التعليم..مفتاح الفرص وبناء مستقبل مستدام

في الوقت الحالي الذي يشهد تطوراً هائلاً في مختلف مجالات العلم والمعرفة، يعتبر مفهوم التعليم قضية محورية. يترتب على هذا المفهوم العديد من البحوث والتجارب والدراسات وأنشطة التدريس والتدريب، مما يجعله أحد أهم المواضيع التي تستحق الاهتمام والتفكير العميق.

في المجتمع الحديث، نجد أننا نخصص موارد هائلة للتعليم، سواء في صورة المدارس، الجامعات، المعاهد، وغيرها، وذلك بهدف متابعة وتعزيز قضية التعليم. حيث يتمثل الهدف الرئيسي في تمكين أطفالنا من تحقيق نجاح عام في الحياة العملية. ولا يقتصر الاهتمام بالتعليم على المؤسسات التعليمية فقط، بل يمتد ليشمل الآباء والأمهات وجميع أفراد المجتمع.

التعليم يعتبر أمراً ذا أهمية خاصة لدى كل فرد، ولا يقتصر على مرحلة عمرية محددة، بل يمثل عملية مستمرة طوال حياة الإنسان. هذا يعني أننا نفهم أهمية الاستمرار في التعلم وتطوير المهارات على مر الزمن، مما يساهم في تحسين الفرص الشخصية والمهنية على حد سواء.

أصبحت عملية التربية والتعليم في يومنا هذا أكثر تعقيداً لدرجة تتطلب وجود مؤسسات متخصصة كالمدارس والجامعات. ويركز التعليم على دراسة تشكيل سلوك الأفراد واكتسابهم للغة والعادات التي يحتاجونها في حياتهم اليومية. يعتبر فهم عملية التعلم أمراً ضرورياً لفهم التعليم، حيث يساعدنا دراسة علم التعلم على فهم كيفية تكوين وتعديل السلوك، خاصةً في سياق التربية والتعليم.

تعليم الأطفال وتشكيل سلوكياتهم يعتبر تحدياً معقداً يستدعي التدخل الفعّال والمتخصص. وعلى الرغم من التنوع في تعريف التعليم، يتفق العلماء على مظاهر التعلم كنقطة مشتركة.

التعلم ليس مجرد سلوك أو استجابة، بل هو صفة أساسية تعبر عن مدى قابلية السلوك للتغيير أو التعديل. عندما يتم التعديل بشكل يحقق هدفاً معيناً باستخدام أجهزة متخصصة، يُعرف ذلك بالتعليم، في حين يُعتبر التعلم عندما يتم بشكل آخر.

التعلم يعد من أهم حقوق الإنسان، حيث يشكل ضرورة فردية واجتماعية على حد سواء. الفرد المتعلم يستطيع بناء مجتمع قوي ومستدام، والمجتمع القوي قادر على خلق بيئة جيدة لتعلم الأفراد. تعكس أهمية وحق التعلم قيمة إطلاق الجمعية العامة للأمم المتحدة لليوم الدولي للتعليم، الذي يحتفل به سنوياً في 24 يناير.

تم اعتماد تاريخ اليوم العالمي للتعليم في 3 ديسمبر 2018، بهدف تعزيز توفير تعليم جيد وشامل للجميع، مع التأكيد على دوره المحوري في بناء مجتمعات مستدامة ومتنوعة. صدر هذا القرار تحت الرقم 25/73، وشارك في صياغته 59 دولة. من خلال هذا القرار، تمت دعوة جميع المؤسسات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة، والمؤسسات الأكاديمية، والمنظمات غير الحكومية، والأفراد للاحتفال بهذا اليوم والمشاركة في فعالياته.

ما زال هناك 244 مليون طفل وشاب لم يلتحقوا بالتعليم في المدارس، ويصل عدد البالغين والأميين إلى 771 مليون شخص. الصراعات والكوارث تعتبر سبباً رئيسياً لتغيب الأطفال عن المدرسة، حيث يعيش 1 من كل 3 أطفال خارج المدرسة في بلد تأثر بالحروب أو الكوارث. هذه الظاهرة الخطيرة تستدعي التركيز الفوري، حيث تمثل انتهاكاً لكرامة الإنسان وأحد حقوقه الأساسية في الحياة.

سنحتفل في 24 يناير/كانون الثاني 2024 باليوم الدولي للتعليم للمرة السادسة، وسيكون شعار الاحتفال هذا العام يتألف من كلمة “تعليم” مع “عام 2030” للإشارة إلى أهداف خطة التنمية المستدامة المراد تحقيقها في هذا العام، إلى جانب القلم كرمز للتعليم.

وتتركز أهداف اليوم العالمي للتعليم في عام 2024 على عدة نقاط:

1. التركيز على حق الفرد في التعليم.

2. إبراز أهمية التعليم في التنمية المستدامة، مع التركيز على ضمان التعليم الجيد والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع بحلول عام 2030.

3. السعي للقضاء على الفقر وتحقيق مستقبل واعد.

4. تغيير العقليات المحافظة في بعض البلدان النامية التي تقلل من أهمية التعليم.

5. تحقيق المساواة في المجتمع.

6. تكريم المعلمين والمتعلمين.

7. التعرف على ثقافات مختلفة.

التعليم يُعَدُّ مفتاح السلام والازدهار، وهو أساس المساواة. يشير افتقار العديد من مناطق العالم إلى التعليم إلى أحد أكبر جوانب الظلم والصراع. كل عام من التعليم يمثل فرصة جديدة، وفي كل مرحلة يفتح باباً جديداً يعزز الفهم ويقلل من الفقر.

في ختام هذا المقال، يتجلى وضوحاً أهمية التعليم كمحور أساسي في بناء مستقبل أفضل وتحقيق التنمية المستدامة. يعكس اليوم العالمي للتعليم في عام 2024 الحاجة الملحة للتركيز على حقوق الفرد في التعليم وتحقيق المساواة وتغيير العقليات التي تقلل من أهمية هذه الركيزة الأساسية. في كل باب يُفتح من أبواب التعليم، نجد فرصة لبناء مجتمع أكثر تنوعاً وتطوراً. إن التعليم ليس مجرد مفتاح للمعرفة، بل هو سبيل لبناء حياة مستدامة ومجتمع عادل، حيث يتسامح الفهم وتزدهر الأفكار. إن الاستثمار في التعليم يعد استثماراً في مستقبل أفضل للجميع.

المصدر السورية نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا