استطلاعات الرأي للانتخابات البلدية التركية 2024: منافسة محمومة في إسطنبول وشبه حسم في أنقرة

مدخل

 تشكل الانتخابات البلدية التركية، المقرر غداً الأحد 31 اذار، حدثاً سياسياً مهماً، حيث تأتي بعد معركة الانتخاب الرئاسية في أيار الماضي، والتي كانت حافلة بالتحديات، والاستقطاب، والمنافسة، والتكتلات. عادةً تسعى الأحزاب السياسية لتشكيل تحالفاتها وحل الخلافات بينها ونسج تحالفات تدعمها، ولكن كإحدى اهم نتائج وتداعيات الانتخابات الرئاسية وسجالاتها، ونتيجة هزيمة المعارضة فيها، شهدت تركيا تشرذماً واضحاً لأحزاب المعارضة كلها، ولم تنجح في تشكيل أي تحالفات انتخابية جديدة لخوض الانتخابات البلدية، في حين حافظ تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم، على استمراره بقوة رغم خروج حزب “الرفاه من جديد” مغرداً خارج السرب.

من المنتظر ان  تُحدد نتيجة الانتخابات من سيكونون  رؤساء البلديات وأعضاء المجالس البلدية ومخاتير القرى والأحياء، ويُتوقع أن تكون المنافسة أكثر شراسة مع تركيز الأحزاب على قضايا مثل الاقتصاد، اللاجئين، الحوكمة المحلية، والسياسات الاجتماعية، وتُعتبر هذه الانتخابات بمثابة باروميتر يقيس درجة حرارة الأجواء السياسية العامة وينذر بتقلبات قد تهبّ على الساحة السياسية التركية.

 وتشكل التحالفات والتكتلات للانتخابات في تركيا،جزءاً مهماً من الديناميكيات السياسية، فربما نشهد تنسيقاً او ‘علان حلف قبل  ساعات من انطلاق الانتخابات المحلية في موعدها، وهذا غير مستبعد في الحياة السياسية التركية.

حول التقرير

 في هذا التقرير سيتم التركيز على الاستبيانات التي أجريت حول مدينتي إسطنبول وانقرة، كونهما اهم المدن التركية، وتشهد منافسة محمومة عليها، وتركيزاً من كل الأطراف في المنافسة للفوز بهما، وكذلك تم رصد 4 استطلاعات أجريت خلال الثلاثة اشهر من 3شركات استطلاع مهمة.

حيث تُظهر البيانات المستخرجة من الاستطلاعات الانتخابية للأحزاب السياسية في تركيا تقلبات متنوعة وتغيرات في نسب الدعم بين الأحزاب المختلفة، ويُعد تحليل هذه البيانات أمراً ضرورياً لفهم الديناميكيات السياسية وتوقعات الناخبين. كما تشكل استطلاعات الراي أداة مهمة في قياس وتوقع نتائج هذه المنافسات غالباً، والكثير منها يفشل في ذلك لأسباب منهجية وهيكلية وضعف الموضوعية وعدم الاستقلالية أو العمل حسب الطلب والتمويل.

 كما يؤخذ على بعضها صغر حجم العينة المستخدمة، ولكن في العموم تبقى أهميتها في الحياة السياسية ولها حضورها ومتابعيها والبعض يتأثر بها، وربما تساهم في تشكيل مواقف البعض.

البيانات

تم جمع البيانات من استطلاعات الرأي التي أُجريت في أشهر (شباط، آذار، وكانون الثاني) من العام 2024، وتم اجراء متوسط حسابي شهري للأشهر الثلاثة، ثم متوسط حسابي لها معاً، وتحليل النسب المئوية لاهم الأحزاب التي ورد ذكرها في الاستبيانات المقدمة.

أولاً: استطلاعات عامة

 يتناول هذا الجزء من التقرير 4 استبيانات تم اجرائها خلال 3اشهر (كانون الثاني، شباط، حتى 28اذار) من العام 2024، وكانت استطلاعات للرأي خاصة بالانتخابات العامة، لشركات (SER-AR، MetroPoll ، ASAL) كما هو مبين في الجدول التالي:

وفي قراءة للبيانات يمكن قراءة أن:

  • حزب العدالة والتنمية (AKP): يُظهر نسباً متفاوتة، ولكنها متقاربة في الاستطلاعات، ويبتعد عن أقرب المنافسين له بـ 8 نقاط تقريباً، مع متوسط حسابي 33.33%.
  • حزب الشعب (CHP): يُظهر نسباً متفاوتة يحتل بها المرتبة الثانية، والاقرب لنسبة حزب العدالة والتنمية مع متوسط نسبة 15%.
  • تحالف الجمهور (AKP/MHP): يُظهر التحالف نسباً أعلى من الأحزاب الفردية بـ 17 نقطة عن أقرب منافس له، مع متوسط نسبة له بـ 42.47%.
  • تُظهر الأحزاب الصغيرة مثل حزب المساواة DEM والجيدİYİ والرفاهYRP والنصرZP، نسباً أقل بكثير، مما يشير إلى تأثير أقل لها في الساحة السياسية خارج التحالفات.
  • متوسط نسب الأحزاب السياسية بناءً على الاستبيانات الأربعة: فيما يلي رسم بياني لمتوسط حسابي للاستبيانات الأربعة خلال الأشهر الثلاثة وقراءة حولها.
  • حزب العدالة والتنمية (AKP):يتمتع بأعلى نسبة تأييد بين الأحزاب الفردية، مما يشير إلى قوة قاعدته الشعبية وتأثيره الكبير في الساحة السياسية. وهذا يُظهر أن التحالف يُعزز من قوة الأحزاب المشاركة فيه، ويُعطيهم ميزة تنافسية أكبر في الانتخابات.
  • حزب الشعب (CHP):يحتل المرتبة الثانية في الدعم، ولكن بفارق كبير عن حزب العدالة والتنمية، مما يعكس التحديات التي يواجهها في توسيع قاعدته الانتخابية.
  • الأحزاب الأخرى:تُظهر نسباً أقل بكثير، مما يشير إلى أنها قد تلعب دوراً أكبر كصانعي ملوك أو في تشكيل ائتلافات بدلاً من أن تكون قوى رئيسية في الساحة السياسية وهي غير قادرة بشكل منفرد. ومع ذلك، يُمكن لهذه الأحزاب أن تلعب دوراً مهماً في تشكيل تحالفات وكقوى توازن في البرلمان.

نتائج عامة

  • تعكس هذه النسب متوسط الأصوات التي حصلت عليها كل مجموعة من الأحزاب في الاستبيانات الأربعة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ولكن يؤخذ عليها انها استبيانات قليلة ذات نسب عينة منخفضة كحال كل الاستبيانات الاخرى.
  • يجب ملاحظة أن هذه النسب تعبر عن تفضيلات الناخبين في لحظة معينة وقد تتغير بناءً على الأحداث السياسية والاقتصادية الجارية. ومع ذلك، يجب أخذها بحذر لأنها قد تتغير بناءً على الأحداث السياسية والاقتصادية.
  • الفروق بين الأحزاب تفرض تنافساً قوياً بين الأحزاب الكبرى، وخاصة مع وجود تحالفات تعزز قوة الأحزاب المشاركة فيها.
  • الاستطلاعات تُعطي مؤشراً على الاتجاهات العامة للرأي العام، لكنها لا تضمن النتائج النهائية للانتخابات.
  • التحالفات والتكتلات للانتخابات البلدية في تركيا لعام 2024 تشكل جزءاً مهماً من الديناميكيات السياسية.

ثانياً: استطلاعات حول انقرة

في هذ القسم من التقرير سيتم تناول استطلاعات الرأي التي أجريت حول انقرة، عبر رصد استطلاعات الرأي خلال 3 شهور (كانون الثاني، شباط، حتى 28 اذار) والتي أجرتها 13 شركات استطلاع وهي:

 AREA, KODAR, AREA , MAK  ,ALF,  DI-EN , HBS, ÖZDEMIR , AREA, KONTAK, ORC, HBS, ASAL

وفق القيم المرصودة للمتوسط الحسابي لاستطلاعات الرأي حول الانتخابات البلدية لأنقرة 2024 يظهر ما يلي:

  • حزب الشعب (CHP): يتصدر في المتوسط الشهري، ويحتل حزب العدالة والتنمية ((AKP المركز الثاني، حيث يتقدم مرشح حزب الشعب على مرشح تحالف الجمهور في كل من أشهر المقارنة بفارق متوسطه 9.64%
  • حزب الجيد (IYI):يظهر انخفاضاً ملحوظاً في دعمه في الانتخابات البلدية وفق المتوسط الشهري.
  • الأحزاب الأخرى حافظت على نسب دعم متقاربة بين المتوسط   الشهري

رسم بياني للاستطلاعات في انقرة

وفقاً للقيم والمخطط البياني نجد ما يلي:

  • يُظهر الرسم البياني أن مرشح حزب الشعب (CHP) هو المرشح الأوفر حظًا للفوز في الانتخابات البلدية لعام 2024 في أنقرة، ويُمكن أن يُعزى تقدم حزب الشعب إلى عدة عوامل، منها:
  • الأداء الاقتصادي لحكومة حزب العدالة والتنمية (AKP).
  • تزايد الشعور بالفساد وعدم كفاءة الحكومة.
  • شعبية مرشح حزب الشعب (CHP)الكبيرة.
  • من المتوقع أن يكون الفارق بين مرشح حزب الشعب (CHP) ومرشح تحالف الجمهور (AKP) كبيراً، ولكن نسبة المترددين التي تقارب الـ 10% قد تقلب الموازين، او تقلص الفارق بشكل كبير، او في حال ظهور توافقات ما في اللحظات الأخيرة.
  • من غير المرجح أن تؤثر الأحزاب الأخرى بشكل كبير على نتائج الانتخابات.

         خلاصة

  • من المرجح أن يفوز حزب الشعب (CHP) في الانتخابات البلدية لعام 2024 في أنقرة.
  • نسبة الناخبين المترددين في اتخاذ قرار مرتفعة بشكل ملحوظ: وهذا يدلل على أن هناك نسبة كبيرة من الناخبين الذين لم يخذوا قرار هم بشكل ثابت عبر الأشهر الثلاثة. ويمكن أن يكون هذا دليلاً على الوضع السياسي المتقلب في البلاد أو على عدم الثقة في الخيارات المتاحة.
  • يبقى تحالف الجمهور وحزب العدالة والتنمية هما القوتان الرئيسيتان الاقدر على المنافسة.

ثالثاُ: استبيانات إسطنبول

في القسم الثالث من هذه التقرير سيتم تناول استطلاعات الراي التي تم رصدها خلال شهري (شباط واذار) وتم اهمال استطلاعات شهر كانون الثاني لعدم تناسب عدد الاستبيانات فيه مع عدد استبيانات شهري شباط واذار، لقلة عددها بنسبة كبيرة. تم رصد وتسجيل 27 استطلاعاً خلال شهري شباط وحتى 28اذار، لـ 20 شركة وهي:

ALF, METROPOLL, AREA, HBS, GEZICI, SPECTRUM, YÖNEYLEM, ADA, ASPAM, ARTI-BIR, KONDA, SER-AR, ASAL, TÜSİAR, ÖZDEMIR , OPTIMAR, DI-EN ,PIAR , SONAR ,ORC

بناء على البيانات ومتوسط الشهري لنسب الأحزاب التي ظهرت كأحزاب لها حضور في الاستبيانات والتي يعكسها متوسط الدعم الشهري لكل حزب بناءً على الاستبيانات الملحوظة في الرصد، يمكن تسجيل النقاط التالية:

  • حزب الشعب (CHP) يتمتع بأعلى نسبة دعم في الاستطلاعات في اسطنبول، يليه تحالف الجمهور (AKP/MHP) بفارق ضئيل. ومع تقارب في النسب بينهما ستكون المنافسة قوية.
  • الأحزاب الأخرى تحصل على دعم أقل بكثير مقارنة بالحزبين الرئيسين.
  • يمكن أن يكون الفارق الضئيل بين الحزبين الرئيسيين حاسماً في تحديد نتائج الانتخابات.

رسم بياني لمتوسط استبيانات الانتخابات البلدية لمدينة إسطنبول 2024 لشهري شباط واذار.

  • يظهر الرسم البياني تقارب نسب المتنافسين وبالتالي صعوبة حفاظ مرشح حزب الشعب على تفوق نسبي مع حركية لصالح مرشح حزب العدالة. ولكن يواجه حزب العدالة والتنمية تحديات في جذب دعم الناخبين.
  • الناخبين المترددين يلعبون دوراً حاسماً وقد يؤثرون على نتائج الانتخابات بشكل حاسم، حيث تعتمد النتيجة النهائية على كيفية توجيه الناخبين المترددين وكسبهم. وارتفعت نسبة “لا قرار” بشكل ملحوظ في شهر اذار.

رابعاً: نتائج عامة

  • ماتزال اغلب الاستطلاعات التركية غير مهنية في كثير من الاليات والمتطلبات، وغير موضوعية بنسبة كبير، حيث تلعب الانتماءات الحزبية او التمويل دوراً أساسياً فيها، كما ان العينة المستهدفة تبقى صغيرة جداً وكذلك اختيارها ومكان والتوزيع الجغرافي بحيث لا تشكل أساساً للتعميم على كامل المجتمع المستهدف او على مستوى واسع بحيث يشكل نسبة مقبولة للتعميم.
  • يعكس دخول اغلب الأحزاب التركية التي يحق لها المشاركة في الانتخابات بمرشحين مستقلين -ماعدا تحالف الجمهور- دون تحالفات، خلافات عميقة وتباعد بين حلفاء الامس، وخاصة بين حزب الجيد وحزب الشعب، وكذلك بين حزب الرفاه من جديد وحزب العدالة والتنمية، مما سينعكس سلباً على حلفائهم السابقين، ولكن بنسب صغيرة.
  • تُظهر الاستطلاعات في انقرة تفوقاً واضحاً لحزب الشعبCHP)) على منافسه من حزب العدالة، بينما يتقارب مرشح حزب العدالة مع منافسه من حزب الشعب -المتفوق بنسبة ضئيلة -في إسطنبول، وهذا الفارق سيلعب فيه المترددون دوراً حاسماً.
  • ثبات داعمي تحالف الجمهور (AKP)، بالرغم من أن تحالف الجمهور يحتفظ بالمركز الثاني في متوسط النسب الشهرية لمدينتي انقرة وإسطنبول، إلا أنه يظهر استقراراً نسبياً من داعميه بشكل عام، ويمكن تفسير هذا الاستقرار باستمرار قاعدة دعم قوية لتحالف الجمهور. ويبقى تحالف الجمهور هو القوة الرئيسية المنافسة، والتي قد تؤثر في نتيجة الانتخابات بشكل كبير.
  • يلاحظ الانخفاض في النسبة المئوية لحزب الجيد (IYI) وحزب المساواة (DEM) ويسجلان أداءً ضعيفاً نسبياً في الاستطلاعات الشهرية، ويمكن تفسير هذا الانخفاض بنقص الوعي أو تراجع الدعم لهذين الحزبين بين الناخبين في إسطنبول وانقرة.
  • تظهر نسبة كبيرة من الناخبين كمترددين في اتخاذ قرار، ويمكن أن يكون هذا دليلاً او مؤشراً على تبعات الوضع الاقتصادي والسياسي المتقلب وخاصة في إسطنبول وانقرة، أو على عدم الثقة في الخيارات المتاحة.
  • الاتجاه العام يُظهر أن الأحزاب الكبرى تحافظ على مواقعها مع تغيرات طفيفة في النسب، بينما تظل الأحزاب الصغيرة ثابتة في نسبها.
  • تظهر الاستبيانات نسبة لحزب النصر، ولكنها غير فعالة.
  • حزب الرفاه يظهر بين الأحزاب الصاعدة بنسبة جيدة، لكنها قد تؤثر في الأصوات المحسوبة على حزب العدالة وحزب السعادة.
  • تبرز أهمية تقديم الخدمات للناخبين ويأتي العامل الاقتصادي والاستقرار السياسي والتغيرات الطفيفة كعوامل اساسية في كسب الدعم الشعبي والتي تؤثر على النتائج الانتخابية.

  • يبقى من المهم ملاحظة أن الرسم البياني يمكن أن يوفر رؤية مرئية للبيانات التي قد تساعد في تفسير الاتجاهات والفروق بين الأحزاب. ولكن يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أن الرسوم البيانية تعتمد على البيانات المتاحة وقد تتغير النتائج بناءً على البيانات الجديدة أو الأحداث الجارية. كما تُظهر التطورات أن تركيا تمر بمرحلة تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية مهمة، والانتخابات البلدية ستكون مؤشراً على كيفية تعامل الأحزاب والناخبين مع هذه التحديات والتغيرات التي سترسم مستقبل تركيا.
المصدر السورية.نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا