ناقوس الخطر يُقرع من جديد في شمال غربي سوريا

من المعروف أن اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن استمرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سورية، سيعقد خلال الأيام القليلة القادمة، والشيء الذي يدعو للقلق من عواقب هذا الاجتماع، هو أن معبر باب الهوى الذي يتم إدخال المساعدات عبره، هو المعبر الوحيد المتبقي في شمال غرب سورية بعد أن تم إيقاف إدخال المساعدات من بقية المعابر، جراء لجوء روسيا لاستخدام حق النقد الفيتو ومعارضة إدخال المساعدات عبرها بحجة إنتهاك السيادة الوطنية لحكومة نظام الأسد.

من جديد وبين الفينة والأخرى تخرج علينا بعض الدول وعلى رأسهم روسيا لتقترح فكرة أن يتم إغلاق معبر باب الهوى، وعدم إدخال المساعدات الإنسانية عبره بحجة أن هذه المساعدات يجب أن يتم إدخالها عن طريق المنافذ التي يستلم شؤونها النظام، وهو بدوره يقوم بإيصالها إلى مناطق شمال غرب سوريا، متناسين أن هناك أكثر من 4.1  ملايين رجل وإمرأة وطفل يعيشون في شمال غرب سوريا، وأن هؤلاء بأشد الحاجة لمثل هذه المساعدات، مع انعدام فرص العمل للغالبية العظمى من المدنيين بصورة عامة و فئة الشباب بصورة خاصة، والتي يقع على كاهلها كامل المسؤولية المعيشية ومعاماة المنطقة بشكل عام في جميع القطاعات الصحية والغذائية والتعليمية والخدمية، بالإضافة إلى النقص الشديد في الجانب الطبي الذي تمر به آلاف الحالات أثناء تعرضهم لمرضٍ ما أو حادث أو عملية جراحية مستعجلة والذي سيتفاقم أكثر وأكثر في حال تم اتخاذ مثل هذا القرار.

إن الواقع يبدو واضحاً جلياً لا يحتاج إلى دراسة لنتعرف عليه ولا إلى مجهر لتوضيحه، ولا إلى مختبر للتحليل لتُعلن نتائجه، فهذه المساعدات الإنسانية التي تدخل بين الفترة والأخرى، لا تُشكل بالأساس إلا حصى صغيرة يحاول من خلالها الأهالي سد القليل من احتياجاتهم التي يحتاجونها والتي هي بمثابة صخرة كبيرة يصعب إزاحتها.

فإذا كان هذا الواقع مع دخول المساعدات فكيف سيصبح إن تم إيقاف المساعدات الإنسانية عبر وكالات الأمم المتحدة؟ هو سؤال نطرحه كعاملين في المجال الإنساني والاغاثي برسم الإجابة عليه، من قبل المجتمع الدولي ودول العالم الإنساني، التي مازالت حتى اليوم تخضع للإبتزاز الروسي في مجلس الأمن.

في حال تم إيقاف دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا ستصبح الصورة أكثر ضبابية وإعتاماً، وسيغدو حال الناس كحال السجين الذي حكم عليه في بادئ الأمر بالسجن لفترة طويلة ثم تم تعديل الحكم ليصبح حكماً بالإعدام المباشر، ومن دون أي تردد سيغدو حال الناس كحال المريض الذي أصيب بمرضٍ يحتاج إلى معالجة بصورة مستمرة، يتناول الأدوية لفترة من الزمن وفجأة تفقد الأدوية المطلوبة ويفارق على أثرها الحياة.

ورسالتنا اليوم للهيئات والمنظمات الإنسانية أن تولي اهتماماً أكبر وتضاعف  جهودها ومطالباتها أكثر، وأن تستعين بكل ما يمكن أن يساعد ويدعم تمديد القرار الإنساني، وعلى الهيئات والمؤسسات القانونية العاملة في المجال الإنساني أن تعمل بكل وسيلة متاحة وأن لا تدخر جهداً ولا وسيلة ولا منفذاً قانونياً  تستطيع أن تستخدمه في سبيل أن تساهم وتساعد في دعم أي قرار يسهم في استمرار إدخال المساعدات إلى الشمال السوري، تداركاً للوضع المأساوي الذي من الممكن أن يلحق بسكان هذه المنطقة من المدنيين إن تم إصدار أي قرار من شأنه إيقاف أدخال المساعدات إلى المنطقة وبالتالي الوصول إلى نتائج لا يحمد عقباها.

إن هذه القضية يجب أن تكون القضية الأساس والشغل الشاغل لكل من يخفق قلب في صدره، ولكل من يملك على أقل تقدير ذرة من الإنسانية ويمتلك ضمير إنساني بإمكانة الوقوف مع الشعب السوري ومنع حدوث أكبر كارثة إنسانية قد يشهدها التاريخ الحديث.

المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا