية داخل المحافظة. عناصرها من أبناء المحافظة، وهم أشخاص طبيعيين من تجار وغيرهم، ويمكن وصفها بالظاهرة الشعبية أكثر من الحالة العسكرية”.

ويشير المصدر العسكري إلى أن حركة رجال الكرامة لا تربطها حالة عدائية مع القوات التابعة لنظام الأسد.

ويوضح: “في بعض الأوقات اشترك الطرفان في ظرف واحد في أثناء هجوم تنظيم داعش على المنطقة (في أحداث الريف الشرقي)، ومؤخراً في أثناء الاشتباكات مع بلدة القرية في ريف السويداء الغربي مع محاذاة قرية بصرى الشام في درعا”.

ماذا عن باقي التشكيلات؟

على الطرف المقابل من القوى العسكرية في السويداء، هناك تشكيلات رسمية متمثلة بقوات الأسد، وأخرى موالية على رأسها “الدفاع الوطني”.

وحسب المعلومات التي حصل عليها فريق “السورية.نت” من مصادر عسكرية مطلعة من السويداء، لا يتجاوز عدد عناصر “الدفاع الوطني” 450 عنصر، وهم على قسمين: “الأول عناصر ملتزمين، والآخر عناصر دفاع ذاتي يعلمون في أثناء المؤازرات فقط”.

ولـ”الدفاع الوطني” مقرات في الريف الشرقي للسويداء، وبعض القرى في الريف الغربي، وإلى جانبه تنتشر في المحافظة قوات لـ”الحزب القومي الاجتماعي” (نسور الزوبعة)، “كتائب البعث” (لها مقرات داخل المدينة).

المصدر السورية.نت
قد يعجبك أيضا