اليوم الدولي للتعليم..صعوبات مستمرة لقطاعٍ “مهمش” شمال غرب سورية

يحتفل العالم باليوم الدولي للتعليم، الذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع والعشرين من كانون الثاني من كل عام، باعتباره حق إنساني وله دور كبير في السلم والتنمية المستدامة، عبر بناء المدارس وتأسيس منظومات التعليم الإلكتروني وتوسيع مجالات التدريب والتأهيل والبحث العلمي.

في اليوم الدولي للتعليم، يستدعي الانتباه إلى الحقيقة المأساوية في الشمال السوري، حيث يتعرض نظام التعليم إلى هجمات ممنهجة وقصف مستمر، منذ 13 عاماً، ما يؤدي إلى تدمير المدارس وتشويه فرص التعلم.

وفي ظل الموجات الكبيرة للنزوح، تحولت بعض المدارس إلى مراكز للإيواء، ما أضاف أعباء إضافية على المؤسسات التعليمية في إدلب وريفها، وكذلك زاد الزلزال الذي وقع في 6 شباط عام 2023 من تحديات إعادة بناء المدارس، حيث أضر بالبنية التحتية التعليمية وتسبب بإلحاق أضرار إضافية.

هذا الواقع يحرم مئات الآلاف من الأطفال من حقهم الأساسي في التعليم، ويتطلب تكثيف الجهود الدولية لدعم إعادة بناء المدارس وتوفير بيئة تعليمية آمنة ومستدامة لهؤلاء الأطفال المتضررين.

وتعتبر المخيمات التي أُنشئت بسبب الحرب ملاذًا محدوداً للتعليم، حيث تتضاءلت الفرص بشكل واضح، خاصة أن أكثر من 67% من هذه المخيمات لا تحتوي على نقاط تعليمية أو مدارس، بحسب “منسقو استجابة سوريا”، ما يجبر الأطفال على قطع مسافات طويلة للوصول إلى فرص التعلم.

وتزيد الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة من تحديات الحصول على التعليم، حيث يجد الأهالي صعوبة في تأمين احتياجات التعلم لأطفالهم.

هذه الظروف تبرز الحاجة إلى دعم إضافي وتحسين البنية التحتية التعليمية، لضمان وصول الأطفال إلى التعليم بشكل أفضل وتخفيف العبء عن الأهالي في تأمين فرص تعليمية لأطفالهم.

فيما يتعلق بالتعليم الجامعي، يواجه الآلاف من الطلاب الجامعيين تحديات كبيرة تجعل مستقبلهم غامضاً، نتيجة المشاكل العديدة التي تعترض التعليم العالي، إذ يعاني الطلاب الجامعيون من صعوبة بدفع الرسوم الجامعية، ما يجعل وضعهم المالي غير مستقر.

بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع من نقص كبير في الكادر التدريسي، حيث فقد العديد من المعلمين حياتهم جراء القصف وتعرض آخرون للاعتقال، وهاجر العديد منهم خارج البلاد بحثاً عن ظروف أفضل، بينما اضطر آخرون إلى البحث عن فرص عمل بديلة نتيجة لقلة الدعم وعدم تأمين الرواتب بشكل مناسب، ما يؤثر على حياتهم وقدرتهم على تقديم تعليم ذو جودة.

يعتبر قطاع التعليم من أكثر القطاعات المهمشة شمال غربي سورية، فهو لا يقل أهمية عن الغذاء والمأوى والصحة.

وبالتالي فإن غياب الدعم عن هذا القطاع يشكل كارثة كبيرة على مستقبل الأطفال، والاستمرار في هذا المنحى سيجعل الجيل القادم يعاني من الأمية وسيخلق جيلاً مستهلكاً غير منتج في المجتمع، حيث يعتبر التعليم المعيار الذي يميز المجتمعات المتقدمة عن المتخلفة وهو الذي يكفل القضاء على سائر النوائب التي تصيب  المجتمع  كالجهل والفقر.

ينبغي بشدة البحث عن حلول فورية وشاملة لدعم العملية التعليمية في الشمال السوري. يجب أولاً المطالبة بإيقاف الهجمات على القطاعات التعليمية التي تتعرض لانتهاكات صارخة للقانون الدولي.

ويتعين أيضاً تكثيف التنسيق بين منظمات الإغاثة الإنسانية والمسؤولين ومنظمات المجتمع المدني لإعادة بناء وترميم المدارس ودعم المنظومة التعليمية، وتأمين رواتب جيدة للمدرسين لضمان استمراريتهم وتحفيزهم على تقديم تعليم ذو جودة.

يتطلب ذلك جهوداً تعاونية من قبل المنظمات المختلفة لضمان توفير الموارد الضرورية. هذه الجهود تستهدف بناء جيل قوي وقادر على المساهمة في تقدم مجتمعه، وهي فرصة لغرس القيم الأخلاقية وتعزيز التنوير الاجتماعي.

وبالتالي فإن إعادة فتح المدارس ليس فقط إشراكاً في التعليم، بل هو أيضاً تحرير للطاقات الإبداعية لأطفالنا بعد تحملهم عبء الحروب والظروف الصعبة في شمال غرب سورية.

المصدر السورية نت


المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت

قد يعجبك أيضا