40 يوماً من اللعب بالأحجار في الشمال السوري

نشر هذ المقال باللغة التركية لأول مرة بتاريخ 5 يناير/نكانون الثاني 2023 على موقع “fikirturu

لماذا تكررت المحادثات على خط أنقرة – دمشق؟ ما الذي تغير في أخر 40 يومًا قبل هذه العملية؟ ما القوة التي حاولت الاستيلاء على ماذا؟ ما التطورات على الأرض التي تقرب بين سوريا وتركيا؟

لماذا أصبحت المحادثات على خط أنقرة-دمشق أكثر تواتراً؟

 ما الذي تغير في أخر 40 يوماً قبل هذه العملية؟

 من هي القوة، التي حاولت السيطرة وعلى ماذا؟

ما هي التطورات على الأرض التي تقرب بين سوريا وتركيا؟

في الأيام الأخيرة من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كان الجمهور التركي يتوقع عملية عسكرية في شمال سوريا، ولكن بعد أكثر من شهر من ذلك لم تتم العملية عبر الحدود، بل على العكس من ذلك ولأول مرة منذ 11 عاماً التقى وزيرا دفاع البلدين في روسيا. ظاهرياً تم استبدال الخيار العسكري بالخيار الدبلوماسي.

أعلم أنه لا فائدة من الإصرار، غير الضروري، لكنني ما زلت أعتقد أنه ستكون هناك عملية عسكرية عبر الحدود في المستقبل القريب، ولكن تشير أحداث الشهر الماضي أن العملية المحتملة في شمال سوريا ستكون جزءاً من سلسلة خطوات أوسع بكثير، والسبيل لفهم ما ستكون عليه هذه الخطوات هي معرفة ما حدث في سوريا في الشهر الماضي.

ملخص أخر 40 يوماً

إذا طُلب مني أن أصف تطورات الأيام الـ 40 الماضية في كلمة واحدة، فسأقول “التنقل/ التحريك”.

في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 بدأت عملية “المخلب – السيف” في العراق وسوريا، وفي اليوم الأول من العملية تم ضرب أهداف PKK / YPG وكان يوجد قتلى وجرحى لوحدات من “الجيش السوري” بالقرب منهم، وبعد اليومين الأولين تم تسجيل قيام “الجيش السوري” بتعزيز الأهداف التي تم ضربها وتوقفت تركيا عن ضرب الأهداف التي يوجد فيها “الجيش السوري”.

بين 22 و25 تشرين الثاني/نوفمبر لجأت القوات المسلحة التركية إلى استهداف المرافق الاقتصادية والإدارية لحزب العمال الكردستاني وكوادره المتوسطة، في هذه الأيام بدأت تعبئة عسكرية جديدة تظهر في “الجيش السوري”، وفي يوم 26 تشرين الثاني بينما كانت القوات المسلحة التركية تركز  قصفها لحد كبير على النقاط التي كان حزب العمال الكردستاني يهاجم فيها تركيا، اتخذت الوحدات الهجومية التابعة “للجيش السوري” إجراءات أيضاً وأرسلت تعزيزات إلى “عين العرب” التي تخضع بشكل أساسي لسيطرة وحدات حماية الشعب، ومن المناطق الأخرى التي عزز فيها “الجيش السوري” قواته فيها منطقة حول مطار “منغ” في تل رفعت، حيث توجد روسيا وإيران و”الجيش السوري” ووحدات حماية الشعب، ولكن لا توجد سيطرة كاملة لأي طرف هناك.

بعد هذه التعزيزات أصبح التغيير في الميدان واضحاً وللوهلة الأولى اعتبرت إعادة انتشار “الجيش السوري” استعدادات دفاعية لدمشق ضد عملية القوات المسلحة التركية، ولكن ما حدث بعد 27 تشرين الثاني/نوفمبر أظهر أن العملية ذهبت إلى مكان أخر.

نقطة تحول: 27 تشرين الثاني/ نوفمبر

لماذا كان يوم 27 تشرين الثاني/ نوفمبر مهماً؟  لأن كبار المسؤولين العسكريين الروس في سوريا ذهبوا إلى “القامشلي” للقاء ما يسمى بالفريق القيادي لوحدات حماية الشعب، وبحسب التقارير الصادرة عن الاجتماع فقد أراد الروس انسحاب وحدات حماية الشعب من العديد من المناطق التي سيطرت عليها وخاصة مناطق الحدود التركية- السورية وترك هذه المناطق “للجيش السوري”.  يا لها من مصادفة؛ في نفس اليوم ارسلت الولايات المتحدة تعزيزات كبيرة من شمال العراق إلى القاعدتين العسكريتين في الحسكة.

كان من الممكن أن تكون التعزيزات الأمريكية إلى المنطقة المؤشر الوحيد على أن الروس عادوا بخفي حنين، ولكن في اليوم التالي وجه الجيش السوري الفرقة 25 اكثر الوحدات الهجومية المفضلة لديه من الفيلق الخامس الى عين العرب وخط تل تمر.

ستسأل لماذا يعتبر الفيلق الخامس أو الفرقة 25 مهم؟ مهم لأن الفيلق الخامس في “الجيش السوري” وخاصة الفرقة 25 يعني روسيا، وهي القوات التي أعيد تنظيمها منذ عام 2017 في بيئة كان فيها “الجيش السوري” مدمراً ومفككاً بسبب “الحرب الأهلية”؛ وهنا نحن نتحدث عن وحدة خضعت كلها تقريباً لتعليم روسي من حيث التدريب والعقيدة والمعدات وحتى طاقم القيادة.

تقود الفرقة 25 وحدات “الجيش السوري”، والتي تختلف عن تشكيل ما قبل 2011، ولا تضم ​​مجموعات قريبة من إيران ويشارك الضباط الروس في جميع أنواع تدريبها بشكل مباشر، وبعد 27 تشرين الثاني /نوفمبر انتشرت الكتائب والأفواج وبعض وحدات المليشيات العاملة معها في مركز تل رفعت و”فافين= Fafeen” وكذلك في الرقة ومنبج.

وفي اليوم نفسه تحركت تركيا بشكل عام لضرب مناطق وحدات حماية الشعب بعيداً عن “الجيش السوري” في شرق الفرات، ولكن في أقل من أسبوع بدأت بعض أقوى وحدات الجيش السوري في الظهور بشكل رئيسي في المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب مثل الرقة ومنبج وتل رفعت وتل تمر. وظهرت صور القادة والدبابات والمدفعية وناقلات الجنود لهذه الوحدات وحتى جنودها الذين جلبتهم مركبات أخرى في المصادر المفتوحة.

اسمحوا لي ان اكمل بقية الحكاية، تُظهر التقويمات 2 كانون الأول/ ديسمبر 2022، استمرار تعزيزات الفرقة 25ضد PYD في منبج والرقة في الازدياد، ولا بد أن هذه الزيادة في التعزيزات بدأت تقلق الولايات المتحدة أكثر، وفي اليوم التالي في 3 من كانون الأول أجرت القوات الأمريكية في المنطقة تدريبات باستخدام الذخيرة الحية في حقول النفط في الحسكة، ولكن لا يبدو أن هذه المناورات قد أخافت الجنرالات الروس كثيراً.

في 5 من الشهر توجه الوفد الروسي مجدداً إلى القامشلي وعقد اجتماعاً مع أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي من المستوى الثاني وزُعم أن الروس بعثوا بنفس الرسالة: “… يجب على «حزب الاتحاد الديمقراطي» أن ينأى بنفسه عن الولايات المتحدة، وأن يقيم علاقات مع دمشق بتوجيه من موسكو، ويجب على «وحدات حماية الشعب» الانسحاب من أجزاء من عين العرب، ومنبج وتل رفعت والرقة، ولكن يبدو أن “حزب الاتحاد الديمقراطي” لم يقتنع لأنه في نفس اليوم بعث برسالة شديدة اللهجة إلى دمشق يطالب فيها “الجيش السوري” برفع الحصار عن الأحياء التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي في حلب وإلا  سيقوم بحصار وحدات “الجيش السوري” في القامشلي.

ولأنه لم تسفر هذه المحادثات عن أي نتائج، لم يكثف الجيش السوري من حشده في منبج فحسب، بل بدأ أيضاً في تحديد موقع على خط الاتصال المحتمل مع وحدات حماية الشعب، وهكذا دخلنا فترة جديدة مدتها 10 أيام عزز خلالها “الجيش السوري” من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى بتعزيزات عسكرية في مناطق مشتركة وزادت وحدات حماية الشعب من حركتها من خلال جلب مقاتليها من أماكن مختلفة.

ظهور ايران على الساحة

هنا لابد من تقديم ملاحظتين:

الملاحظة الأولى: جاءت الإشارة من إدلب في اليوم التالي للاجتماع الأخير الفاشل بين روسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي، وسأشرح هذا لاحقاً، لكن ارجو وضع هذه الاشارة هنا في الاعتبار.

الملاحظة الثانية: هي تورط إيران، ومن المثير للاهتمام أن الميليشيات الموالية لإيران في شرق سوريا، والتي ظلت صامتة لبعض الوقت عادت إلى النشاط مرة أخرى خلال المفاوضات بين روسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي، ففي البداية تم تنفيذ هجمات صغيرة من قبل مجهولين في حقول النفط التي “كانت تحرسها” الولايات المتحدة شرقي سوريا في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، ثم في 17 كانون الأول/ ديسمبر شنت مليشيات موالية لإيران هجمات صاروخية على جنود أمريكيين حول حقل “العمر” النفطي، وردت الولايات المتحدة على هذه الهجمات.

ومع استمرار القتال في “دير الزور” انطلقت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في العراق إلى العمل، ففي الأيام الأولى من شهر كانون الثاني/ يناير، وبدأ الوجود الأمريكي في العراق يتعرض للتهديد مرة أخرى بشكل علني من قبل إيران والميليشيات القريبة منها.

بعبارة أخرى يبدو أن المنطقة التي ستنشط فيها الولايات المتحدة وحزب الاتحاد الديمقراطي ليست محصورة في شمال سوريا. بدأت الأحجار تتحرك في شرق البلاد أيضاً.

من الان لن اخبركم ما حدث يوماً بيوم، لكن بين 11 – 14 كانون الأول/ ديسمبر نقل “الجيش السوري” ما كان يتمتع به من قوة قتالية من فوج “الطراميح” التابع لقوات النمر سابقاً (وحدات النخبة) التابعة للمخابرات الجوية، إلى النقاط الحرجة في منطقة التمدد من تل رفعت إلى منبج (معظمها منبج)، وتوقفت جهود روسيا لإقناع حزب الاتحاد الديمقراطي بعد المحادثات في بداية كانون الأول /ديسمبر، وبعبارة اخرى وضع “الجيش السوري” جيشه على هذا الخط تحسباً لحالة حدوث صراع “اشتباك” محتمل على هذا الخط أو احتمال انسحاب وحدات حماية الشعب.

العملية تتسارع

يا لها من مصادفة؛ في 15 كانون الأول/ ديسمبر 2022 أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن: “… نريد أن نخطو خطوة كثلاثي سوري تركي روسي، أولاً وكالات استخباراتنا، ثم وزراء دفاعنا، ثم وزراء خارجيتنا يجب أن يجتمعوا معاً، ثم دعونا نجتمع معاً كقادة … مشيراً إلى ما سيحدث في الأيام التالية.

تسارعت العملية في الأيام التالية، ففي 24 كانون الأول/ ديسمبر التقى وزير الدفاع “خلوصي أكار” مع محاوريه في موسكو، برفقته مدير الاستخبارات” هاكان فيدان”، وفي 28 كانون الأول/ديسمبر اي بعد أربعة أيام من قوله إن: “الأعمال في الميدان وعلى الطاولة مستمرة بلا انقطاع” حول عملية برية محتملة في سوريا…  وبعد ثلاثة أيام أي في اليوم الأخير من العام قال وزير الخارجية “مولود تشاووش أوغلو”: إنه قد يكون هناك اجتماع بين وزيري الخارجية في الأسبوع الثاني من شهر كانون الثاني/ يناير.

ملخص العملية التي استغرقت 40 يوماً

مرة أخرى جعلتكم مشغولين بصفحة من التفاصيل لا تمكن كتابة خمس جمل، لكن من الضروري التذكير بما يحدث حتى لا تبقى الحجج مفتوحة، والان لنخرج من التفاصيل لنصل إلى جوهر الأمر، ويمكن تلخيص العملية التي تستغرق 40 يوما في خمسة بنود:

  • واصلت تركيا القيام بتدخلات تكتيكية ضد أهداف حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب على فترات منذ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
  • حاولت روسيا إقناع حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب بالتخلي عن علاقتها مع الولايات المتحدة وبدء عملية تكامل حقيقية مع دمشق، ولكن دون جدوى.
  • بدأت الولايات المتحدة في العودة إلى المناطق التي انسحبت منها في نهاية عام 2019.
  • الجيش السوري كما لو كان يستعد لعملية عسكرية جديدة بدأ في تركيز قواته المسلحة ومنظمات الميليشيات بالقرب من المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب في شمال البلاد، التي تحمل وجودها فيها أو لم يتمكن من الحفاظ عليها في شمال البلاد منذ سنوات.
  • بدأت حركة محادثات مفتوحة على الخط التركي -السوري- الروسي.

حسناً، كيف يمكن تلخيص كل هذا في فقرة واحدة؟

لم تتخل تركيا عن تنفيذ عملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني / وحدات حماية الشعب في سوريا، لكن هذه العملية لن توسع المناطق التي طهرتها تركيا من الإرهاب لتسيطر عليها المعارضة في سوريا، بل على العكس من ذلك  بينما تقوم تركيا بتطهير بعض المناطق من وحدات حماية الشعب الكردية  فإن “الجيش السوري “يقوم بملء المناطق التي انسحبت فيها وحدات حماية الشعب، وستؤدي العملية المحتملة لاتساع المناطق التي تسيطر عليها “الحكومة السورية” وتقليص المنطقة التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، وبالتالي  فإن العملية المحتملة ستكون الخطوة الأولى لنموذج يمكن من خلاله أن يولد حوار أنقرة – دمشق لمصالح مشتركة لكلا البلدين على محور النضال المشترك ضد حزب العمال الكردستاني، ربما سنناقش في المستقبل القريب نموذجاً يقوم فيه جيش كل من تركيا وسوريا بدوريات متبادلة أو منسقة تحت إشراف روسيا.

بينما ننتظر جميعا أن تقوم القوات المسلحة التركية بمزيد من التعزيزات على الحدود فإن هذا النموذج هو السبب في قيام “الجيش السوري” بالانتشار العسكري الرئيسي، كانت تركيا جاهزة عسكرياً بالفعل، ولم يكن الجيش السوري كذلك. إنه إنشاء لنموذج ينتج عنه اهتمام مشترك لمهمة شاقة، إنها عملية أكثر صعوبة لجمع حكومتين قامتا بجميع أنواع التحركات ضد بعضهما البعض لأكثر من 11 عاماً في إطار هدف، هذا هو السبب في سلسلة من التطورات التي تحدث في مثلث موسكو – أنقرة – دمشق على طول خط الاستخبارات -الدفاع -الدبلوماسية.

إذا نجحت العملية فسيكون هناك خاسر على المدى القصير، وبالطبع سيكون أول الخاسرين حزب الاتحاد الديمقراطي والولايات المتحدة الامريكية التي تستثمر فيه في سوريا منذ أكثر من 5 سنوات، لذلك يبدو أن الولايات المتحدة الامريكية لا ترحب بالتطورات على خط أنقرة – دمشق – موسكو ويمكن القول إنها تعارض هذه العملية بوضوح. في الواقع يمكن ملاحظة رد الفعل هذا بوضوح في البيانات الواردة من مصادر دبلوماسية، ولكن رد فعل الولايات المتحدة لا يقتصر على البيانات الصحفية، فهل يمكن أن يكون هناك تفسير أخر لعودة القوات الأمريكية بعد ثلاث سنوات من الانسحاب من أجزاء من المناطق الحساسة في شمال شرق سوريا، بما في ذلك الرقة، التي انسحبت منها في أواخر عام 2019؟

الخاسر الثاني من هذه العملية سيكون هيئة “تحرير الشام” التي تحكم إدلب، وهنا سأعود بك إلى الجزء من قصة إدلب الذي بدأ أعلاه.

تصاعد التوتر في إدلب

كنت قبل حوالي شهرين من الان قد كتبت مقالاً أشرح فيه سبب مهاجمة هيئة تحرير الشام لعفرين وأعزاز، ولاختصار القصة الطويلة، كنت أقول إن هيئة تحرير الشام اضطرت إلى مغادرة إدلب لأنها كانت تعلم أنها لا تستطيع البقاء في إدلب لفترة طويلة، وفي واقع الامر عززت أحداث كانون الأول/ ديسمبر 2022 هذه الفكرة أكثر.

على الرغم من وجود هجمات متبادلة خفيفة بين هيئة تحرير الشام و”الجيش السوري” في إدلب منذ أكثر من عام، إلا أنه لم يكن هناك نشاط كبير، ولكن اعتباراً من 1 كانون الأول/ ديسمبر بدأت هيئة تحرير الشام في مهاجمة مواقع “الجيش السوري” بالقرب من إدلب وبالمصادفة في 6 كانون الأول /ديسمبر وبعد يوم من الكشف عن عدم قدرة روسيا وحزب الاتحاد الديمقراطي على التوصل إلى اتفاق أعلنت روسيا أن “هيئة تحرير الشام” ستهاجمها بطائرات مسيرة، وفي 11 كانون الأول /ديسمبر نفذت هيئة تحرير الشام غارة في اللاذقية قتلت خلالها العديد من عناصر “الجيش السوري” بعد توقف طويل ونشرتها.

في 15 كانون الأول /ديسمبر 2022 عندما وجه الرئيس “أردوغان” رسالة مفادها أنه سيتم اتخاذ خطوات مع سوريا عقد زعيم هيئة تحرير الشام “أبو محمد الجولاني” مؤتمراً مع رئيس مجلس شورى التنظيم ومسؤولي حكومة الإنقاذ الذين أطاحوا بالحكومة السورية المؤقتة وتولت إدارة إدلب وأعلن في هذا المؤتمر أنه: “… لن يكون هناك اتفاق مع دمشق وأنه سيهاجم “الجيش السوري” قريباً ويبدأ في بناء المستقبل لأهل الشام …”

بين 17 و30 كانون أول/ ديسمبر 2022 شنت هيئة تحرير الشام هجمات متتالية على “الجيش السوري” الذي نقل معظم قواته إلى مناطق أخرى، وبعد زيارة الوفد التركي إلى موسكو بدأت في إدلب مظاهرات كبيرة احتجاجاً على مصالحة محتملة وامتدت إلى مناطق أخرى، وفي نهاية المطاف بعد أن أعلن وزير الخارجية “مولود جاويش أوغلو” فيكانون الثاني/ يناير أنه سيتم إجراء محادثات بين المسؤولين الأتراك والسوريين، خرج “الجولاني” في تسجيل مصور له و”أعلن بأقوى طريقة أنه يرفض الاتفاق تماماً”.

هيئة تحرير الشام ضد ماذا؟

استطيع سماع السؤال الذي يخطر ببالك الان، لماذا تعارض هيئة تحرير الشام ذلك؟

لن يقتصر التغيير في العلاقات التركية- السورية على فتح عهد جديد على ضفاف نهر الفرات فقط، فعلى الرغم من أن هيئة تحرير الشام أعلنت انها انفصلت عن تنظيم الاقعدة، الا ان روسيا وسوريا قالتا منذ البداية أنهما تعتبران وجود هيئة تحرير الشام تهديدًا استراتيجياً ولا يمكنها إقناع أحد بما أعلنته. تُبين أحداث السنوات الثلاث الماضية ما يلي: عندما يُزيل “الجيش السوري” حزب الاتحاد الديمقراطي من المواقع الرئيسية في الرقة وحلب، ستكون إدلب أول مكان سيتحول اليه “البرميل”، ولكن هذه المرة لن تواجه أنقرة ودمشق بعضهما البعض في إدلب بينما تركزان على عملية جديدة مبنية على القتال ضد «حزب العمال الكردستاني» / «وحدات حماية الشعب».

تسأل لماذا؟

 في الوقت الذي اكتسبت روسيا اليد العليا في عملية إنهاء الصراع في سوريا، وبينما تركز حكومة العراق بقيادة رئيس الوزراء السابق “نوري المالكي” أحد أقوى حلفاء إيران في العراق على تنفيذ صيغة من شأنها أن تدفع الولايات المتحدة الامريكية إلى الزاوية، فإن كل الاسهم ستتحول إلى الشراكة بين الولايات المتحدة الامريكية وحزب الاتحاد الديمقراطي، وسيبقى ما سيحدث في إدلب بهذه العملية في الخلفية.

باختصار قد يكون عام 2023 عام سوريا في الشرق الأوسط والسياسة الخارجية التركية، ولكن هناك حاجة إلى تحليل منفصل لأليات (تشغيل) العملية.

(ترجمه لـ”السورية.نت” نادر الخليل  زميل  في “مركز عمران للدرسات الاستراتيجية”

المصدر Fikir Turu


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا